بقلم الكاتبة الجزائرية / يامنة بن راضى
مع كل لحن عذب يشدو به الكون لأهل الأرض حاملا معه بيارق الأمل الجميل، تعزف فلسطين المغتصبة سمفونية الألم على إيقاعات قصص الخذلان المستفز، وهي كامرأة ثكلى لا تبرحها أحزانها العربية الشرقية في دياجير ليل الاحتلال الحالك السواد وكأنها سيدة الأحزان والإمتحان، بيدا أنها أعلنت الصمود وآثرت ألا تغسل بدموعها آثام الأشقاء وأن تضمد جراحها المعنوية بكل كبرياء …
تسرق المفاجآت يوميا شجرة عمر أرض الأنبياء فلسطين، بعد ان إدلهم ظلام دواجي الشعب الفلسطيني الأبي وتقلبت به نوائب الزمان بين احتلال صهيوني همجي وتآمر دولي مقيت وجفاء الدهر العربي الذي أدمى الفؤاد وقصم الظهر لا ريب، فهاهي سرادق المصائب تضرب على أهلنا في فلسطين المحتلة من كل جانب.. يعانقون صباحاتهم الباهتة التي يعتريها دنس العابثين من مجنون البيت الأبيض ترامب، الذي كافأ الاحتلال الغاشم على جبروته وعنجهيته بمدينة القدس المقدسة مسرى النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ليلتهم المزيد من الأراضي في تلك الصفقة المشؤومة، بل صفقة المكر والنهب والصفاقة في رابعة النهار بعد أن اقترف العرب خطاياهم المخزية إزاء قدسهم وقضيتهم الأولى ..
” سجل انا عربي ” رائعة فارس الشعر العربي شاعر فلسطين الراحل محمود درويش التي تغناها مترنما بعشقه الباذخ لوطنه ومتحمسا حد الهذيان بعروبته، ستبقى دون شك خالدة إلى يوم الدين، غير أن الواقع يصدح اليوم: ” سجل انا خائن لفلسطين ” وخائن لبيت المقدس وخائن للقضية ..رحل درويش وترك معشوقته فلسطين تواجه قدرها مع الاحتلال الغريب ومع الشقيق العربي القريب فكان أشد مضاضة من وقع الحسام المهند كما يقول شاعر اخر ..فرياح الخيانة العاتية التي هبت من صحراء النفط وناطحات السحاب لأولئك الأعراب الذين يحملون الشعب الفلسطيني المقهور أوزار المنطقة المنكوبة لن تلو عنق الحقيقة ولن تشوه معالم قضيتنا الفلسطينية ولن تقتلع شجرة الذاكرة لدى الملايين من شعبنا العربي الوفي الذي يرفض التدجين، ويأنف بإباء الجلوس على مائدة الخذلان العربي التي تجهزها الامارات العربية مؤخرا بل منذ مدة، ويهندس ديكور البيع عليها أبناء زايد حكيم العرب رحمه الله تعالى ..ليشربوا مع الجلاد الصهيوني خمرة الخيانة المعتقة بتملق لا حياء فيه وكأن جنة الفردوس في تل أبيب …
لا جرم أن الاحتلال السرطاني ذئب مفترس جائع لا يعرف الشبع ..يعوي بعد كل مأدبة عشاء عربية يطلب المزيد ..وبين جنبات أمة أضناها الشقاء وفي ظل انحلال عرى الصف العربي الذي تداعت أركان بيته الخرب في أرض تموج بالصراعات والاضطرابات والقتل المجاني ..فلا مناص اذن أن ينفض أشقاءنا الفلسطنيين عنهم غبار خذلان الأشقاء التي كشفت تفاصيله المريبة عن انسلاخ للمروءة رويدا ..رويدا ..فالشعب الذي يحتسي يوميا من كأس الموت والقهر لن تنكسر شوكته إطلاقا …وسيطعم الفلسطنيون وطنهم قمح فؤادهم ولن يقبلوا فتات الطريق ..وفلسطين لن تتوشح السواد ..ولن تلفظ أنفاسها الأخيرة مهما حصل .