كتبت / سلوى لطفي
في عالم تتسارع فيه الصور وتُستهلك الملامح على منصات التواصل الاجتماعي، يبرز اسم المصوّر اللبناني محمد سيف كأحد الأسماء التي أعادت تعريف العلاقة بين الكاميرا والجمال.
في هذا اللقاء، يكشف سيف في مقابلة مع موقع CNN بالعربية، عن أسرار مهنته، ومواقفه خلف الكاميرا، ورؤيته لمستقبل التصوير الفوتوغرافي في العالم العربي
لقد نجحت بعدستك في التقاط جوهر الجمال مرات لا تُعد ولا تُحصى، لكن ما هو تعريف الجمال بالنسبة إليك اليوم؟
المصوّر اللبناني محمد سيف: أصبح الجمال اليوم مرادفًا للرقي والبُعد عن الابتذال، خصوصًا في ظل ما نشهده من محتوى مبتذل يطغى على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء من حيث الشكل، أو التصرفات، أو حتى طريقة عرض الصور. بات من الضروري التمييز بين ما هو حقيقي وراقٍ، وما هو متكلّف وخالٍ من العمق.


من جلسات التصوير الخاصة بالموضة إلى صور المشاهير، كيف تُعدّل أسلوبك بحسب كل شخصية من دون أن تفقد لمستك الخاصة؟
المصوّر اللبناني محمد سيف: الفرق بين تصوير الموضة وتصوير المشاهير يكمن في الأولوية: في جلسات الموضة، التركيز يكون على القطعة المعروضة سواء فستانًا أو إكسسوارًا. أما في تصوير الشخصيات المعروفة، فتكون الأولوية لصاحب الصورة نفسه: ملامحه، وحضوره، وجاذبيته. وعندما أعمل مع شخصية معروفة، أسعى إلى إبرازها بأبهى صورة ممكنة، وأضيف دائمًا عنصر المفاجأة والتجديد حتى لا يشعر المتلقي بالملل، لأن الجمهور بطبيعته يتوق إلى التغيير والتنوع.
من خلال خبرتك، من هي النجمة العربية التي تعتبر أن ملامحها هي الأجمل والأكثر تفاعلاً مع الكاميرا، ولماذا؟
المصوّر اللبناني محمد سيف: لا أستطيع اختزال الجمال أو الكمال في شخص واحد، وهذه ليست مجاملة بل قناعة حقيقية. لكل إنسان جماله الخاص، حتى في عيوبه. وكل من بلغ مرحلة النجومية، لا بد أن يحمل في شكله أو شخصيته أو كاريزمته شيئًا مميزًا أضاء طريقه. فالصورة ليست فقط انعكاسًا للشكل، بل هي هالة، وحضور، وتفاصيل جمالية تتكامل لتصنع لقطة لا تُنسى.
هل فاجأتك إحدى النجمات العربيات أمام الكاميرا؟ أي أن طاقتها أو تعابيرها أو جاذبيتها كانت غير متوقعة اطلاقا
المصور اللبناني محمد سيف: شيرين عبد الوهاب، حين تقف أمام الكاميرا، تتحوّل بكل ما للكلمة من معنى. تمتلك طاقة داخلية استثنائية تنفجر بصمت في لحظة التصوير، وتُترجم إلى صورة مفعمة بالإحساس والتأثير.
هل يمكنك أن تخبرنا عن جلسة تصوير دفعتك إلى أقصى حدود الإبداع؟ وماذا كانت النتيجة؟
المصوّر اللبناني محمد سيف: لا أستطيع حصر الإبداع في جلسة تصوير واحدة. منذ بداياتي وحتى اليوم، أرى أن رحلتي المهنية هي عبارة عن مسار متكامل من العمل المستمر، كل مرحلة فيه تُبنى على التي سبقتها بثبات وتطوّر. لهذا السبب، لا أستطيع حذف أي صورة أو تجربة، لأن كل لقطة كانت خطوة نحو النضج الفني والتقني
كثيرون يُعجبون بالإضاءة التي تعتمدها وبأسلوبك الجمالي، ما هو سرك في إبراز المكياج، والبشرة، والملمس بطريقة مثالية لكن طبيعية؟
المصوّر اللبناني محمد سيف: تحقيق التوازنبين عناصر عدة. البداية مع المكياج، الذي لا بد أن يكون نظيفًا ومدروسًا. تلي ذلك الإضاءة الدقيقة، وأخيرًا اللمسات الأخيرة عبر تعديل الصور (Retouching)
هذه المرحلة تختلف بحسب الحالة والهدف من الصورة، ولكنني أحرص دائمًا على إبراز أجمل ما في الشخص مع الحد الأدنى من التعديل، حتى أحافظ على واقعيته وفرادته.
شاركت في عدد كبير من جلسات التصوير الرفيعة المستوى، هل سبق أن شهدت موقف “ديفا” حقيقي في الكواليس؟ وما هي أكثر لحظة لا تُنسى خلف الكاميرا
المصور اللبناني محمد سيف: من المواقف التي لا أنساها، كنت أصوّر هيفاء وهبي في “زيتونة باي” ببيروت. نزلت من السيارة لتقطع الشارع للحظة، وما إن رآها الناس حتى توقّف الشارع بالكامل، وبدأ الجمهور بالتجمع. ومع انتشار الخبر، توافد الناس من مختلف مناطق بيروت لرؤيتها. في تلك اللحظة، شعرت فعليًا بما تعنيه “النجومية” وحب الناس.
برأيك، كيف تتطوّر اليوم فنون التصوير الفوتوغرافي للموضة في العالم العربي؟ وهل لا نزال بحاجة لكسر القيود
المصور اللبناني محمد سيف: من بعد جائحة كورونا، شهدنا طفرة حقيقية في عدد المصورين الشباب، الذين يتمتعون بذوق ورؤية جديدة. هذه الطاقات ساهمت في كسر العديد من القيود، وفتحت المجال لتطورات ملحوظة في الأسلوب والرؤية.
اليوم، في لبنان على سبيل المثال، أصبحنا نُنتج جلسات تصوير تضاهي ما يُقدَّم عالميًا، لا سيّما مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي كسرت احتكار الإعلام التقليدي، وأتاحت حرية التعبير والإبداع.
ما هي النصيحة التي تقدّمها للمصورين الصاعدين الذين يسعون إلى دخول عالم تصوير الموضة والجمال؟
المصوّر اللبناني محمد سيف: يجب أن يحب الناس ما يصورونه. هذه ليست نصيحة نمطية، بل قناعة شخصية. لا أستطيع تصوير شيء لا أؤمن به أو لا يُلهمني، حتى لو حاولت إجبار نفسي. لذلك، أنصح كل مصور صاعد أن يختار المواضيع التي تحرّك فيه الشغف، لأن الشغف هو ما يصنع الفرق في هذا المجال.