بقلم / رضا اللبان
دي من أجمل وأبسط الحكم اللي بتشرحلك الدنيا في جملة واحدة. معناها إن الإنسان زيه زي الإناء (الوعاء)… اللي جواه هيتسرب منه مهما حاول يغطيه.
يعني لو جواك خير… هتشوف الخير بيطلع منك من غير ما تحس: في كلامك، في ردود أفعالك، في طريقة حبك للناس. ولو جواك سواد… هيبان مهما مثلت!
اللي جواه كِبر… هيتكلم بغرور. واللي جواه تواضع… هيتكلم ببساطة.
اللي جواه حقد… هيزعل من فرحة الناس. واللي جواه رضا… هيفرحلك حتى لو هو محتاج أكتر منك.
الحكمة دي بتقولك: نظف الإناء قبل ما تهتم بالشكل من برّه، لأن اللي جواك هو اللي هيظهر عليك غصب عنك.
نربطها بحكاية واقعية؟
كان فيه راجل طيب جدًا اسمه «أبو الخير»، اسمه على مسمّى. الراجل ده كان شغال في سوق كبير يبيع تمر، بس عايش على قد حاله جدًا. وكان في السوق واحد تاني اسمه «سيد اللئيم» — برده اسمه على مسمّى — غني وعنده دكان مليان خير، لكن جواه حقد وقسوة.
في يوم أبو الخير راح السوق لقى واحد غريب معدّي جعان جدًا، راح مديله كيس تمر من اللي بيبيعهم وقاله: «كل يا بني وربنا يعوّض». الغريب ده ساب له دعوة من قلبه ومشي.
سيد اللئيم شاف المنظر، قعد يضحك وقاله: «إنت مجنون؟ بتدي من رزقك ببلاش؟ أنا لو منك أبيعهوله غصب عنه!»
وبعد كام يوم السوق اتقلب، وبان إن الراجل الغريب ده كان واحد من تجار التمر الكبار جدًا، ورجع لأبو الخير بعربية تمر مليانة خير، وقاله: «أنت أناءك طلع خيره عليّ… وأنا رديتلك الخير بعشرة أضعاف.» وسيد اللئيم فضل يتفرج ويحقد أكتر!
العِبرة هنا: كل إناء بما فيه ينضح… أبو الخير نضح خيره على الناس، فربنا نضح عليه رزق من حيث لا يحتسب. وسيد اللئيم فضّل محبوس في سواد إناؤه، فلا شاف خير ولا شاف فرحة الناس.