كتب / عصام على
قال الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا ادخلوا فى السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين”. جاء الأمر الكريم لعموم المسلمين بالدخول فى الإسلام كله والإلتزام بتعالميه كلها وعدم ترك أى شيء منها. ولكى يدخل المؤمنين فى الإسلام كله وجب عليهم عدة أمور منها:
أولا: الإيمان بأن الإسلام كل متكامل لا ينقصه شيء ولا يصيبه عوار “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا”. فهو عقيدة وعبادة وأخلاق ومعاملات ولكى يتحقق هذا فلابد من سعى حثيث وجهد جهيد وعمل دؤوب من أجل إقرار العقيدة وتمتينها فى النفوس وتهيئة الظروف المثالية للعبادة وحث الناس على الإلتزام بأخلاق الإسلام وتقنين القوانين التى تجعل المعاملات إسلامية الطابع ظاهرا وباطنا.
ثانيا: تقديم القرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع الأمة على كل رأى أو قول والإلتزام بكل ما هو قطعى الثبوت قطعى الدلالة والدوران مع النصوص حيث دارت وقبول الأراء المعتبرة من التأويل فيما يخص الظنى وتجنب ما لا دليل عليه إلا جموح خيال الفاسدين من شواذ الرأى وعُباد الغرب.
ثالثا: الجميع بين النصوص والتأليف بينها من خلال عمل العلماء الثقات لدحض أى تعارض شكلى مؤقت ولإزالة أى شبهة عارضة ولمنع الناس من التكلف فى أمور الدين والتنطع والتطرف بسبب علمهم بنصوص و جهلهم بأخرى.
رابعا: يجوز للمسلمين الإنخراط فى عمل جماعى يقوم بشيء من أمور الدين بمعنى أن يكون هناك من يحرس العقيدة ومن يقيم الدين ومن يعلم الناس الفقه والمعاملات ومن يكفل الناس ويوفر لهم حاجياتهم الأساسية ومن يؤلف بين قلوبهم ومن يرعى مصالحهم ومن يسعى للتقريب بين الطبقات ومن يدافع عن حقوق الناس لكن دون أن يعتقد كل فريق أنه هو فقط من يمثل الإسلام وعلى الدولة أن تقوم بكل هذا وأن تدعم وتراقب وتكافيء وتعاقب وتصحح وتصوب على أن يكون ذلك وفق الشريعة والمصلحة التى لا تخالفها.
خامسا: لا بد للمسلمين أن يأخذوا دينهم دراسة لا وراثة حتى يكون الأجر تاما والإخلاص خالصا وكلما زاد علم الإنسان زاد إيمانه وقويت حجته ولان قلبه ورجح عقله وذهب التيه عنه حتى فيما قد يستشكل على عقله لغياب العلة أو الحكمة -من وجهة نظره- لأنه متى زالت عن قلبه كثير من الشكوك فسيعلم أن الخطأ فى فهمه وليس فى الشريعة.
سادسا: بيان أحكام الإسلام كلها للناس وشرحها ببساطة ووضوح يجعل كل مسلم قادر على فهم العقيدة وممارسة العبادة بالشكل الصحيح السليم على أن يتم هذا بالتدرج فالبعد عن الشريعة لعقود أو قرون جعل الناس يعانون من تشويش مقصود وخلط متعمد وفساد للفطرة يجعل على البصر غشاوة وعلى العقل حجاب لكن التدرج والبساطة والإخلاص يجعل الوصول للقلوب والعقول ميسورا والنتيجة مؤكدة.
سابعا: تخليص الدين الحنيف مما علق به من خرافات وأوهام لا تمت له بصلة كعبادة القبور وظلم المرأة ومهادنة الظلم وموالاة الأعداء المحاربين والركون إلى الظالمين وتمجيد أهل الباطل وتقديم أهل الفسق والفجور على الأتقياء والعلماء فى كل تخصص.
ثامنا: الفهم الدقيق أن الإسلام جاء ليخرج الناس من عبادة العباد والدواب والهوى إلى عبادة رب العباد. جاء ليخرجهم من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة. جاء ليتمتع الناس بحياتهم وفق مراد الله فى الفانية ويفوزون بالجنة فى الباقية. الإسلام ليس دعوة تزهد وتقشف –ولا غضاضة على من فعل- لكنه دعوة لعمارة الأرض والتممتع بزينة الله فيها “قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة”.
هذا غيض من فيض لكن الشاهد أنه لا يجوز لمؤمن أن يأخذ من الإسلام ويترك ما. ولهذا فالذنوب التى يقترفها المؤمن تكون عن جهل أو عن ضعف. جهل بالحكم أو ضعف بشرى نقع فيه جميعا لكن الواجب هو عدم إنكار شرائع الإسلام وحدوده.