ويأتي هذا بعد أيام قليلة من إعلان رئيس الحكومة مصطفى مدبولي عن توجيهات رئاسية بدراسة إمكانية عودة الكتاتيب بغرض ممارسة دورها في “تكوين الشخصية المصرية السوية، قائمة على الوسطية والتسامح واحترام كل الأديان، مع ضرورة الانتقاء بدقة لمن يعلمون الأطفال في هذه الكتاتيب”، وفق تصريحات صحفية ووفق ما ذكره موقع هيئة الاستعلامات المصرية، فقد عرفت مصر منذ العصر الفرعوني ما يعرف بـ”مدارس المعبد”، التي تشبه  الكتاتيب، وتوسعت بشكل لافت مع انتشار الإسلام في مصر وكانت تقام في مبانٍ ملحقة بالمساجد أو مباني مستقلة بذاته، وهي عبارة عن مؤسسة تعليمية أولية لتعليم الأطفال القراءة والكتابة والقرآن، وتخرج منها العديد من المفكرين أبرزهم رفاعة الطهطاوي، وطه حسين، والعديد من الشيوخ وعلماء الدين الإسلامي.

وفي ديسمبر/ كانون الأول، أطلقت وزارة الأوقاف، مبادرة لعودة الكتاتيب بهدف “تحفيظ الأطفال القرآن ومعرفة معانيه والتعرف على أصول الدين الإسلامي من خلال المنهج الوسطى الأزهري، بناء الشخصية المصرية على أسس من الأخلاق الرفيعة، والفهم العميق لمعاني الدين، والانتماء الصادق للوطن”، وفق بيان رسمي.

وبعد الإعلان عن هذه المبادرة أثير جدلا حول أهمية عودة الكتاتيب وسط مخاوف من التأثير السلبي على الأطفال ممن يتولون إدارة هذه الكتاتيب.

وبعد شهور، تجدد الجدل مرة ثانية تحت قبة مجلس الشيوخ، خلال مناقشته دراسة الأثر التشريعي لقانون الضريبة على العقارات، وذلك عندما أعلن رئيس حزب التجمع وعضو المجلس، السيد عبد العال، رفضه منح إعفاء ضريبي للمراكز الدينية “الكتاتيب” مطالبًا بتوجيه الدعم للتعليم الأساسي، ورد عليه وزير الشؤون النيابية، محمود فوزي، أن موضوع الجلسة يختص بالضريبة العقارية، وأن الحكومة على استعداد للرد على الاستفسارات لاحقًا، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية 

ورفض عبدالعال، مبادرة عودة الكتاتيب لأنها “ليست حلا للتعليم أو التربية الدينية” على حد تعبيره، مضيفا أن “في الدولة المدنية يقع دور التربية الدينية على الكنائس والمساجد والبيت، وكذلك المناهج الدراسية التي ترسخ القيم والمبادئ وحقوق الإنسان عند الأطفال، أما تسليم النشء للتعليم في الكتاتيب دون رقابة قد ينشئ متشددين جدد، إذ ربما يعلم بعضها الأطفال أحاديث وآيات دينية منتقاة باعتبارها صحيح الدين، مبنية على التميز الديني في مواجهة الديانات الأخرى”.

وقال عبدالعال، في تصريحات خاصة لـ“CNN بالعربية”، إن “الكتاتيب ليست حلا لمشكلة التعليم أو مكملة لأداء المدارس، وكذلك ليست حلا لمشكلة لقضايا الأخلاق والقيم والعادات”، مضيفا: “ليست هناك أدلة واقعية بأن خريجي المعاهد والكليات الدينية هم الأكثر أخلاقًا أو تمسكًا بالقيم الإنسانية والأخلاقية”.