بقلم / خالد ابراهيم
في الوقت الذي تُبذل فيه جهود كبيرة من قِبل الدولة والمسؤولين لتطوير الشوارع، وتجميل الميادين، وتحسين البنية التحتية في القاهرة ومدن مصر المختلفة، يطل علينا مشهدٌ يومي يثير الاستغراب والاستياء في آنٍ واحد: نشر السجاد والمفروشات على أسوار البلكونات والشرفات.
هذه الظاهرة، التي قد يراها البعض عادة بسيطة أو غير ضارة، أصبحت جزءًا من مشهد عام مشوّه، يسرق من المدينة جمالها، ويُهدر ما تُبذله الدولة من جهود لتجميل وتطوير المناطق السكنية. فكيف يمكن أن نطالب بمظهر حضاري ونحن نُساهم بأنفسنا في تشويهه؟
نشر المفروشات على الشرفات لا يقتصر ضرره على الشكل فقط، بل يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك:
يسبب تلوثًا بصريًا يؤذي العين ويُشعر بعدم النظام.
يُظهر عدم وعي مجتمعي بقيمة الجمال العام والملكية المشتركة.
يؤدي إلى تراكم الأتربة والأوساخ في الشوارع والطرقات.
يشوّه الواجهات المعمارية التي قد تكون طرازًا تاريخيًا أو جديدًا ضمن مشروعات التطوير .
ما نحتاجه اليوم هو قانون رادع ينظم هذه السلوكيات، يُفرض من خلال المحليات، ويعزز ثقافة الحفاظ على المنظر العام. لكن القانون وحده لا يكفي. نحن بحاجة إلى وعي مجتمعي وتربية مدنية تبدأ من المدارس والمنازل، وتنتشر عبر الإعلام ومواقع التواصل، تؤكد أن المظهر العام مسؤولية الجميع.
تجميل المدن لا يقتصر على الأرصفة والميادين، بل يبدأ من النوافذ والشرفات والبيوت. حضارتنا تُقاس بسلوكنا اليومي، لا فقط بمشروعاتنا العملاقة.
إن الدعوة لتطوير مصر لا تعني فقط البناء والتوسعة، بل تعني أيضًا الاهتمام بالسلوكيات الصغيرة التي تصنع الفرق الكبير. فلنُحسن صورتنا كما نحسّن شوارعنا، ولنُعطِ لبلدنا حقه في الجمال والنظافة، لا بالتمني فقط، بل بالفعل والانضباط.