كتب د / حسن اللبان
تعتبر قاعدة العديد العسكرية في قطر أكبر القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط وتضم مركز القيادة المركزية (الأمريكية) بالمنطقة. وعلى الرغم من اعتبار بعض الآراء أن من حق إيران استهداف القاعدة التي تمنح واشنطن نفوذا كبيرا في الشرق الأوسط وأنها شاركت بشكل غير مباشر بتوجيه ضربة إلى إيران، يؤكد رئيس دائرة الدراسات السياسية والدولية في الجامعة اللبنانية الأمريكية، عماد سلامة، في حديث لفرانس24 أن قصف طهران للقاعدة يشكل “انتهاكا لسيادة قطر خصوصا وأنها لم تشتك سابقا من عمل القاعدة”.


تستضيف قطر على أرضها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وهي قاعدة العديد التي استهدفتها طهران الإثنين 23 يونيو/ حزيران 2025 كرد على الضربات الأمريكية التي طالت المواقع النووية في إيران.
والعديد ليست مجرد قاعدة عسكرية بالنسبة لواشنطن، فهي مركز القيادة الأمريكية المركزية في المنطقة. وتمنح القاعدة، التي تضم حوالي 10 آلاف جندي، الولايات المتحدة موقعا استراتيجيا محوريا يعزز نفوذها الإقليمي ويمنحها السيطرة. فمن هذه القاعدة تدار عملياتها العسكرية في منطقة ممتدة من مصر إلى كازاخستان، وتوفر لها قدرات عسكرية كبيرة تساعدها في مواجهة إيران أو دول أخرى.
وتلتزم قطر بدعم تكاليف الاستدامة وتكاليف البنية التحتية في القاعدة بناء على اتفاق وقع في العام 2019 بين وزارتي الدفاع في كل من البلدين.
وتضم مكتبة الكونغرس وثائق يرتبط بعضها بعمل القوات الأمريكية في القاعدة، يمكن للعامة الاطلاع عليها. واستنادا لإحدى هذه الوثائق، فقد ساهم التمويل القطري الذي فاق 8 مليارات دولار بين العامين 2003 و2019، بتوسعة القاعدة بشكل مستمر وتمويل الإنشاءات العسكرية الأمريكية
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته إلى العديد في أيار/مايو أن قطر ستستثمر عشرة مليارات دولار “لدعم هذه القاعدة الضخمة في السنوات المقبلة”.
من قاعدة سرية إلى مركز القيادة العسكرية في الشرق الأوسط
بنت وزارة الدفاع القطرية القاعدة في العام 1996 بكلفة بلغت حوالي مليار دولار. وفي العام 2000 وضعت قطر قاعدتها بتصرف الولايات المتحدة الأمريكية من دون الإعلان عن الأمر أو توقيع اتفاق رسمي في حينه. وعام 2001 استخدم الجيش الأمريكي العديد بشكل سري في حربه على أفغانستان.
نهاية عام 2002 أبرم اتفاق منح شرعية رسمية للوجود العسكري الأمريكي في القاعدة القطرية. وفي أبريل/نيسان 2003 انتقلت القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية من قاعدة الأمير سلطان الجوية في المملكة العربية السعودية إلى قاعدة العديد في قطر بالاتفاق مع المملكة.
كما لعبت قاعدة العديد دورا في محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا. حيث تمركزت فيها عشرات الطائرات وتم عبرها تنسيق العمليات الجوية للتحالف الدولي. وعام 2016 انطلقت منها طائرات بي-52 hلتي قصفت أهدافا تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
“دور العديد لا يبرر خرق القانون الدولي”
عند إطلاق إيران (الإثنين) صواريخ باتجاه قاعدة العديد، استنكرت دول عربية انتهاك السيادة القطرية. لكن بعض الآراء اعتبرت أن من حق طهران استهداف القاعدة الأمريكية، وبرر أصحابها ذلك باعتبار أن واشنطن هي التي بادرت إلى قصف طهران، وأن قواعدها في الخليج تستخدم في هذه الهجمات وإن بشكل غير مباشر.
وتحدثت هذه الآراء تحديدا عن قاعدة العديد انطلاقا من دورها وطبيعة عملها كونها مركز العمليات (الأمريكية) في المنطقة.
حول هذا الموضوع حاورت فرانس24 رئيس دائرة الدراسات السياسية والدولية في الجامعة اللبنانية الأمريكية والخبير في القانون الدولي، عماد سلامة، والذي أكد أن أي “انتهاك لأجواء قطر أو أراضيها هو بنظر القانون الدولي اعتداء على سيادة هذه الدولة وإن ضمت قاعدة عسكرية أمريكية”.
وقال سلامة إن في “حال كانت قطر قد سمحت للقاعدة بالتهجم على دولة أخرى لكان عندها الوضع مختلفا ولكان هناك شراكة في خرق القانون الدولي لكن ذلك لم يحصل”.
“لو فعلت ذلك لكان الأمر مختلفا…”
ولدى سؤاله عما إذا كان وجود القيادة المركزية بهذه القاعدة يعطي الحق لإيران باستهدافها، أوضح أن ذلك “لا يغير في أنه تم خرق السيادة والأجواء القطرية وهو يمثل خرقا للقانون الدولي”.
ويلفت سلامة إلى أن إيران “لم تتقدم أصلا باتهام واضح وصريح” حول دور القاعدة كما “لم تتقدم بشكوى أمام مجلس الأمن لتجري مناقشة الأمر والعمل على حله”. ويقول إنها “لو فعلت ذلك لكان الأمر مختلفا حينها، لكنها أخدت على عاتقها توجيه ضربة عسكرية من دون سابق اتهام واضح وصريح”.
وفي حين أعلنت الدوحة أنها تحتفظ “بحق الرد وفقا لمقتضيات القانون الدولي”، يؤكد سلامة أن القانون الدولي “يمنح قطر الحق بالدفاع عن نفسها بكامل الوسائل وهي فعلت ذلك وفق بياناتها، كما بحسب قانون الأمم المتحدة لديها الحق في الرد العسكري على الاعتداء الإيراني”.