بقلم الكاتبة الجزائرية : يامنة بن راضي
تجهمت السماء العربية مرارا وازداد لون غيومها قتامة وسوادا، وتوارت الشمس عن إرسال أشعة نورها المبهج فوق أديم أرضنا العربية المجروحة خلال العام المنصرم؛ ولئن ظهرت حياة المواطن العربي كئيبة قاحلة كخيبات الأمل التي اضطر لمعاشرتها خلال هذه الفترة الزمنية وقبلها بكثير، بعد أن انهالت عليه المصائب من كل حدب وصوب، فإن الشماعة التي يعلق عليها العرب فشلهم وهوانهم كسرت على ما يبدو من ثقل ما حملته من خذلان، فالاوزار المخزية تتحملها بشكل أكبر وأساسي هذه الذات العربية المحنطة في سراديب الخنوع والحمق والهزيمة التي سارعت بتشكيلها تلك الطعنات النجلاء بين الأشقاء ..فهل من صحوة عربية في 2021 تبعث الحياة في أزهار الأمل لدى ملايين الجماهير العربية الملتاعة اليائسة؟ …
قبل عقود خلت تحدث فيلسوف الحضارة المفكر الجزائري العملاق ” مالك بن نبي ” عن القابيلية للاستعمار فقال:” إن أي شعب لن ينجو من الاستعمار وأجناده إلا إذا نجت نفسه من أن تتسع لذل مستعمر وتخلصت من تلك الروح التي تؤهله للاستعمار “..فلماذا إلى غاية اليوم لم تتخلص شعوبنا من تلك الروح الباهتة المستسلمة التي ترخي العنان للذل رغم اللدغات القاتلة لحيات الاستعمار والاستعباد التي دمرت حياتهم أيما تدمير في زمنهم الماضي؟ وماذا تنتظر ؟ هل تنتظر حتى حدوت معجزة وأن يهبها الله عصا موسى ؟؟ هيهات هيهات إن زمن المعجزات ولى، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم …
توشحت ما بقي من أمة عربية بالسواد على طول الخط في 2020، وكانت الأرض العربية الأكثر تهالكا وبؤسا ودمارا من أي بقعة أخرى على هذا الكوكب وكأنها أرض نشاز لا يحلو لساكينيها إلا اللعب بالأرواح والدماء ورؤية الأنقاض وبقايا الجثث المتفحمة، وبين مطرقة أنظمة فاسدة لا تجيد إلا الإحتيال لشعوبها والإصطياد في المياه العكرة،وسندان بعبع عالمي يغطي وحشيته خلف شعارات رنانة برزت بعض ملامحها القبيحة خلال أزمة كورونا ..تهاوت أغلب البلدان العربية في حفرة الفشل والتخبط المجنون بسبب تصفية الحسابات الداخلية والإقليمية التي زادت من تشويهها الأنانية المفعلة تحت شعار ” أنا وبعدي الطوفان “، فهذا اليمن الجريح يسقط كبش فداء يدفع أبناؤه أرواحهم وآمانهم وخبز أطفالهم ثمنا لجنون إقليمى وحروب بالوكالة لا ناقة لهم فيها ولا جمل ففتحت الأرض فاها لابتلاع المزيد من جثث اليمنيين، وكذلك أبناء الشعب السوري المتألم الحائر فقد كانوا لقمة صائغة في فم قوى دولية لا تفهم إلا لعبة المصالح حتى وإن كان الثمن آلاف القتلى والمشردين واللاجئين، كما كانت بلاد الرافدين هي الأخرى فى وجه العواصف السياسة والأمنية التي حولت حياة العراقيين إلى يوميات من الكر والفر ..وكم سقط الآمنون في عاصمة الرشيد قتلى في موت عبثي مرات عدة، والأمر سيان بالنسبة لبلاد الأرز لبنان فإن معضلته كانت كبيرة بسبب الفشل السياسي الذريع الذي ازداد تأزما بعد حادثة انفجار المرفأ أين هلك الكثير وما زالت تبعاتها اللعينة حتى اليوم تعكر صفو حياة اللبنانيين ..أما قضية فلسطين فكانت النكسة الثانية خلال العام الفائت بعد مؤامرة التطبيع المقيتة التي بصم عليها بالعشرة أشقاء من صحراء الخليج الإمارات والبحرين ومن أفريقيا السودان والمغرب، وهي الصدمة التي أصابت قضيتنا الأولى في مقتل ..فهل تحمل لنا السنة الجديدة مفاجأت وصدمات أخرى ؟. ناهيك عن الدوامة البائسة التي تخبطت فيها كل دول المغرب العربي بلا استثناء، والتي انتقلت من فشل إلى آخر بدرجات متفاوتة ..يبدا أن ليبيا الشقيقة كانت الوجه الآخر للتدخل الأجنبي الكارثي الذي حولها إلى أرض خراب لشركاء وطن متناحرون لغتهم الوحيدة السلاح ونزيف الدم.. و بعد هدف تشكيل دولة بعد المشرقين عن أحفاد عمر المختار ..
أحاط الضياع المنطقة العربية خلال العام الماضي إحاطة السوار بالمعصم ..وها نحن نلج عاما جديدا ككل البشر ..نستبشر خيرا من المولى القدير .. ونتمنى أن لا تبقى دار لقمان العربية على حالها ..حتى لا يسكننا الإحساس بالضعف الأزلي ولا نستشعر أن بطن الأرض خير لنا من ظهرها ..فماذا تحمله لنا رياح 2012.