كتب / رضا اللبان
من هم المنجمون الذين حاولوا أن يثنوا المعتصم عن فتح عمورية ؟؟؟
الذي درسناه في المدارس والذي هو شائع ومنتشر لدى العامة والخاصة من بني جلدتنا أن الخليفة المعتصم بالله لما أراد الخروج لفتح عمورية انتصارا للمرأة المسلمة التي استغاثت به، حاول المنجمون أن يثنوه عن الخروج لأنهم يجدون في كتبهم أن عمورية لا تفتح في هذا الوقت، وإنما تُفتح في موسم نضج الزيتون والعنب..وكنا نفهم من هذا السياق، أو أرادوا أن يفهمونا من خلاله، أن هؤلاء المنجمين كانوا في بلاط الخليفة المعتصم وأنهم إنما أرادوا ثنيه عن الخروج حبا له وحرصا على سلامته وسلامة جيشه. فكيف يكون للمنجمين هذا الدور في بلاط الخليفة ومن كونه يسمح لهم بتخذيل المسلمين هكذا..
وأصل القصة أن المعتصم الخليفة ، كان في مجلسه ، وفي يده قدح يهم أن يشرب ما فيه ، فجاءه رسول يبلغه أن الروم فاحت ” زَبَطْرةَ” ، وأخذوا النساء سبايا ، وأن إمرأة منهن صرخت ” وا معتصماه “، فوضع المعتصم القدح من يده ، وأمر بأن يحفظ حتى يؤوب من فتح “عمورية” فيشربه ، وخرج بجيشه من فوره يقصدها، فراسلته الروم بأنهم يجدون في كتب رهبانهم ومنجميهم : ” أنه لا تفتح مدينة عمورية إلا في وقت إدراك التين والعنب ، وبيننا وبين ذلك شهور ، يمنعك من المقام بها البرد والثلج ” . فهزىء المعتصم بجهل الروم ، وأوقد عليهم نار الحرب فأكلت من صناديدهم تسعين ألفا ذكرهم أبو تمام في رائعته ، فقال:
تسعون ألفا كآساد الثرى نضجت جلودهم قبل نضج التين والعنب
وأكبَّ المعتصم على عمورية حتى فتحها ومحى أثرها من الوجود فأبطل بنصر الله إياه ما قالت كتب البطارقة والمنجمين.
[ أباطيل واسمار، ص273-274] .