عاجل

أول رد من الحكومة المصرية على بيع الجامعات
مصر تعلن زيادة إنتاجها من الغاز المحلي بعد أشهر أزمة في الطاقة
الأمير تركي الفيصل: في عالم يسوده العدل كنا شهدنا قصفا أمريكيا على ديمونا الإسرائيلي بدلا من إيران
ترامب: هناك أدلة على تدمير منشآت إيران النووية بشكل كامل
ترامب: قد نطالب إيران بتسليم احتياطيات اليورانيوم
بعد ثلاثين عاما من الصراع… الكونغو الديمقراطية ورواندا على وشك توقيع اتفاق سلام برعاية أمريكية
“أطباء بلا حدود” تتهم مؤسسة غزة الإنسانية بارتكاب “مجازر” بحق الفلسطينيين وتطالب بوقف نشاطها
لاعبان عربيان يدخلان تشكيلة “الفيفا” المثالية في ختام دور المجموعات بمونديال الأندية
جريمة مروعة في شوارع الهرم بمصر
“بسرعة وعلى مستوى عالمي”.. انتشار متزايد لمتحور كوفيد الجديد “ستراتوس”
حفل زفاف بيزوس: من هو العريس؟ ومن هي العروس؟
رسالة خاصة من تركي آل الشيخ بعد ليلة التأهل الكبيرة
أول رد حول انفصال ابنه سمير غانم عن زوجها
بعد ظهورهما معا.. كريم بنزيما يعلن موعد زواجه من صديقته المشهورة
بوتين: نناقش انضمام مصر ودول أخرى إلى اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوراسي

“ومضات من الفكر .. في السياسة والدين والأخلاق والفن والحياة”.

بقلم دكتور / عمار علي حسن

جمع الدكتور سعيد توفيق أستاذ علم الجمال والفلسفة المعاصرة بكلية الآداب ـ جامعة القاهرة متفرقات من مقالاته، فانتظمت لديه أبوابا في موضوعات محددة مهمة حول الدين والأخلاق والسياسة والفلسفة والأدب والفن والجمال، وهي موضوعات تتلاقي في رأسه أحيانًا فيصنع منها سبيكة متينة، وتفترق أحيانًا فيبين ما بينها من تباين، وتتوازى في بعض الحالات فيضع الحدود الرقيقة بينها في فهم واقتدار. وكل هذا يحمله كتاب في أربعمائة صفحة من القطع فوق المتوسط صدر عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة تحت عنوان “ومضات من الفكر .. في السياسة والدين والأخلاق والفن والحياة”.
ورغم أن توفيق قد اكتمل باحثًا ودارس فلسفة وأستاذًا لها قبل أن نعرف مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه أدرك أهمية مخاطبة أبناء جيل الإنترنت والذكاء الاصطناعي، الذي لا صبر لدي أغلبه على قراءة كتب الفلسفة التي تحفر عميقًا في موضوع واحد فتفرد له كتابًا كثير الصفحات، وهنا يقول: “الكتابة الأكاديمية في مجال النظريات والاتجاهات أو التيارات الفلسفية، يمكن بالتأكيد أن تكون مفيدة للأكاديميين المتخصصين إن كانت كتابات رصينة، ولكننا حينما نكتب للقارئ والمثقف العام يجب أن تبقى النظريات والتوجهات الفكرية في الخلفية، وأن ترك البحث في التعرف على الأصول النظرية للباحثين المتخصصين، ولمن يكون لديهم اهتمام بمجمل كتاباتي، وللقارئ الشغوف الذي يريد الاستزادة من المعرفة.”
والدكتور سعيد توفيق من أولئك الذين يدركون أن الفلسفة ليست أفكارًا مجردة فقط، تستغلق على أذهان العموم، أو مسائل تحلق بعيدًا دون أن تحط على الأرض، إنما يراها أفكارًا نابتة في أرض المجتمع، تنشغل بما يهمه، وتسعى إلى حل مشكلاته التي لا تتوقف عن اعتراض طريق الناس، لذا جاء كتابه متفاعلًا مع ما يجري الآن وهنا، وبعضه شغل البشرية منذ أمد بعيد، ولا يزال، حتى وجدناه يناقش تحت عنوان “في الحياة اليومية” تأملات حول وباء كورونا، والزلزال، وكرة القدم، ومواقع التواصل الاجتماعي.
الكتاب في الأصل مقالات نشرت منجمة بصحف “الأهرام” و”المصري اليوم” و”عمان” و”الاتحاد” وغيرها، لكن تغلب ما تقتضيه الكتابة للصحف من تحديد في الموضوع وعدد الكلمات، بكتابة أكثر من مقال تعالج زوايا متعددة للقضية التي يطرحها، فتكتمل الرؤية إلى حد كبير، تاركة زوايا أخرى يمكن للقارئ أن يثير حولها تساؤلات أو تأملات.


جاء الكتاب معبرًا عن انشغال مؤلفه، وهي مسألة كشفت عنه مؤلفاته السابقة، وعن منهجه الذي يميل إلى المقاربة متعددة الأنواع، أو “الدراسات الثقافية” التي صارت صيحة علمية تنحو إلى موسوعية النظرة، أو الاعتقاد الصائب في أن الظواهر الإنسانية لا يمكن تفسيرها وفق عطاء علم فرعي واحد، لأن العناصر التي تشكلها تأتي متشابكة ومتداخلة في الواقع المعيش.
يمكن للقارئ الصبور أن يقرأ أبواب الكتاب متتابعة، ليجد صاحبه قد سلك مسار برهنة وحجاج متناغم، ينتقل بنا من قضية إلى أخرى، ومن فكرة إلى أختها. أما القارئ الملول فبوسعه أن يتصفح الفهرس، ويتخير الباب أو الفصل أو الجزء الذي يروق له فيقرأه، وينتقل إلى غيره دون التزام بتتبع الصفحات من البداية إلى النهاية. ويمكن للقارئ الأكثر مللًا أن يلتقط مقالًا واحدًا ضمن مقالات عدة عن قضية ما فيقرأ وحده، وهذا يصلح في بعض أجزاء الكتاب.
لكن أجزاء أخرى تقتضي أن يلتزم القارئ بتتبع ما يأتي تحت العناوين وفق انتظامه في الكتاب، لأن المؤلف يضع فكرته المركزية حول القضية التي يتناولها في البداية ثم تأتي المقالات الأخرى شارحة أو مكملة أو معالجة لزوايا معينة، متوزعة على السياسة لكن بطريقة أعمق تدرس أصول الحضارات وعنصرية الغرب وازدواج معايير، والعولمة والنظام لدولي والمواطنة وإسرائيل كأدااة للاستعمار الجديد. وفي الدين يتناول علاقته بالهوية والرؤية الإسلامية المضادة للإسلام نفسه، والإيمان والإلحاد، والعلمانية ومواجهة الإرهاب. وفي الأخلاق يدرس علاقتها بالعيش الإنساني فينظر إلى الفضيلة والنفاق والحرب والطب وأخلاقيات السياسة، ثم يتناول علاقة الجمال بالفن والأدب، خصوصًا الشعر، والفلسفة والدين ويُعرّج على قضية الإبداع والعبقرية والنقد والموسيقى، ليتناول بعدها قضايا وجودية مثل القلق والاغتراب والموت والألم والسعادة.
في كل هذا يتسم أسلوب سعيد توفيق بالسلاسة والوضوح، جامعًا بين الإفادة والمتعة، سواء وهو يأتي باستفاضة أحيانًا على ذكر أفكار بعض الفلاسفة الكبار من الأقدمين والمحدثين والمعاصرين فيشرحها ويناقشها، ويقوم بتبيئتها كي تكون صالحة لإفهام متداولي لغتنا العربية وفق قاموسها المعاصر، وقادرة على الإسهام في حل مشكلاتنا ومعضلاتنا الفكرية الراهنة.
لا يقدم هذا الكتاب رؤية فكرية حول قضايا معينة فحسب، بل يطرح أيضًا نهجًا مفيدًا في التأليف أمام أولئك الذين يكتفون بإيراد مقالات يكتبونها منجمة، وربما على فترات متباعدة، وفي قضايا عدة، متسلسلة وفق تاريخ نشرها، رغم أن بعضها كان بحاجة إلى تحديث وتجديد أو استزادة واستفاضة.
****

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
booked.net
موقع الرسالة العربية