كتب : نبيل نور
اكد الدكتور محمد عطية مرتضى استاذ امراض العظام والروماتيزم بجامعة الزقازيق انه في عمق الجسد، حيث يعمل جيش المناعة بلا توقف لحمايته من الغزاة، تحدث خيانة عظيمة. داخل ساحة القتال، و الخلايا المناعية تعمل بتناغم، تقاتل البكتيريا والفيروسات لحفظ السلام.
واضاف انه فى ذات يوم، انقلبت إحدى الفرق على المملكة، لتبدأ حربًا شرسة ضد المفاصل، القلاع الحصينة التي تحفظ حركة الجسد ومرونته.
وتبدأ الخيانة في مخابئ جهاز المناعة، تتلقى كتيبة الخلايا التائية (T cells) معلومات خاطئة، وكأن جاسوسًا دسّ السم في آذانها. يقتنع الجنود بأن المفاصل ليست جزءًا من الجسد، بل عدو متخفي يجب القضاء عليه! وهكذا، يبدأ الهجوم الأول…
لكن من الذي نشر هذه الأكاذيب داخل الجيش المناعي؟ حتى الآن، لا نعرف الإجابة بدقة، لكن هناك بعض المتهمين الرئيسيين:
اوضح مرتضى ان هناك عوامل منها
• العوامل الجينية: بعض العائلات لديها استعداد وراثي لهذه الخيانة، حيث تُظهر جينات مثل HLA-DR4 و HLA-DR1 ميلاً أكبر لبرمجة الخلايا المناعية على الخطأ.
والعوامل البيئية: التدخين، الالتهابات الفيروسية أو البكتيرية، وحتى تغيرات في بكتيريا الأمعاء قد تلعب دورًا في تحفيز التمرد المناعي.
والاضطرابات الهرمونية: لاحظ العلماء أن النساء أكثر عرضة للإصابة، مما يشير إلى دور الهرمونات في هذه المعركة.
وهكذا، بتأثير من هذه العوامل، تتوجه الخلايا التائية نحو المفاصل، محرضة جيشًا من المحاربين الآخرين، أبرزهم الخلايا البائية (B cells) التي تصنع أسلحة قاتلة تُعرف باسم الأجسام المضادة الذاتية (Anti-CCP و Rheumatoid Factor)، وهي سهام مسمومة تغزو ساحة المعركة وتسبب دمارًا واسعًا
اما الحرب الضروس!
فهى تحرك جيوش المناعة الخائنة إلى ساحة المفصل، وترسل رسائل مشؤومة إلى مصانع الأسلحة في الجسم، محفزة إنتاج مواد التهابية خطيرة مثل:
• عامل نخر الورم (TNF-α): القائد الأكثر شراسة، يحفز الالتهاب ويدمر الغضاريف.
• إنترلوكين-6 (IL-6): العقل المدبر، يرفع الحرارة ويؤجج النيران داخل المفاصل.
• إنترلوكين-1 (IL-1): اليد التي تهدم، تسبب التآكل وتدمير العظام.
تبدأ أرض المفصل بالتآكل، يذوب الغضروف الواقي شيئًا فشيئًا، ويمتلئ المفصل بالسوائل الملتهبة، وكأنها أنهار حمم تلتهم الحصون من الداخل. وهنا تدخل القوات الحليفة! بعد سنوات من الحرب، ومع ازدياد الألم والمعاناة، يصل الدعم! تأتي الأدوية كقوات نخبة مدججة بالتكنولوجيا المتقدمة. في مقدمة الجيش، نجد:
• مثبطات TNF-α: تقضي على القائد المتمرد وتخفض مستوى الالتهاب.
• مثبطات IL-6 و IL-1: تضع حدًا للمخططات التدميرية.
• الميثوتريكسات: سلاح قوي يعيد التوازن للمعركة.
تدور معارك شرسة بين القوات الحليفة والمتمردين المناعيين. تنحسر النيران، وتبدأ المملكة في التعافي، لكن الحرب لم تنتهِ بالكامل، فالمتمردون قد يعودون في أي لحظة إذا لم يُواصل العلاج بانتظام. و نهاية المعركة وبداية الحذر!
مع هدوء الجبهة، تعود الحياة إلى المفاصل، لكنها تحمل ندوب الحرب. يوصي الحكماء (الأطباء) بخطوات للحفاظ على السلام:
• المتابعة الدورية: لمراقبة أي بوادر تمرد جديدة.
• التغذية السليمة والرياضة: لتعزيز دفاعات الجسم.
• الالتزام بالعلاج: حتى لا تعود النيران للاشتعال.
وهكذا، يظل الجسد في يقظة دائمة، مستعدًا لأي خطر قد يلوح في الأفق، لكن بفضل الدعم الطبي، يملك الآن جيشًا أقوى وأكثر ذكاءً لحماية المملكة.