كتب / انور السيد
في تطور لافت للأحداث، أعلنت إسرائيل، اليوم الأحد، استعادة ما وصفته بـ”الأرشيف الرسمي السوري” للجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين، في عملية سرية نفذها جهاز “الموساد” بالتعاون مع جهاز استخبارات “صديق”، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ومن خلال 2500 وثيقة وصورة وأغراض شخصية، تعيد إسرائيل فتح ملف الرجل الذي ما زال يثير الجدل بعد ستة عقود من إعدامه في ساحة المرجة وسط دمشق، بينما لا تزال رفاته محل غموض ومحاولات استعادة متكررة.
وصية مكتوبة وصور عائلية
الموساد اعتبر العملية “نجاحًا استخباراتيًا ورمزيًا”، بينما وصفها رئيس الحكومة الإسرائيلية بأنها خطوة في إطار “الالتزام القومي بإعادة جنود إسرائيل ومفقوديها”، رغم أن رفات كوهين لا يزال مفقودًا حتى اليوم، ما يجعل هذه الوثائق، وفق الرواية الإسرائيلية، “أقرب ما يمكن استعادته من كوهين حتى الآن”.
من هو إيلي كوهين؟
ولد إيلي كوهين في الإسكندرية عام 1924 لعائلة يهودية سورية الأصل، وهاجر إلى إسرائيل في الخمسينيات حيث جُنّد لاحقًا في “الموساد” وأُرسل إلى الأرجنتين ومنها إلى دمشق في أوائل الستينيات تحت اسم مستعار هو “كامل أمين ثابت”، رجل أعمال سوري قادم من المغترب.
استطاع كوهين، وفق الرواية الإسرائيلية، أن يتسلل إلى قلب النخبة السياسية والعسكرية السورية، وكان قريبًا من شخصيات وازنة في الحكم، حتى إن تقارير تحدثت عن حضوره لاجتماعات داخل وزارة الدفاع.
وفي يناير 1965، ألقي القبض عليه بعد عملية رصد للإشارات اللاسلكية التي كان يبثها، ليُحاكم ويُعدم بعد أربعة أشهر فقط في واحدة من أشهر قضايا التجسس في تاريخ الشرق الأوسط.
بين الدعاية والحقيقة.. روايات متضادة
البيان الإسرائيلي لم يكشف عن الجهة الاستخباراتية “الصديقة” التي تعاونت في تنفيذ العملية، ما يثير تساؤلات حول ظروف الوصول إلى الأرشيف المحفوظ في قلب دولة لا تزال نظريًا في حالة حرب مع إسرائيل. كما أن توقيت الإعلان، تزامنًا مع الذكرى الستين لإعدام كوهين، يطرح احتمالات حول الطابع الرمزي والدعائي لهذه الخطوة.
وعلى الرغم من أن كوهين لا يزال يُحتفى به في الذاكرة الإسرائيلية كبطل قومي، إلا أن الرواية السورية الرسمية تعتبره “جاسوسًا خطيرًا”، وتضع قصته في سياق محاولات إسرائيل لاختراق النسيج السياسي والأمني للمنطقة.