كتب / عصام على
غريب أمر حاسة السمع خصوصا لدينا نحن المسلمين حيث تجد أن السنة النبوية تجعل أول تعامل لنا مع المولود من خلال اذنيه فنؤذن فى اذنه اليمنى ونقيم الصلاة فى اذنه اليسرى.
ولعل من العجيب أيضا أن أخر الحواس –علميا-التى تتوقف عن العمل هى حاسة السمع مما يعنى أن الإنسان وبعد أن يتوقف القلب والعقل والجسد وربما تكون الروح قد صعدت يكون قادرا على سماع أهله وذويه دون أن يكون له القدرة على الرد أو التجاوب وهو فى عالم آخر حتى أن السنة المطهرة تحدثنا أن الميت يسمع قرع نعال مشيعيه وهم يتركونه لروضة من الجنان أو حفرة من النيران.
ومن عجائب حاسة السمع أن القرآن الكريم كتاب رب العالمين يذكر السمع قبل البصر وقبل العقل “هو الذى جعل لكم السمع والأبصار والأفئدة” “إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا” ولفظ الجلالة السميع يسبق صفات أخر للمولى عز وجل “إنه هو السميع البصير” “وهو السميع العليم”.
ولقد ذم الله أقواما لأنهم “سماعون للكذب” لما لذلك من تأثير سيء على النفس عندما تعتاد الكذب وتتئالف معه وترتاح له مع الوقت وتتحول إلى داعية على باب جهنم.
ومن عجائب حاسة السمع مع القرآن الكريم أن يستمع أحدهم له ممن لا يعرف حرفا واحدا بالعربية فيصل إلى قلبه ويبكى ويتأثر رغم أنه لم يعرض الكلام على عقله لكنه وصل إلى شغاف قلبه فتاثر به وأغرورقت عيونه بالدموع فقط من حاسة السمع.
ولعلك ترى الكثير من الناس من محبى القرآن يطربون لسماعه من شيخ دون غيره أو من مشايخ دون غيرهم.
والناس يستمعون إلى ألوان مختلفة من الموسيقى فيحبون هذا ويمقتون تلك ويتأثرون وينشجون ويخافون ويسعدون ويطربون رغم ان الموسيقى ليست كلمات مفهومة.
ولم نسمع تقريبا عن نوابغ من فاقدى حاسة السمع بينما برع المبدعون كثيرا من ذوى العاهات الأخرى من فاقدى البصر والمقعدين.
ولربما كانت وجهة نظر من حرموا سماع الأغانى والمعازف منطلقة من تأثير سماع الأغانى والموسيقى على نفسه وروحه فربما كانت بعض الأغانى والأصوات وطريقة الإلقاء مؤثرة سلبا على روح الإنسان وشخصيته.
والعجيب أن تجد أن من التراث الشعبي مقولة “الدى على الودان أمر(أكثر مرارة) من السحر.
لقد ظلت والدتى -رحمها الله- فى غيبوبة أسبوع كامل ولما ذكرت أختى لها اسم أحدنا استجابت بصوت يدل على أنها سمعت رغم أن كل حواسها كانت متوقفة.
كم أنت عجيبة يا حاسة السمع!