بقلم / رندا بدر
الصواريخ الإيرانية وتفكيك الأسطورة الصهيونية
في ليلة لم تشهد مثلها تل أبيب منذ عقود ، اخترقت الصواريخ الإيرانية كل خطوط الدفاع الأمريكية والغربية والصهيونية، لتشعل النيران في قلب الكيان الغاصب ، و تكشف مرة أخرى زيف أسطورة ” الجيش الذي لا يهزم ” و ” الدرع الحديدي ” الذي يروج له منذ عشرات السنين ، المشهد كان واضحا : –
قادة الاحتلال يصدرون أوامر بالاختباء كالجرذان ، بينما تعلن وسائل إعلامهم المزورة أرقاما مزورة للقتلى، وكأن الكذب قد أصبح جزءا من حمضهم النووي
لقد أثبتت الضربات الإيرانية أن ” الحدود الآمنة ” ،
و ” العمق الاستراتيجي” للكيان الصهيوني لم تعد سوى أوهام يصر صناع القرار هناك على ترويجها ، فإذا كانت الصواريخ قد وصلت إلى تل أبيب ، و إذا كانت ” القبة الحديدية ” قد فشلت في اعتراضها جميعا ، فماذا بقي من نظرية ” الردع ” التي بنيت عليها سياسات الكيان العسكرية ؟؟؟
الجواب بسيط : – لم يبق سوى الغطرسة و الوهم ،
و اللافت أن هذه الضربات لم تأت من فراغ، بل هي حلقة في سلسلة الردود التي تشهدها المنطقة منذ أشهر ، حيث بات الكيان يدرك أنه لم يعد بمأمن من أي كان فالمقاومة في غزة و الضفة و العراق و لبنان و اليمن قد حولته إلى
” دولة محاصرة ” ، تعيش على وقع الخوف الدائم من ضربة قادمة
الغرب و أوهام الحماية المطلقة
أمريكا و حلفاؤها الغربيون قدموا للكيان الصهيوني كل أنواع الدعم العسكري والتكنولوجي ، و زعموا أنهم جعلوه ” حصنا منيعا ” لكن الحقيقة التي تتكشف الآن هي أن كل هذه الأنظمة الدفاعية
ليست سوى ” فقاعات ” تنفجر عند أول اختبار حقيقي. فالصواريخ التي سقطت على تل أبيب لم تحبطها القواعد الأمريكية في المنطقة ،
و لا أنظمة ” باتريوت ” ، ولا حتى التهديدات السياسية
بل الأكثر إيلاما للصهاينة أن واشنطن نفسها ، رغم كل ضجيجها ، لم تستطع فعل شيء سوى إطلاق تصريحات داعمة بينما النيران
تحرق ” عاصمة الكيان ”
، و هذا يؤكد أن الحماية الأمريكية ليست سوى وهم يستخدم لترويض الشعوب العربية، بينما الواقع يقول إن أمريكا عاجزة عن حماية نفسها ،
فكيف بحماية عملائها ؟؟؟
في خضم هذا المشهد تبرز حقيقة لا يمكن إنكارها : –
أن المقاومة بكافة أشكالها هي السلاح الوحيد الفعال في مواجهة الكيان الصهيوني فلم تحرز الدبلوماسية العربية ، و لا ” التطبيع ” المذل ، أي تقدم في استعادة الحقوق ، بل على العكس ، زادت الكيان غرورا وعدوانية ،
أما اليوم ، فكل ضربة توجه إلى تل أبيب وتحرق أراضيها هي رسالة واضحة بأن زمن الإفلات من العقاب قد ولى ، و أن أي عدوان على المدنيين في غزة أو لبنان أو سوريا لن يمر دون رد يزيد الكيان المحتل خسائر و دمارا
التصعيد مستمر
الوضع الآن مفتوح على جميع الاحتمالات ، فالكيان الذي يعيش حالة هستيريا جماعية و هلع بعد فقدان هيبته العسكرية ، قد يقدم على مغامرة جديدة لاستعادة ” ردعه المزعوم ” ، لكنه سيجد أن كل خطوة عدوانية ستواجه بضربات أكثر قسوة ،
وفي المقابل ، فإن محور المقاومة يملك اليوم أوراقا أكثر قوة من أي وقت مضى فإيران وحلفاؤها قد أثبتوا أنهم قادرون على الوصول إلى العمق الصهيوني ، و أنهم غير مستعدين للتراجع عن حقهم في الرد.
ختاما … ما حدث الليلة الماضية ليس مجرد ضربات عابرة ، بل هو زلزال استراتيجي سيكون له تداعياته الكبرى في الأشهر القادمة ،
فالشعب الفلسطيني ، والأمة العربية بأسرها ، تدرك الآن أكثر من أي وقت مضى أن طريق الحرية ليس مفروشا بالورود ،
بل بالدم والنار والمقاومة .