بقلم الكاتبة الجزائرية: يامنة بن راضي
كثيرا ما نسمع أو نقرأ هذه المقولة الشهيرة “خذوا الحكمة من أفواه المجانين ” وقد نتفاعل معها إلى حد كبير لإكتشافنا المذهل صدق بعض نبؤاتهم الغريبة في حياتنا، وإذا كان دونالد ترامب يلقب بالرئيس المجنون في تاريخ أمريكا بل ويذهب الكثير من أبناء جلدته إلى اتهامه بتشويه الصورة الجميلة والمخملية للسياسة الأمريكية الفائقة الشناعة، فإن العكس هو سيد الموقف على ما يبدو..فهذا الرجل المعتوه وهو في غمرة شطحاته الجنونية التي اشمئز منها الأمريكيون والعالم أجمع..حقق نجاحا باهرا يحسد عليه لعصابة الاحتلال الصهيوني على حساب قضايانا وحقوقنا ودموع ثكلانا، فقدم لها الكثير من الوجبات الدسمة اللذيذة على أطباق من الذهب الإبريز ..فيما تلعن ما تبقى من وهم “أمة عربية” حظها العاثر وتغط في نوم عميق في ليل جاثم طويل ..
الحقيقة المرة أفضل ألف مرة من الوهم المريح كما يقال، أرضنا العربية تلتهم والسبل تضيق علينا والكرامة العربية تنحر على أعتاب المصالح والولاء والمجاملات، قدم ترامب المثير للجدل أغلى الهدايا لسلطة الكيان الغاصب لفلسطيننا المحتلة.. هدية من لايملك لمن لا يستحق ورغم أنوفنا جميعا وأوجاعنا وحيرتنا أهداها القدس المقدسة عاصمة فلسطين والعرب والمسلمين قاطبة، وتذهلنا المفاجأة المدوية ونتساءل في صمت حزين: لماذا هذه الطاعة العمياء لكيان إرهابي يقتل الأطفال والنساء ويدمر الحجر والشجر، ولا يتوقف جنون رجل العقارات هنا أقصد ذكاء الولاء التام، فترامب الذي جعل العالم بشعوبه المختلفة تتناقل خرجاته البهوانية بسخرية واستهزاء راح يعمل بجد واجتهاد لينال المزيد من صكوك المحبة والرضا من قبل الحركة الصهيونية المجرمة، معبدا بذلك الطريق لحياة التطبيع الشامل والمجاني معها غرست بذورها الشائهة واحات الخليج وافريقيا فكانت الإمارات العربية ثم البحرين فالسودان، وكأن لا عمل للسيد ترامب الا السهر على خدمة إسرائيل الهمجية، ما يعني أنه مهندس هذا الهوان والكساد القومي العربي بلا منازع، فكيف ينعت هذا البارع في التآمر بالفشل؟ وعلى الرغم من محاصراته بخطابات الشك والرفض وصولا الى الرحيل من البيت الابيض من طرف الشعب الأمريكي ما ظهر جليا في الانتخابات الأخيرة المتوحة بفوز خصمه الديمقراطي جو بايدن.. إلا أن ترامب استمر في حمل راحة العصابة الصهيونية على أكتافه التي نئت ربما بحمل أثقال وطنه أمريكا، ومع أن أيام رئاسته باتت معدودة.. فهو لا يزال يستمر في تقديم القرابين العظيمة لها، فنجد وزير خارجيته مايكل بامبيو في مرتفعات الجولان السورية المحتلة يشرب نخب الدعم والانتصار مع الصهاينة وكله أمل بمسقبل زاهر لهم بين ظهرانينا ..وكأن اسرائيل المحتلة مالك طاهر يتعرض للظلم والتعسف والحرمان وهي التي تفتك بأرواح الفلسطنيين وتتفنن في إبادتهم وإذلالهم ..
لقد استزف هذا المجنون عهدته الرئاسية في تحقيق أمنيات الأم الصهيونية وربما منحها اكثر مما كانت تتمنى في وقت وجيز ..فهل مازال هناك حديث عن جنون هذا الرجل ؟.
سيسدل الستار عن مسرحية ترامب بتغريداته الجنونية وقرابينه الكثيرة ويأتي بايدن وتبدأ فصول مسرحية أخرى لا أظنها مختلفة الا في بعض التفاصيل الصغيرة وسيبقى محتواها واحدا يتكرر كل مرة …فهل ترانا حفظنا الدرس؟ ..وهل مازال الرهان على ساكن البيت الأبيض ؟.