عاجل

الصعيدي الظريف.. تزوج 7 مرات
الجيش الإسرائيلي يعلن مهاجمة 60 هدفا في غزة
رد فعل السيسي لحظة مرور تشكيل الشرطة العسكرية المصرية خلال العرض العسكري في موسكو
ندى كوسا تخطف الأنظار في مطار بيروت قبيل توجهها إلى الهند للمشاركة في ملكة جمال العالم
ما دلالات إعلان ترامب التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين؟
استمع إلى ما قاله البابا المنتخب حديثًا وهو يلقي كلمته بأول قداس له
# دوائر الافتقار إلى المحبة في “أوجُه عديدةٌ للموت”‏
دراسة: الوقاية من مرض باركنسون قد تبدأ من مائدة العشاء
ترامب يفقد صبره من نتنياهو وقرر قطع العلاقات معه
العاهل السعودي يصدر عددا من الأوامر الملكية
الأهلي يتصدر الدوري بانتظار خروج “الدخان الأبيض” من استاد القاهرة الدولي
صحة غزة: مقتل 106 أشخاص خلال الساعات الـ24 الماضية
استمرار وصول قادة وزعماء العالم إلى موسكو لحضور احتفالات روسيا بعيد النصر على النازية
بيان قمّة بوتين وشي في موسكو
# اتفاق أمريكي يمني لا يشمل إسـ..ـرائيل.. خطوة نحو استعادة استقرار المنطقة

# دوائر الافتقار إلى المحبة في “أوجُه عديدةٌ للموت”‏

بقلم دكتورة / أماني فؤاد

للروائية (رضوى الأسود) في النص قُدرة على الاستغراق بإمعان، في ‏وصف تجربةَ خذلان الرجُل للمرأة في العلاقة العاطفية، حتى شعرتُ مع ‏تكرار هذا المضمون بأساليبَ مختلفة، كأنها تريد أن تكثِّف تجربة ملايين ‏النساء؛ لتصوغ أثَر الخذلان في أقصى صوَره، وتجلياته المميتة على ‏النساء، كأن ملايين النساء تجمَّعن كلُّهن وبُحْنَ بما وصَفته الكاتبة. لكن لا ‏يبدو الانغماس الزائد دائما لصالح النص.‏
بعض السرديات تترك بصماتِها في أذهاننا، وأتصور أن كل امرأة تقرأ هذا ‏النَّص؛ ستقرر أنها أبدًا لا تستحق مذلة، ولا انتهاكًا لذاتها، واستجداء ‏للعواطف. بهذا التكرار والإصرار كأن الروائية تُقِر أيديولوجية لتنتهجها كل ‏امرأة، حين جسَّدت واقع العلاقات كما الواقع بالضبط، كأنها تقول لكل ‏امرأة: حدِّدي اللائق بكِ، قبْل استغراقك في طرف آخَر، في عطاءات بلا ‏حدود، ودون مردود.‏
تمنيت كثيرًا لو كانت النساء أقوى، أقوى بمعنى التجاوز، تجاوز الخذلان ‏والبحث عن تحققهن الشخصي في العمل والحياة، عن علاقات سوية ‏ومتوازنة مع الرجُل، علاقة قِوَامها العطاءات المتبادَلة، والبعد عن التنازل ‏والتعامي، أو استجداء العاطفة لمجرد عيشهن في علاقة عاطفية، تحكيم ‏العقلانية في أبعاد العلاقات كافة، والعطاء بمقدار متوازِن.‏
وأتصوَّر أن البطلة أدركت مع الوقت أنها أخطأت مِرارًا في تقدير موقف ‏ومقصد الرجُل الذي ادَّعى حُبها، فلقد شعرت منذ البداية إنها لديه مجرد ‏نزوة، تمضية وقت، في مجرد علاقة جسدية مصيرها الاعتياد ثم التشبع، ‏فلقد تغاضت عن زواجه، وعلاقاته المتعددة، أغلق الحُب عينَيها؛ تقول: ‏‏”أوَ تعلَم أمرًا، أحببت فيك كل شيء، حتى أنانيتك! كنت أعي أن الحُب هو ‏أن تتقبل الطرف الآخَر بكل ما فيه، بمثالبه ومزاياه، حُبي لك سيرتِّق ذلك ‏العيب، سيعيقه عن التمدد، سيحجِّمه؛ حتى يتوقف عند عتبتي، ولا يوجعني ‏بانسرابه لكُلِّي” 51. ‏
‏ كما أتصور أن طبيعة تكوين الشخصية المضطربة عاطفيًّا، المتعطِّشة ‏للاهتمام؛ نتيجة تأثير النشأة في أُسرة مفكَّكة، وشعورها بالوحدة جعلها ‏تستغرق بكامل كيانها في علاقة تعرف صعوباتها.‏


وصفت الساردة شخصية الحبيب، بعشقه لثوابته: ذاته ومصالحه وأُسرتَه؛ ‏أكثر من أيِّ متغيِّر آخَر في حياته، كما أنه أناني غير متعاطِف مع ‏الآخَرين في مرض أو فقْد، ولا يهتز لمُصاب أحد، يريد الحصولَ على ‏أقصى كل شيء. مكاسب وملكيات ومناصب، وصديقات كُثر من النساء، ‏رجُل لا يقيم للعواطف والحُب وزنًا.‏
كما تتجسد شخصية الأم، كنماذج كثيرة لأمهات وآباء، نراهم في المجتمع؛ ‏حيث القسوة الظاهرية، التي تغلِّف المشاعرَ؛ فيحيا الأبناء وهم في أشد ‏الحاجة، ليس لتقويم السلوك الصارم، وللتواصل العنيف، قدْر احتياجهم ‏للمحبة والاحتواء. كما يوضح النَّص أثْر غياب الأب الدائم، المسافر، أو ‏الذي يعمل طيلة الوقت. وأحسَب أنه بالرغم من رومانسية هذه السرديةَ إلا ‏أنها تميل لرصْد التقاطعات بين الفردي والأسري. ‏
حيث الملاحَظ في هذه السردية تمدُّد دوائر الحرمان ‏واللاسواء، وتسليم إحداها إلى الأخرى، في حلقات لا تنتهي، ‏فكلما شعرت الأم بابتعاد الزوج وخيانته؛ عانت عدم الاحتواء، فانعكس ‏على علاقتها بابنتها، فشعرت الفتاة باحتياجها إلى آخَر تجِد لديه الاهتمام، ‏وهو ما جعلها تقع في شرَك رجُل متزوج، ومتعدد العلاقات، وشديد ‏الأنانية. ‏
هذا فضلًا عن أن بعض ثقافة المجتمعات المحافظة ترى أن قسوة ‏الأمهات، وخوف الأولاد، وخاصةً البنات منهن، نوعٌ من ضبْط السلوك ‏التربوي. ‏
للروائية نفَس طويل، واستغراق في ضرورة الإلمام بكل زوايا ‏الموضوعات، وما يمكن أن يُطرح فيها من مناظيرَ مختلِفة؛ ‏ولذا يأتي السرد وكأن كل ما تطرحه الراوية بطلة القص يمكن ‏أن يعرَض بوجهة نظر أخرى، في الموضوع ذاته؛ ولذا تجدها قد تبرَّعت ‏بقوله وأوردته، وأحسب أن السرد وجهة نظر، واختيار، وإيحاء بالتلقائية لا ‏التقصي، فلكل فرد رؤاه هو. تقول البطلة عن الوحدة: “أحيانًا ما أجدني ‏أتساءل: هل اختيار الوحدة هي قِمة الأنا، بما أنها إعلاء من قيمة النفْس، ‏وتفضيل صُحبتها عن الآخَرين، أم هو هروب من الآخَرين،… هل هو ‏حُب شديد للنفْس يتبدَّى في قوة مواجهتها منفردين، أم على العكس، كراهية ‏شديدة لها؟” 140 ولعلنا نلحظ غلَبة صِيَغ التساؤل والحَيرة، والرغبة في ‏الإحاطة بكل شيء ومعنًى، وكأن الروائية تملك حِسَّ باحثة لا حكائة فقط.‏
كما نلمس المبالَغة أيضًا، والاستغراق في المعاني، حتى حدودها القصوى، ‏سواء في العشق، أو في الشعور بالوحدة، في الغضب، في مراقبة احتمالية ‏الانتقام ممَّن توجَّه لها بالأذى، رغم عدم استطاعتها فِعل هذا. لماذا ‏يترك الرجُل المرأة ولا يتأثر كالنساء، ولماذا تنتحر النساء؟
أحسب أنه أولًا، كما ذكرت الروائية: المرأة جزء من حياة الرجُل، وليس ‏محور الحياة الوحيد، عكْس المرأة التي رُبيَت ودُجِّنت لأن يكون الرجُل ‏عمادَ حياتها، وأول اهتماماتها وآخِرها.‏
الأمر الثاني: أتصور لشعور الرجُل بأحقيته في أن يعيش تعدد النساء ‏بحياته، سواء أربعة، أو ما ملكت أيامنكم أو العشيقات، والتي لا يحاسبه ‏المجتمع عليهن في الواقع، مثلما لو تعددت علاقات المرأة، وهذا من ظلال ‏سُلطة المجتمع وسُلطة الدين.‏
الأمر الثالث، أن المجتمع – ضمْن ثقافته الذكورية – لا يقيم وزنًا كبيرًا ‏لمشاعر المرأة ولا لكبريائها، المجتمع – في عاداته وتقاليده وأديانه وقوانينه ‏‏- عالَم للرجُل في الأساس، وكل ما عَدَاه يأتي بعده، فحتى القوانين ‏الموضوعة حتى الآن تفرِّق بين قيمة المرأة والرجُل، ضمْن الكيان البشري. ‏وعلينا ألا نتبنَّى المقولات التي تخدِّر رفْضَنا بمقولات ليست حقيقية، لا في ‏الواقع ولا على مستوى الوعي البشري.‏
وتبدو اللغةُ – في هذا النَّص – رصينةً ومتماسِكة، وتبحث ‏فيها الكاتبة عن الفروق الدقيقة للغاية بين المعاني ودقائق ‏المشاعر، وما يعبِّر عنها من مفردات، وهي للحق تناقضات وتداخلات ‏صعبة، لتناوُبها على الذات الإنسانية في اللحظة نفسها، في وقت تتوَالَى ‏فجائعُه على الشخصية. كما شعرتُ بمَيل اللغة والخطاب السردي ‏للمسرحية نسبيًّا، وأتصور عودة هذا للمبالغات القصوى في استنفار ‏المعاني بكل طاقتها. 42 ‏
في بعض المواضع، تأتي اللغة غيرَ انسيابية؛ ويشعر القارئ كأن الجملةَ ‏مكبَّلةٌ، تحتاج لإعادة صياغة؛ لتبدو أكثر سلاسة، كما تكلَّفت الروائية في ‏اختيار بعض المفردات، فيشعر القارئ كأن هناك نتوءات في الجملة، كما ‏نتؤات أوجاع الروح وثقوب القلب والكيان.‏
بعد قراءة المرأة لهذا النَّص ــ لو أنها تعرضت لتجربة خيانة ــ ستوجِّه ‏العتابَ لكيانها وتحدِّثه: استفِقْ، واخرُجْ من هذا الألم، كفَى تعلُّقًا، لا أحد ‏في هذا العالَم يستحق.‏
يبقى أن أعيد ما طرحتُه في البداية؛ تصُك الكاتبات أيديولوجيا جديدة من ‏شأنها التعبير عن النساء، ليس بغرَض التفوق على الرجُل، أو الدخول في ‏معارك معه عن السيادة؛ بل بغرَض التعبير عن المرأة، وخلْق التوازن في ‏طرْح رؤى الجنسَين، فلا أتصور أن المرأة تريد أن تكون رجُلًا، وتقوم ‏بمهامه فمع كل إبداع فني وفكري للمرأة تتكون طبقاتٍ من الوعي، وتلك ‏هي تلاوات البعث.‏

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
booked.net
موقع الرسالة العربية