غالبًا ما يصل السياح إلى العاصمة البريطانية لندن وفي جعبتهم قائمة بأفضل التجارب التي يودون القيام بها مثل زيارة قصر باكنغهام، ومشاهدة جسر البرج، وتناول شاي بعد الظهر، وجولة “جاك السفاح”. 

كل ليلة، يعيد مئات السياح تتبع الخطوات المفترضة لـ”جاك السفاح”، وهو قاتل متسلسل مجهول الهوية قتل بوحشية ما لا يقل عن خمس نساء في عام 1888، لكنه أصبح أحد أكثر الصادرات الثقافية البريطانية ربحية

ولبعض السكان المحليين، فإن هذه الصناعة تجاوزت الحدود. وقد أدى افتتاح متحف “جاك السفاح” في عام 2015 إلى احتجاجات.

تُعد السياحة المرتبطة بالقتل ليست جديدة، إذ جذب برنامج حديث على منصة “نتفليكس” عن الأخوين مينينديز، اللذين أدينا بقتل والديهما في عام 1989، حشودًا إلى قصر عائلتهما في مدينة بيفرلي هيلز بولاية كاليفورنيا الأمريكية.

في مدينة ميلووكي بولاية ويسكونسن الأمريكية، تأخذ إحدى الجولات الزوار إلى مواقع مرتبطة بالأمريكي جيفري دامر، وهو قاتل متسلسل .

قال فيليب ستون من معهد السياحة المظلمة في جامعة لانكشير المركزية بالمملكة المتحدة إنه “تم تذكر جاك السفاح بسبب فظائعه وشهرته، لكن أيضًا تم ترويجه بشكل رومانسي إلى حد كبير”.

طمس الحدود

جاك السفاح
يأخذ المرشدون السياح المتحمسين إلى أماكن مثل شارع “Pinchin”، حيث تم اكتشاف جثة أحد الضحايا.

أوضح ستون أن ثمة “عامل شد وجذب” عندما يتعلق الأمر بشعبية “جاك السفاح”، قائلا: “صناعة السفاح الحديثة تسوق نفسها حقًا بشكل ممتاز. لكن أعتقد أن هناك افتتانًا فطريًا بالقصة”.

وأضاف: “جاك السفاح أصبح نوعًا من الشخصيات الخيالية. لقد تم ترويجه بشكل رومانسي، وتحول إلى جزء من الثقافة العامة، وهذا ما يوسع الحدود أو يطمسها بين ما هو حقيقي، وما هو غير حقيقي”.

جاك السفاح
تعتمد العديد من الشركات المحلية في شرق لندن، بما في ذلك متجر الأسماك والبطاطا المقلية هذا، على شهرة جاك السفاح

تحظى هذه الجولات السياحية بشعبية، وقد أصبحت الإشارات إلى جرائم القتل الشهيرة في حي وايت تشابل بلندن من الثوابت في المشهد المحلي، إذ ستجد محل حلاقة يعمل تحت اسم “Jack the Clipper” ، ومطعم وجبات سريعة قريب يُسمى “Jack the Chipper”.  وحتى وقت قريب، كان هناك بائع بطاطا مشوية اسمه “Jacket the Ripper”.

السياق التاريخي

جاك السفاح
نفى متحف جاك السفاح في عام 2015، في تصريح لوسائل الإعلام، أنه يمجّد جرائم القتل، لكنّ الكثيرين لا يزالون يشعرون بالغضب من موضوع المتحف.

في عام 2015، افتتح متحف “جاك السفاح”، ما أثار الكثير من الجدل. مُنح المتحف إذن التخطيط على أساس أنه سيعرض تاريخ النساء في منطقة الطرف الشرقي، حيث وصفت الطلبات الرسمية المتحف بأنه مساحة تكرّم “المساهمة التاريخية والحالية والمستقبلية لنساء إيست اند

قالت كاثرين أوين، رئيسة متحف نساء الطرف الشرقي، الذي تأسس لمواجهة متحف “جاك السفاح”، لـCNN: “كان الجميع يشعرون بحماس كبير لافتتاح متحف يروي تاريخ نساء الطرف الشرقي في لندن. ثم اكتشفنا أنه سيكون في الواقع متحفًا عن جاك السفاح مع محاولات سطحية لسرد قصة نساء الطرف الشرقي. عندها بدأت موجة الرفض”.

من جانبه، أوضح مؤسس متحف “جاك السفاح”، مارك بالمر-إدجكومب، لوسائل الإعلام المحلية في عام 2015 أن الاسم الكامل للمتحف هو “جاك السفاح وتاريخ النساء في شرق لندن”، مشيرًا إلى أن اللافتة كانت غير مكتملة.

وأضاف بالمر-إدجكومب “نحن لا نمجد جرائم القتل ولا نحتفي بها؛ بل نجري تحليلًا جنائيًا لتلك الجرائم ونضعها في السياق التاريخي لتلك الفترة

وبعد مرور عقد من الزمن، لا يزال المتحف يعمل تحت اسم “متحف جاك السفاح”، وتشمل الأغراض المعروضة للبيع في متجر الهدايا دببة على شكل دمى ترتدي زي السفاح، وقمصانًا تحمل صورة القاتل.

لم يرد متحف “جاك السفاح” على طلب CNN لإجراء مقابلة، لكنه سلّط الضوء على تقييماته الإيجابية على موقع تقييمات السفر  “TripAdvisor