بقلم / حسن اللبان
صدق من قال أن مصر أم الدنيا فمن تجول فى شوارعها وميادينها يشعر بأنه فى حالة عشق وحب، فنسمات الهواء منها يحمل عبقاً من حضارة لا يضاهيها أى حضارة أخرى فى العالم، وبنظرة خاطفة فوق أرضها يستطيع العابر أن يشعر بكم الغنى الذى تحمله هذه الأرض الطيبة، فهناك الأهرامات وأبوالهول الذى يدل على عظمة أجدادنا المصريين، وهناك أيضاً المعابد الحضارية والمسلات والتماثيل الرائعة التى تدل على أبداع ليس له مثيل وكنائس ومساجد عريقة ونهر النيل الذى يشق مصر وقناة السويس التى تربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر فكل بقعة فى بلادنا تحمل تاريخاً عظيماً.
ويبقي السؤال الذى يسأله كل مصرى مخلص لبلده؟ اذا كنا نحمل كل هذا الحضارة والغنى والاثار التى تبهر العالم فلماذا نعانى؟ ولماذا ندخل فى أزمات متوالية منذ عشرات السنين،
إننى أرى أن مشكلة مصر الحقيقية في الإدارة، فالبلاد التى استطاعت أن تخطو خطوات كبيرة فى النمو ومواجهة مشكلاتها نجحت بعلم الإدارة فلا يمكن أن ينجح بلد يوجد به فساد إدارى والفساد الإدارى لا يتمثل فقط فى نظافة اليد ولكنه يتمثل أيضاً فى بعض العناصر المهمة.
أولاً: الاستنارة تبدأ من التكوين الشخصى والفعلي ففي جمهورية أفلاطون المثالية كان يضع طبقة الحكام والذين يديرون الدولة من الفلاسفة والمفكرين والمبدعين، وأن كان هذا قد يكون صعبً لأن المفكرين والمبدعين قليلون، ولكن لابد أن يكونوا على الأقل مثقفين مستنيرين، والتاريخ يحكى لنا عن تأثير الفكر والمفكرين فى نهضة شعوبهم فقبل أى ثورة سياسية كانت تسبقها ثورة فكرية، فحين أراد محمد على أن يبني دولته الحديثة ولم يكن يملك إمكانيات التغير الفكرى والثقافى فى مصر أرسل إلى الخارج من يتعلمون الحضارة والفكر والثقافة ثم أعادهم ليقودوا التغير فى المجتمع علي كل المستويات ورغم أن محمد على كان أمى لا يقرأ ولا يكتب، ولكنه كان مبدعاً وفى أوروبا قبل عصر ثورات الحرية عبرت عليهم عصور ظلام واستبداد وجهل ولم تدرك شعوبهم معاني الحرية ولم يتغير المجتمع وتنهض أوروبا إلا على أيدي المفكرين والمثقفين وحين اتيحت لهم فرصة القيادة والأدارة للمجتمع انهزمت طلال الجهل، ولاح الفجر لتتنسم الشعوب نسمات الحرية وظهرت قوة أوروبا الحديثة، فابدع المفكرون وأخترع العلماء ونهض الاقتصاد وصارت أوروبا قائدة التنوير فى ذلك العصر فحيث لا يوجد النور لا يمكن أن تستمر الظلمة.
فالنور والظلمة إذن مسئولية هؤلاء الذين يقودون المجتمعات والشعوب، فإما أن يحملوا النور ويقودوا مرحلة التنوير فيعبر المجتمع من الظلمة والجهل إلى النور والاستنارة أو أن يسمحوا لقوى الظلام أن تقود المجتمع فتغلق العقول ويموت الابداع وتنتهى الحرية داخل النفوس وتختنق الأرواح من حالة الفساد المستمر والسقوط الاقتصادى والأجتماعى ولكن هذا يحتاج أيضاً إلى التنويريين والمبدعين والمفكرين الذين يغيرون الفكر والثقافة والفن والتعليم لينهضوا بالمجتمع ويحتلوا أماكن القيادة فى كل مفاصل الدولة حتى تتحقق النهضة وتصبح مصر أم الدنيا.
أخر الكلام
والله لو سعدني زمان لأسكنك يا مصر وأبنى فيكى جنينه وفوق الجنينة قصر
رئيس مجلس الإدارة
رضــــــــــــا يوســـــــــــف
رئيس التحرير
د / حــــــسن اللـــــــــــــبـان
مستشار التحرير
د / السيد رشاد برى
Menu