كتب د / حسن اللبان
شهدت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس (SCZone) واحدة من أكبر موجات الاستثمار الصناعي في تاريخها خلال عام 2025، بعد نجاحها في جذب ثلاثة مصانع صينية عملاقة من فئة Mega Projects، تتجاوز استثمارات كل منها مليار دولار، في خطوة تعكس التحول النوعي للمنطقة إلى مركز صناعي إقليمي للصناعات الثقيلة وسلاسل التوريد المتقدمة
بالتوازي مع هذه المشروعات، تستعد المنطقة لإزاحة الستار عن مشروع صناعي رابع بتمويل صيني في شرق بورسعيد، لم يُكشف عن تفاصيله بعد.
سايلون للإطارات.. أول مجمع ضخم لصناعة الإطارات في مصر
في فبراير 2025، وضعت المنطقة الاقتصادية حجر الأساس لمصنع سايلون الصينية – Sailun Group داخل نطاق «تيدا – مصر» بالسخنة، باستثمارات تبلغ مليار دولار (48 مليار جنيه)، على مساحة 350 ألف متر مربع
وتنفذ الشركة المشروع على 3 مراحل خلال ثلاث سنوات، وتبدأ المرحلة الأولى تشغيلها في 2026 بطاقة:
• 3 ملايين إطار سيارات ركوب (PCR)
• 600 ألف إطار للشاحنات والحافلات (TBR)
ومع اكتمال المراحل، تتجاوز الطاقة السنوية 10 ملايين إطار، ليصبح المصنع الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، وقاعدة تصديرية لخدمة أسواق أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا، مع توفير 1500 وظيفة مباشرة.
ويأتي المصنع ضمن استراتيجية مصر لتوطين صناعة السيارات وسلاسل القيمة المرتبطة بها، وتقليل فاتورة الواردات السنوية من الإطارات.

مجمع شين فينج للصلب والصناعات المعدنية: 1.65 مليار دولار و9 مصانع في مجمع واحد
وشهدت السخنة أيضًا إطلاق المرحلة الأولى من مجمع شين فينج – Xin Feng المتكامل للصناعات المعدنية، بإجمالي استثمارات 1.65 مليار دولار (82.5 مليار جنيه)، على مساحة 3.75 مليون متر مربع، ليصبح أحد أكبر المشروعات الصناعية في المنطقة الاقتصادية منذ تأسيسها.
ويتكون المجمع من 9 مصانع تُنفذ على مرحلتين خلال خمس سنوات، إضافة إلى:
• مركز بحث وتطوير (R&D)
• مركز لإعادة تدوير النفايات الصناعية
المرحلة الأولى – 4 مصانع
• مكونات أقراص فرامل السيارات
• مكونات الأجهزة المنزلية
• المثبّتات القياسية (صواميل ومسامير)
• لفائف الصلب المدرفلة على الساخن (Hot Rolled الثانية – 5 مصانع
• مكوّنات السيارات من سبائك الألومنيوم والمغنيسيوم
• معدات الهياكل الفولاذية
• طبلة الفرامل
• مكونات آلات البناء
• لفائف الصلب المدرفلة على البارد (Cold Rolled Coils)
ويوفر المجمع 8 آلاف وظيفة، ويشكل ركيزة رئيسية لتوطين مكونات السيارات والأجهزة المنزلية، وتعزيز سلاسل الإمداد الصناعية داخل مصر.

CJN الصينية.. أكبر مجمع فوسفات ومواد بطاريات في الشرق الأوسط
وفي مدينة «سخنة 360»، تم توقيع عقد إنشاء مجمع صناعات كيميائية فوسفاتية مع شركة CJN الصينية، باستثمارات تقارب مليار دولار على مساحة 905 آلاف متر مربع، ليصبح أكبر توسع خارجي في تاريخ الشركة، وفقًا لقيادتها.
وينفذ المشروع عبر 3 مراحل تمتد حتى 2034، تشمل:
المرحلة الأولى (2026 → تشغيل 2028)
• إنتاج حمض الفوسفوريك
• سماد DAP
• سماد TSP
• بطاقة 300 ألف طن لكل منتج سنويًا
المرحلة الثانية (2029 → تشغيل 2031)
• كيماويات فوسفاتية عالية النقاء
• حمض الفوسفوريك المنقى (PPA)
• فوسفات ثنائي الهيدروجين البوتاسيوم
الثالثة (2032 → تشغيل 2034)
• مواد البطاريات الكهربائية
• فوسفات الحديد الليثيوم (LFP)
• فوسفات دي هيدروجين الليثيوم
ويوفر المشروع 10 آلاف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، ويخصص أغلب إنتاجه للتصدير نحو جنوب آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا الجنوبية.

مشروع رابع قيد الإعلان في شرق بور سعيد
وكشف رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وليد جمال الدين، خلال لقاء صحفي في نوفمبر 2025، أن الهيئة تستعد للإعلان عن مشروع صناعي ضخم جديد باستثمارات صينية في منطقة شرق بورسعيد، دون الإفصاح عن هوية الشركة أو طبيعة النشاط، مكتفيًا بالإشارة إلى أنه يأتي ضمن خطة الدولة لتوسيع قاعدة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوطين التكنولوجيا الحديثة.
ويأتي هذا التطور بينما تجاوز إجمالي الاستثمارات داخل المنطقة 11 مليار دولار، يُمثل الجانب الصيني منها ما يقرب من نصف إجمالي الاستثمارات الأجنبية بالمنطقة.
قفزة استراتيجية للمنطقة الاقتصادية في 2025
تمثل هذه المشروعات الثلاثة – إلى جانب المشروع الرابع المنتظر – أكبر موجة استثمارية صينية في المنطقة الاقتصادية منذ تأسيسها، وتعكس انتقالها من الصناعات الخفيفة والمتوسطة إلى الصناعات الثقيلة وعالية القيمة المضافة، بما يشمل:
• الصلب المدرفل
• مكونات السيارات
• مكونات الأجهزة المنزلية
• الإطارات
• الكيماويات الفوسفاتية
• مواد البطاريات الكهربائية
كما تدعم هذه المشروعات رؤية المنطقة الاقتصادية للتحول إلى مركز صناعي ولوجستي متكامل يخدم أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا.
2025.. عام التأسيس والانطلاقة الكبرى للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس
يمثل عام 2025 نقطة التحوّل الأعمق في تاريخ المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بعدما شهد دخول أكبر موجة من الاستثمارات الصناعية الصينية الثقيلة، ووضع الأساس لمنظومة تصنيع متكاملة تمتد من الإطارات والصلب إلى الفوسفات ومواد البطاريات. إلا أن ما تحقق هذا العام ليس سوى المرحلة الأولى من انطلاقة أوسع؛ إذ تشير المؤشرات الحالية إلى أن السنوات المقبلة ستشهد انتقال قواعد صناعية صينية أكبر وأكثر تقدمًا إلى مصر، تشمل صناعات السيارات والكهربة، والمكوّنات الهندسية الدقيقة، والجرارات والقطارات، والتجهيزات الطبية، والأدوية، ومكونات الطاقة المتجددة، وصناعات متقدمة عالية القيمة.
ومع استمرار التفاوض على مشروعات جديدة، بعضها يُصنّف ضمن فئة Mega Projects لكنه لم يُعلن عنه بعد، تبدو المنطقة الاقتصادية مقبلة على موجة توسع صناعي أكبر من 2025 بمراحل، في ظل اتجاه الشركات الصينية لتحويل السخنة وشرق بورسعيد إلى قواعد إنتاج بديلة للأسواق العالمية، ومركز عبور صناعي ولوجستي يخدم الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا. ما يعني أن المفاجآت الأكبر ما زالت في الطريق، وأن 2025 كان مجرد عام وضع الأساس لبداية عصر صناعي مختلف تمامًا في قناة السويس.























































