بقلم / رندا بدر
” مصر بين الإصلاح و الفهلوة :- هل ينفع نستنى على المعجزة ؟؟؟
” لعبة الانتظار التي لا تنتهي ”
في غرفة الطوارئ الاقتصادية ، يسمع نفس السؤال منذ عقد :-
” مصر عايزة تصلح نفسها و لا بتلعب مع الزمن ” ؟ ، صندوق النقد الدولي – ذلك الطبيب المرهق – يكتب تقريرًا تلو الآخر ، يشيد بجرعات الإصلاح الصغيرة ، ثم يذيله بتحذير قاتل :- ” الزخم غير كاف … و المخاطر تتراكم ” ، الحكومة ترفع شعار ” الاستقرار ” كأنه تعويذة سحرية ، بينما الاقتصاد يترنح تحت وطأة ديون تلتهم 78% من الإيرادات ، و تضخم يذيب دخول الفقراء ، و قطاع عام متضخم يشبه دولة موازية تبتلع الموارد وتشوه السوق ، السؤال الأصعب :-
هل تصلح مصر نفسها أم تنتظر أن يصلحها الغرب بالدولار ؟؟؟
” إصلاحات بالقطارة … وأزمات بالدلو ”
التقرير يقر بتحسن هش :-
نمو يرتفع إلى 3.5% بعد انهياره ، و تضخم ينخفض من 38% إلى 24% ، و فائض أولي في الموازنة ، لكن هذه الأرقام – كالمرايا المُقعّرة – تخفي التشوهات : –
الدين العام لا يزال وحشًا يجثم على الصدر ، بفائدة تنهك الموازنة ( 46% من إيرادات أكبر بنكين حكوميين ديون ثانوية ) ،
القطاع العام يحتل 74% من الاستثمارات ، و يخنق المنافسة ، بينما تؤجل خصخصة الشركات كأنها
” لعنة فرعونية ” ،
– البنوك الحكومية تتحكم في ثلثي القطاع المصرفي ، وتقرض بلا ضوابط ، بينما الأصول الأجنبية للسوق تتحول إلى سالب ،
هنا تكمن المفارقة :-
مصر تصلح ما يظهر للعالم ( كسعر الصرف أو الفائض الأولي ) ، وتهمل الخلايا السرطانية فى البنية التحتية التي تنهش الجسد من الداخل ،
” الفساد … ذلك الفيل في الغرفة ”
الصندوق يلمح بلغة دبلوماسية إلى ” ضعف الحوكمة ” ، لكن الواقع أقبح :-
– الكيانات الخفية مثل هيئة البترول و المجتمعات العمرانية تنفق بعيدًا عن رقابة المالية العامة ،
و كأنها
” إقطاعيات مالية ” ،
– الشفافية غائبة :-
البيانات الاقتصادية تعتمد على معايير قديمة ( BPM5 )
، و مؤشرات الفساد ترسم بفرشاة مخملية ،
– بعض الاستثمارات العامة – تحاط بستار من الغموض ، بينما الشعب يحاسب على ثمن كوباية شاي ،
النتيجة ؟؟؟
اقتصاد يشبه
” الغرفة المغلقة ” : –
من يدخلها يخرج ثريًا ، ومن ينتظر على الباب يحاسب على الفاتورة ،
” لعبة الدائنين … متى تنفد الأوراق ” ؟
الحكومة تتفاخر بـ ” صفقة رأس الحكمة ” و” تسهيلات الصندوق ” ، لكن هذه حلول مؤقتة : –
– الاحتياجات التمويلية السنوية (30% من الناتج) تغطى بقروض قصيرة الأجل ، و كأننا ” نسدد القرض بقرض ” ،
– المناخ الدولي يتغير :- النزاعات في البحر الأحمر و السودان تخفض إيرادات القناة 62.6% ، و أوروبا تُشدد شروط المناخ التي قد تُعيق الصادرات ،
– الدعم الخارجي ليس خطة استراتيجية :-
” مافيش دولة تبنى نفسها بالشحاتة ”
السؤال :- ماذا لو جفت صناديق الدعم ؟
هل نملك خطة بغير المعونات ؟
” الاختيار المر :-
إصلاح حقيقي أو انهيار مؤجل ”
الصندوق يضع الخيارين بوضوح :-
إما إصلاح جذري ( خصخصة ، شفافية ، تحرير سوق ) أو استمرار في الهشاشة ، لكن الطبقة الحاكمة – كما يصفها التقرير –
” تتعامل مع الإصلاح كورقة مساومة ، لا كالتزام ” ،
الدرس التاريخي يقول :-
” الدول لا تنهض بالفهلوة … بل بالإرادة و العلم و ب الكفاءات ” ، لو ظلت مصر تعالج الأعراض و تترك المرض ، فمصيرها – كحال لبنان –
” قوانين حبر على ورق … واقتصاد يدفن تحت ركام الديون ” ،
” الوقت ليس محايدًا … إما أن تصلح نفسك ، أو يصلحك الفقر بالقوة .
#راندا_بدر#