تسارع معدل التضخم العام السنوي في المدن المصرية للشهر الثالث على التوالي، مُسجلًا 16.8% خلال مايو/أيار الماضي، ليرتفع من مستوى 13.9% في أبريل/نيسان، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وأرجع مصرفيون أسباب زيادة معدل التضخم إلى تحريك أسعار الوقود وتأثيره على زيادة أسعار الغذاء، حيث زادت أسعار الطعام والمشروبات بنسبة 11.2%، والمشروبات الكحولية والدخان 15.6%، والمسكن والمياه والوقود 19.3%، وكذلك زيادة أسعار الرعاية الصحية بنسبة 40.6%، والأثاث 12.1 ٪

هذا مخالفًا لتوقعات البنك المركزي بأن يواصل المعدل السنوي للتضخم العام تراجعه خلال الفترة المتبقية من 2025 وعام 2026، وذلك بالاستناد إلى “إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة المنفذة… فضلا عن الثبات النسبي لتضخم السلع غير الغذائية من شأنهما الإبطاء من وتيرة هذا الانخفاض”، وفق تقرير لجنة السياسة النقدية في آخر اجتماعاتها نهاية الشهر الماضي.

وقال الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، محمد عبد العال، إن أسعار الأغذية قادت ارتفاع معدل التضخم في مصر خلال الشهور الثلاث الماضية نتيجة عوامل موسمية، أبرزها زيادة الطلب خلال شهر رمضان، وكذلك نتيجة قرارات “الإصلاح الاقتصادي”، وأهمها تحريك أسعار الطاقة.

غير أن عبدالعال توقع تباطؤ زيادة أسعار الغذاء خلال الفترة المقبلة، مُستندًا إلى “انخفاض سعر كيلو الدواجن في المزرعة من مستوى 90 جنيهًا (1.82 دولار) الشهر الماضي إلى مستوى ما بين 65-70 جنيهًا (1.31-1.41 دولار)، واستقرار أسعار اللحوم رغم ارتفاع الطلب خلال عيد الأضحى، نتيجة زيادة حجم المعروض في الأسواق من قبل الحكومة”.

وفي أبريل/نيسان الماضي، رفعت الحكومة المصرية أسعار الوقود بنسب تراوحت ما بين 12 إلى 33%، مُستهدفة سد الفجوة السعرية بين التكلفة وسعر البيع.

كما توقع عبد العال، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن يميل معدل التضخم للانخفاض خلال الشهور المقبلة “نتيجة عدة عوامل، أبرزها استقرار أسعار السلع الغذائية، وبدء موسم امتحانات نهاية العام مما يقلل مصروفات الإنفاق على التعليم، وكذلك خفض أسعار الشهادات البنكية بعد تراجع أسعار الفائدة مما سيؤدي إلى تقليل دخول المستثمرين بهذه الشهادات، وبالتالي تراجع الطلب في الأسواق”.

وخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بواقع 325 نقطة خلال آخر اجتماعين للجنة السياسة النقدية، ليصل سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 24% و25% و24.5%، على الترتيب.

وحول توقعات أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل، رجّح عبد العال أن “يستمر البنك المركزي المصري في دورة التيسير النقدي بخفض معدل الفائدة، بسبب استقرار معدل التضخم في منطقة التوازن ما بين مستويي 16-18%”، على حد قوله.

وأشار عبدالعال إلى أن البنك المركزي خفض معدل الفائدة 100 نقطة في آخر اجتماعاته رغم ارتفاع معدل التضخم، “لأنه يضع في حساباته تأثير الفائدة على معدل النمو، خاصة أن هناك فارقًا كبيرًا بين معدل الفائدة الحقيقي ومعدل التضخم”، لافتًا أن الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية سيضع في اعتباره قراءة التضخم خلال الشهر الحالي.