عاجل

ترامب يطلب من الكونغرس زيادة ميزانية الدفاع الأمريكية
إعلام مصري: الرياض عرضت إقامة قواعد أمريكية بتيران وصنافير، وانقسام في القاهرة حول المقترح
أزمة تلاحق زوجة جورج كلوني الهوليوودي.. ما علاقة إسرائيل؟
مصر تحذر مواطنيها من رحلات “حج غير رسمية” بعد أزمة العام الماضي
غوارديولا: سأتوقف عن التدريب بعد انتهاء مشواري مع مانشستر سيتي
مصر.. ما حقيقة هدم أهرامات الملكات في الجيزة؟
غارات إسرائيلية على قواعد عسكرية سورية
خالد البلشي يحسم مسألة سباق نقيب الصحفيين المصريين
==… نعم : تزداد الحاجه الى الجهاد الاكبر ==
حاميها حراميها !
البنك الأهلي يهزم سيراميكا بنتيجة 4-2 فى الدورى الممتاز
الزمالك يتعادل سلبيًا مع المصري في الدوري
متحدثة الأمم المتحدة: نطالب المجتمع الدولي بحماية المدنيين في قطاع غزة
مايك والتز سفيرا لواشنطن لدى الأمم المتحدة
ترامب والمواجهة الاقتصادية

طه حسين والتعليم ( ١ )

بقلم / عمار علي حسن

قبل انشغال طه حسين، ثم عمله بجدية واقتدار على توسيع قاعدة المتعلمين في مصر، كان النظام التعليمي مجهزا لتلبية احتياج الطبقة المهمينة من الملاك إلى موظفين، مع السماح بحد أدنى أو ضئيل من التعليم للأغلبية الريفية. وناضلت البرجوازية الصناعية الناشئة في سبيل تعليم أوسع للوفاء بمتطلباتها من خريجين نوعيين.
يشملون مهندسين ومحاسبين وفنيين وإداريين، لكنها لم تكن تتحمّس لتعليم الطبقة العاملة، ولا الفلاحين إلا بقدر ما يتيحه كبار ملاك الأراضي الزراعية، واستمر هذا الاتجاه متغلبا منذ عهد محمد علي حتى عصر الخديوي إسماعيل.

فرفاعة الطهطاوي مدح قيام محمد علي بتوسيع رقعة التعليم، وإرسال البعثات إلى الخارج، لكنه ربط دوما بين هذا وتوفير كوادر متعلّمة ومدرّبة قادرة على تلبية احتياجات الدولة إلى من يؤدون الوظائف والمهام المنوطة بها، من مهندسين وأطباء وإداريين وضباط ومختصين بالعلوم البحتة والألسن والترجمة، ولم يتحدّث وقتها عن حق أبناء الشعب جميعا في دخول المدارس، فهو كان يدرك العلاقة الوظيفية أو الآلية بين التعليم واحتياجات مؤسسات الدولة، خصوصا الجيش، حتى تحولت المدارس إلى ثكنات عسكرية في كل شيء، بما في ذلك رتب القائمين عليها من مدرسين ونظار ومديرين.
وفي عهد الخديو عباس انكمش التعليم، إذ لم يكن يرضى عن الحركة العلمية في البلاد، وكان همّه بناء القصور لا فتح المدارس، ولا حتى الاحتفاظ بالموجود، فألغى الكثير منها، وخفّض ميزانية التعليم، وكان يميل إلى تعليم أولاد الأتراك دون المصريين.

وجاء الإصلاح مع الخديو إسماعيل حين عهد إلى علي مبارك، بالإشراف على التعليم، فأدخل المدارس تحت الإشراف الحكومي، وحوّل التعليم من وجهة حربية إلى ثقافة شعبية، واعتبر العلم كالماء والزاد، فوجّه التعليم إلى الريف بعد أن كان مقصورا على المدن الكبرى، نهض بالكتاتيب، وحوّل الصالح منها إلى مدارس ابتدائية، وتوسع في بناء مدارس أخرى، ورفع كفاءة المعلمين،

وعمل على تغيير المناهج لتضم العلوم المدنية إلى جانب الدينية، بل اشترك مع عدد من الأساتذة فى تأليف بعض الكتب المدرسية، وأنشأ لطبعها مطبعتين، وباشر بنفسه رعاية شؤون الطلاب من مأكل وملبس ومسكن، وأسهم بالتدريس في بعض المواد، لكن هذا المسار انقطع مع مجيء الإنجليز، الذين عادوا إلى نهج سابق، حيث كان مشروعهم للتعليم الذي وضعه دانلوب يبحث بين أبناء المصريين عن موظفين.
أما طه حسين، فأطلق رؤية تناقض هذا التوجّه الرسمي السائد، وأعطى قضية التعليم قسطا وافرا من فكره وجهده الحركي، كي تتوسّع وتتعمّق. كان يؤمن بأنه «إذا احتاج الشرق العربي إلى شيء، ليصل من نهضته إلى ما يريد، فهو محتاج إلى تعليم صالح معتمد على قواعد صحيحة ملائمة لنفسيته وعاداته وآماله وأطواره المختلفة»، ما يعني أنّه أدرك التعليم كحق للإنسان، وعامل مهم في سبيل النهضة والتحرّر والتقدّم، وليس مجرد أداة لصناعة موظفين.
وكان طه حسين يؤمن أيضا بـ«ديمقراطية التعليم» في وجه «رأسمالية التعليم» التي تبناها التربوي إسماعيل القباني، وخاض طه في هذا مواجهة، كانت في جوهرها نوعا من الصراع السياسي الذي يرتدي أقنعة تربوية تتضارب من خلفها المصالح الاقتصادية. فطه حسين سعى لتعليم كل أفراد الشعب، يخدم التطور الاجتماعي نحو الحرية والديمقراطية، ومن ثم «كان يريد أن يجعل من المدارس العليا جامعات، ومن التعليم الثانوي طريقا إلى الجامعات، أما القباني فكان يريد أن يجعل من الجامعات مدارس عليا ومن التعليم الابتدائي طريقا إلى التعليم الفني المتوسط المكتفي بذاته، الذي لا يتجاوزه إلا الممتازون بالعلم أو بالمال.. وبذا يكون أبناء الشعب أسطوات مهرة يخدمون الإنتاج، وليس لهم أن يتفلسفوا أو يفكروا في نظم الحكم أو في حقوق المواطنة وواجباتها على مستوى الفرد أو الطبقة أو المجتمع أو الوطن، ما دامت لهم قيادة قوية مستنيرة تفكر نيابة عنهم»
وقد عمل «القباني» بعد أن خلف طه حسين في منصب مستشار وزير التعليم على تطبيق رؤيته حول التوسّع في التعليم العملي، لكن طه لم يلبث أن نفّذ ما أراد بعد أن تولى وزارة التعليم في آخر حكومة للوفد قبل ثورة يوليو 1952، دون أن يجور على العلوم التطبيقيةـ فكان وراء تحويل المدارس العليا (مدارس المهندسخانة والزراعة العليا والتجارة العليا والطب البيطري) إلى كليات جامعية، دخلت في رحاب الجامعة المصرية، التي كانت من قبل لا تضم سوى كليات الآداب والحقوق والعلوم والطب.

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
booked.net
موقع الرسالة العربية