بقلم الكاتبة الصحفية / سهام فودة
ما بين امرأة وامرأة مسافات من التكرار… إلا تلك التي وُلدت خارج قواعد الكوكب، لا تُشبه إلا نفسها، ولا يُشبهها شيء. ليست أنثى عابرة في الحكايات، بل كتلة من الإحساس تتوهج بالحزن حتى وهي تبتسم. تضحك بينما بداخلها ألف جرح، تزرع الزهور وهي تسير فوق رماد قلبها. ليست من حديد لكنها لا تنكسر، تنفطر بصمت وتشفي نفسها بنفسها، وكأنها تملك خريطة سرية لا يقرأها أحد سواها.
هي تلك المرأة التي تحمل في عينيها تقلبات الفصول جميعاً، في لحظة قد تكون ربيعاً مزهراً، وفي اللحظة التالية قد تشتعل براكين الغضب والعناد والخذلان. تلك التي قد تبكي من دون سبب، وتضحك في عز وجعها، تُربك من لا يعرفها، وتُلهم من أحبّها. هي مزاجية، نعم، لكنها ليست عيباً كما يظن البعض، بل إن تقلبها نابع من شفافية شعورها واتساع قلبها الذي يضج بالحياة.
من قال إن المزاجية ضعف؟ إنها روح تتقن التلوّن كقوس قزح، وكل لون فيها له حكاية وعمق وأغنية. إنها من ترى الحياة بألوان مختلفة، وتشعر بكل تفصيلة حدّ الإنهاك، تبالغ أحياناً في العطاء، في الصمت، في الحب، وفي الخيبة… لكنها لا تنكسر، بل تعود أكثر بهاءً، تماماً كالنجم الذي يغيب ليعود أكثر إشراقاً.
الذين يظنون أن الحياة معها معقدة لا يدركون أن هذه المرأة كنز لا يُقدّر، كنز لا يراه إلا من يملك قلباً نقيًّا، وروحًا شفافة. قلبها ليس مجرد عضلة تنبض، بل قطعة من الماس، لا تُخدش بسهولة، لكنها إن خُدشت، لا تعود كما كانت. هذه المرأة لا تُنسى، لأنها لا تُشبه، لا تُقلِّد، لا تُتكرَّر.
تخيل أن تعيش مع أنثى حين تحبك، تعطيك شعور أنك وحدك في هذا العالم، تضيء عتمتك دون أن تطلب، وتحميك من حزنك وإن كانت غارقة في حزنها. في داخلها أنوثة من نوع خاص، لا تُرى في مظهرها بل في رقيّ ردودها، في دفء صوتها، في لطفها حين تكون قاسية على نفسها، وفي حزمها حين تكون الحياة فوضى.
ربما تمر عليها لحظات تشعر فيها أنها لا تنتمي لهذه الحياة، تظن أنها خُلقت خطأً، وأن حساسيتها لعنة، لكن ما لا تعلمه أنها الحياة نفسها. هي الحكاية التي تُروى، والبطل الذي لا يموت، والشعور الذي لا يُنسى.
هي امرأة خارج المقاييس… أنثى تشبه الأغنية القديمة التي لا تفارق القلب، والقصيدة الغامضة التي لا تُفهم إلا بحب، والصلاة التي تنقذك دون أن تدري. هي ليست فقط أنثى، بل فكرة، روح، رسالة، وأحياناً وطن في قلب من عرف قيمتها.
فيا من تبحث عن أنثى تشبه الأحلام، لا تفتش بعيداً، فربما تكون هذه المرأة بجوارك… تنتظر فقط أن تراها بقلبك، لا بعينيك.