بقلم / رضا اللبان
الحب ليس مجرد شعور عابر أو لحظة دفء تنقضي، بل هو روح تسري في تفاصيل الحياة، وتمنحها معناها وبهاءها. هو النور الذي يهتدي به القلب في دروب الظلام، والسند الذي يُقيم النفس حين تعصف بها رياح القلق والوحدة. وإذا نظرنا بعمق، سنجد أن للحب وجوهًا متعددة، كلها تصبّ في نهر الإنسانية وتُشكل سلوك الإنسان وفِكره وانتماءه.
حب الله… منبع الطمأنينة
أول مراتب الحب وأعظمها هو حب الله. ذلك الحب الذي لا يُشبه سواه، لأنه حبّ لا يرتبط بمصلحة ولا يُقيَّد بزمن. هو حب من يتقن فن العطاء دون حدود، ويغفر الزلات دون مقابل، ويمنح الأمن في لحظات الخوف. من يحب الله بحق، يجد في قلبه سلامًا عميقًا لا تُزعزعه الدنيا بأكملها. وكل حب بعده لا يكتمل إلا إذا استمد من هذا النبع الطاهر.
حب الوالدين… جُذورنا الأولى
حب الوالدين ليس مجرد واجب، بل هو تقدير لرحلة طويلة من التضحيات والصبر. هما من حملاك قبل أن تمشي، ومن أعطياك قبل أن تطلب، ومن سهرا لأجلك دون شكوى. حب الوالدين هو الامتنان الحي، هو الاعتراف الجميل بأننا ما كنا لنكون لولا نبضاتهم وتعبهم ودموعهم الخفية.
حب الوطن… انتماء يتجاوز الحدود
ليس حب الوطن كلمات تُقال في الخُطب، بل هو إحساس عميق بالانتماء. هو الأرض التي مشينا عليها صغارًا، وتعلّمنا في مدارسها، وتنفسنا من هوائها. حب الوطن لا يُختزل في رفع علم أو ترديد نشيد، بل هو وفاء في السلوك، وحرص على رفعته، ودفاع عنه في السلم والحرب، بالعلم والعمل والإخلاص.
حب الأبناء… استمرار الروح فيهم
حب الأبناء ليس فقط غريزة، بل هو امتداد للأحلام، ونسخة نقية من قلوبنا تسير على الأرض. في نظرة طفلٍ لوالده، في سؤالٍ بسيط من ابن لوالدته، يختبئ عمق هذا الحب. هو حب يصقلنا ويعلّمنا كيف نكون أحنّ وأقوى في آنٍ واحد.
حب الشريك… شراكة الروح قبل الجسد
في حب الشريك نجد المأوى، الحنين، والتكامل. هو حب ينمو بالنُضج، ويثمر بالتفاهم، ويقوى بالوفاء. ليس الحب الحقيقي في لحظات الشغف فقط، بل في التفاصيل الصغيرة، في احتواء الحزن، وتبادل الأحلام، واحترام الاختلاف.
حب الناس… زكاة القلب
أن تحب الناس لا يعني أن تتخلى عن نفسك، بل أن تراهم بعين الرحمة، وأن تمنح دون أن تنتظر، وأن تبتسم في وجه من يحتاج الدفء. حب الناس يُورّث الهيبة، ويجعل القلب بيئةً صالحة للحياة.
وأخيرًا… الحب هو ما يبقينا بشرًا
الحب لا يُقاس بالكلمات، بل بالمواقف. لا يعيش في الخيال، بل في الأفعال. من أحب بحق، عاش عمرًا أطول من سنينه، وترك أثرًا لا تمحوه الأيام.