كتب / رضا اللبان
هاجمت إسرائيل في 13 من يونيو حزيران مواقع نووية إيرانية أدت لمقتل عدد من القادة العسكريين والعلماء النوويين البارزين. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه “تم القضاء على أهم منشآت النظام لتخصيب اليورانيوم، وقسم كبير من ترسانة صواريخه البالستية”. بعد ساعات من الهجوم الإسرائيلي، ردت إيران باستهداف “عشرات الأهداف و القواعد والبنى التحتية العسكرية” في إسرائيل.
هذا التصعيد بين الجانبين ليس الأول، ففي الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2024، أطلقت إيران نحو 200 صاروخ باتجاه إسرائيل. وسائل إعلام إيرانية قالت إن الحرس الثوري استخدم في الهجوم للمرة الأولى صواريخ فرط صوتية، إلى جانب صواريخ بالستية.
وقبل أشهر من ذات العام، شنت إيران عملية “الوعد الصادق” ضد إسرائيل والتي جاءت رداً على قصف الأخيرة القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع أبريل / نيسان 2024، وقتلها قادة في الحرس الثوري الإيراني من بينهم القائد في فيلق القدس، محمد رضا زاهدي.
فما هي الصواريخ فرط الصوتية؟ وما هي الصواريخ البالستية؟
الصواريخ البالستية: رمية رمح محسوبة بعناية


إطلاق الصواريخ البالستية يشبه إلى حد كبير رمي الرمح. حين يقذف الرامي الرمح، يدفعه بيده بزاوية إلى الأعلى ويفلته. يستمر الرمح في الاندفاع بفضل القوة الأولية التي اكتسبها من يد الرامي، وينطلق إلى الأعلى حتى تتغلب قوة الجاذبية على قوة الدفع، فيَصِلُ الرمح إلى أعلى ارتفاع ممكن، قبل أن يعود للانحدار تدريجياً نحو الأرض، إلى أن يصيب هدفه، فيكون مساره في الهواء أشبه بالقوس المنحني الذي يشبه القطع المكافئ، وهو ما يسمى بالمسار البالستي.
أجسام أسرع من الصوت: وهي التي تسير بسرعة تتجاوز سرعة الصوت، لكن أقل من خمسة أضعاف سرعته.
أجسام فرط صوتية: وهي أجسام تسير بسرعة تتجاوز خمسة أضعاف سرعة الصوت.
بحسب بروخمان، فإن سرعة الصواريخ البالستية تعتمد على نوع الصاروخ ومرحلة الإطلاق. خلال المرحلة الأولية، يسير الصاروخ بسرعة “بطيئة” نسبياً، خلال المرحلة الوسطى، وخاصة خارج الغلاف الجوي، يمكن لسرعة الصاروخ أن تصل بسهولة إلى ما يتجاوز 10 آلاف كيلومتر في الساعة، “الصواريخ العابرة للقارات تستطيع الوصول إلى سرعة تبلغ 15 ضعف سرعة الصوت خارج الغلاف الجوي. لكن حين تعود الصواريخ إلى الغلاف الجوي، عليها إبطاء سرعتها قليلا لتجنب الاحتراق بسبب قوة الاحتكاك الكبيرة بالهواء.
“تعتمد سرعة عودة الصاروخ إلى الأرض على الدرع الحراري الذي يحمي الرأس الحربي من الحرارة العالية عند عودته، والتكنولوجيا المستخدمة هنا لها حدودها”، وكلما “كان الرأس الحربي والمواد المستخدمة لحمايته أفضل، كلما ازدادت درجة الحرارة التي يستطيع تحملها وبالتالي ازدادت السرعة التي يستطيع فيها العودة إلى الأرض” وكلما ازدادت السرعة التي يعود فيها إلى الأرض، ازدادت صعوبة اعتراضه. عموماً “معظم الصواريخ البالستية تبلغ سرعتها آلاف الكيلومترات في الساعة لحظة ارتطامها بالهدف”.
هل يعود الصاروخ بأكمله إلى الأرض؟
ما يعود من الصاروخ هو جزء صغير منه يعرف بـ “مركبة العودة”، وتحتوي هذه المركبة على الرأس الحربي ونظام التوجيه “إن وُجد”، يقول بروخمان إن “الصواريخ الكبيرة مثل العابرة للقارات، قد تمتلك ثلاث مراحل من الدفع الصاروخي، ما يعني أنها ستُلقي خلال مسارها ثلاثة معززات أو محركات صاروخية”.
لماذا تتوهج الصواريخ في السماء؟
خلال الضربة الصاروخية الإيرانية الأخيرة، تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر الصواريخ متوهجة في السماء وهي تسير باتجاه أهدافها، طلبنا من المحلل العسكري ساشا بروخمان تفسيراً لهذه المشاهدات، وكان ردّه: يحدث هذا التوهج نتيجة “تسخين الهواء المضغوط” عند عودة الرأس الحربي للصاروخ إلى الغلاف الجوي. تماماً مثلما يحدث عند دخول المكوك الفضائي الغلاف الجوي، أو خلال عودة صواريخ “سبيس إكس”.
صاروخ فرط صوتي: المراوغة وليس فقط السرعة


إذا كان الصاروخ البالستي يسير بسرعة هائلة تتجاوز خمسة أضعاف سرعة الصوت، فما الجديد إذن في الصاروخ فرط الصوتي؟
التحليق بسرعة فرط صوتية ليس شيئاً جديداً، إذ يمكن إطلاق صفة “فرط صوتي” على أي سلاح يتحرك بسرعة تتجاوز 5 أضعاف سرعة الصوت، والصواريخ البالستية عادة ما تحلق في بعض مراحل إطلاقها بهذه السرعة.
بحسب المركز الأمريكي للسيطرة على الأسلحة والحد من انتشارها، فإن الفرق الجوهري بين الصواريخ البالستية والصواريخ فرط الصوتية، هو قدرة الأخيرة على المناورة ومراوغة الدفاعات الجوية والتحليق بشكل موجه خلال دخولها الغلاف الجوي بسرعات كبيرة، دون التقيد بالمسار القوسي للمقذوفات. وذلك على عكس الصاروخ البالستي الذي يفتقر للمناورة والتوجيه بمجرد نفاد وقوده وعودته إلى الأرض باتجاه هدفه، فيعتمد فقط على القوى الفيزيائية مثل الجاذبية لإكمال مساره القوسي.
المحلل الدفاعي والعسكري ساشا بروخمان يرى أن أي سلاح يجب أن يحقق ميزتين أساسيتين كي يكتسب صفة “فرط صوتي: السرعة، والقدرة على المناورة”. في المرحلة الأخيرة للصاروخ فرط الصوتي، ينفصل عنه جزء يُعرف بمركبة العودة الانزلاقية، وتكون مصممة للعودة إلى الغلاف الجوي بسرعة تتجاوز خمسة أضعاف سرعة الصوت، وفي الوقت ذاته تكون قابلة للمناورة وتغيير مسارها في هذه السرعة.
في حالة الصواريخ البالستية، يقول بروخمان إن “مسارها قابل للحساب إذا ما تم رصدها على الرادار. فهي تسير بنفس القوانين الفيزيائية التي يسير بها الحجر حين ترميه من يدك، لكن مع إضافة بعض التعقيدات المتعلقة بمغادرتها ثم عودتها إلى الغلاف الجوي، ويمكن للحواسيب والخوارزميات حساب كل ذلك، وبالتالي هناك إمكانية لاعتراض الصواريخ البالستية. صحيح أن ذلك صعب، لكن كما رأينا في أوكرانيا وإسرائيل، التكنولوجيا المتعلقة باعتراضها قد تطورت”.
أما في حالة الصواريخ فرط الصوتية، يقول بروخمان إن المركبات الانزلاقية فرط الصوتية تضيف فكرة أنه “بإمكانك المناورة بالرأس الحربي، بحيث تستطيع تجنب الرادارات وجعل مسارك أقل قابلية للتنبؤ”.