بقلم الكاتبة الجزائرية / يامنة بن راضي
انطفأت شعلة الإنسانية وخبا نور سريرتها، وها هو العالم يعيش مجاعة روحية بشكل متوازي مع تلك المجاعة التي تفتك بأجساد الغزاويين في فلسطين منذ عدة شهور في ظل إبادة جماعية يمارسها الاحتلال الصهيوني المجرم بتواطؤ دولي مقيت، ولئن كانت جهنم الآخروية بكل ردهات عذاباتها عقوبة توعد بها جبار السماوات والأرض الظلمة يوم الحساب، فإن في الأرض اليوم جهنم أخرى لا تقل شراسة وعذابا، تلك التي لم يتردد الكيان الارهابي في تسليطها على الغزاويين الأبرياء أصحاب الحق والأرض وفي رابعة النهار وعلى مرأى ومسمع عالم يصم آذانه ..وفي أيام مثختة بالجراح مثقلة بالأسى يواجه أهل غزة الجوعى قدرهم الأليم وحدهم، وكأنهم بشر أدمنوا القهر بعد أن تنكرت حكومات العالم لإنسانيتهم وتركوهم بين فكي الوحش الصهيوني ليفترسهم كما يحلو له ..
ترسم الحياة وجها حزينا في قطاع غزة المنكوب، فبين نشيج بكاء الثكالى على فلذات أكبادهن وحيرة الآباء الممزوجة بخيبة كبيرة تمر أيام أهل غزة وكانها من زمن القيامة على هذه البسيطة، ولا حياة لمن تنادي لإنقاذهم من هذا الإجرام الصهيوني الذي تجاوز كل الحدود والأعراف، لقد أوصدت كل الأبواب في وجه الغزاويين وهم يعيشون عذابا وبيلا من قبل عصابات اجرامية تتلذذ بالقتل والتنكيل في مشاهد تقطع نياط القلب وترهق الأعصاب و المشاعر ..وحتى البطون الخاوية لم تشفع لهم على ما يبدو، فهذا الاحتلال الجبان يصطادهم بالنار والرصاص والقصف وكأنهم مجرد سوائم لا بشر ..
لا أحد يماري اليوم أن ما تبقى من سكان غزة يرزحون تحت ثقل ظلم رهيب أنطق الحجر والشجر ولم يحرك صناع القرار في هذا العالم القبيح، لم يرف لهم جفن إزاء كل تلك المجازر المروعة التي يرتكبها الاحتلال الهمجي في نقاط المساعدات بل في نقاط الموت، احتلال يفتح شهيته للانقضاض على بشر سحقهم الجوع وأنهكهم الحرمان وصنوفا أخرى من العناء ..لا جرم أن نقاط المساعدات في غزة المدمرة المحاصرة لم تعد أماكن لتوزيع بعض الغذاء ..بل مصائد موت مع سبق الإصرار والترصد تنهش أجساد الغزاويين بدم بارد ..وهذا ديدن الاحتلال الجبان فهو لا يألوا جهدا في تطهير عرقي ضد الانسان الفلسطنيي فوق تلك الارض المباركة المحتلة ..
أخيرا ..يقول الباريء عز وجل ” وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا ” ، فلا ريب إذا ان هؤلاء الصهاينة الظالمون المفسدون سيلقون هلاكهم ذات يوم لا محالة ..نتمناه قريبا عاجلا والله المستعان