بقلم / سهير جودة
يصدق الناس ما يريدون تصديقه، مع نهايات عام وبدايات آخر يعقد الأمل قرانه على السعادة وننتظر، وقد ننتظر ما لا يجىء ونضع مقصاً مفتوحاً لقص شريط الحلم، يتراجع اليأس ويتصدر التفاؤل، وكأن العام الجديد ليس مجرد رقم وإنما حلم جديد، فهل عام جديد يعنى هدايا ومفاجآت سارة وحظاً أفضل، البعض منا يبدأ رحلة البحث عن توقعات المستقبل وكأن الأبراج الفلكية ستهدينا من السماء حظاً أفضل وتغييراً شاملاً، وكأن ما يقوله الفلك سوف يسير بنا فى سفينة إنقاذ عكس اتجاه تيار الإحباط وغلاء الأسعار وهبوط القيم وسيطرة الفساد، وبعيداً عن الأبراج الفلكية وتوقعاتها على أرض الواقع نعيش معانى حقيقية لمسميات الأبراج، فسرطان الأسعار يدمر كل خلايا المناعة، وسرطان الإرهاب يفترسنا كالثور الهائج، وجذور الفساد أشجار وثمار تنطلق كالحمل النارى، أما الحق فأصبح جوزاء له ألف وجه، والقيم لم يعد لها ميزان، وسهام قوس الجهل نتلقاها من كل اتجاه فى العلم والدين والثقافة والحوار، أما الأكاذيب والتزييف كالعقرب يلدغ كل لحظة، وينتشر ويتألق ويتعملق الفساد فهو الأسد فى غابة البشر، ويبتلع الحوت الأحلام فى عمق البحر، وأجواء انعدام الثقة والإحباط تؤثر فينا أقوى من تأثيرات كوكب زحل، الذى يؤكد الفلك أننا نقع تحت تأثيره مضافاً إليه تأثير برج الكذب، والواقع أيضاً لديه خريطة أبراج أخرى تنتمى إليها فئة ليست بالقليلة، فهناك برج اليأس حيث تسيطر عليهم روح العدم وليس لديهم استعداد لتغيير أى شىء فى الواقع ويدمنون الاستسلام للسيئ، أصحاب هذا البرج يتعثر فيهم المجتمع طيلة الوقت، وبرج الفساد أصحابه تشكيلة فاخرة وفريدة من البشر، خاصة عندما يتحالف الفساد مع الفوضى والمصالح مع الهوس بأفكار معينة، هؤلاء يدفعون المجتمع للخلف، وهناك برج البهلوان حيث يمتلك أصحابه مواهب ومؤهلات عليا للنفاق مع مرتبة عديمى الشرف، فبعضهم عبيد لأى سلطة أو مصلحة، وبعضهم يتسلح بالشر للشر ويتفنن فى الشر ويتقنه، وبعضهم يبيع نفسه بأى سعر، والبعض يجتهد فى المزايدة والنفاق، ويتسيد أصحاب هذا البرج، وفجأة يصبح القزم عملاقاً، وكأن المنحدرين من نسل البهلوانات يملكون الحق والسلطة والمال، أما الأسوياء فينقرضون، يأتى عام جديد وما زالت الأمراض راسخة وستبقى ما دام المجتمع عقله فى أذنيه، إذا أردنا العام الجديد أفضل فلنكن أفضل علماً وعملاً، فالعام الجديد مجرد رقم ولتكن إرادتنا أن نكون من برج التقدم.