بقلم دكتورة / أميرة النبراوي
كلُّ الجراحِ تُشْفي، والذكرياتِ تُطْوى، واللقاءاتِ تُنْسى، والجميلاتِ تتترى، إلا امرأةً واحدةً تجاوزت كلَّ ذلك، وأبتْ أن تغادرني، منذ أن احتلتني بجمالها، وأسرتني بأنوثتِها، أتذكر ذلك اليوم، عندما جاءت عيادتي لكي تطمئن علي صحتها فأصابني حبُّها وأصبحت أنا المريض وأنا ذلك الرجلُ الذي كفر بالحبِّ من شدةِ ماعانيت من كثيرات عرفتهم في شبابي، وسعين خلفي، ولم تشدني أي امرأةٍ منهن . حتي زواجي كان تقليديا وأختيار أمي التي تعتبر تأخر زواجي بسبب دراساتي العليا في الطب، وظننت انى سأحيا بالحب بعد الزواج،
كانت الفجوة تتسع بيني وبين زوجتي يوماً بعد يوم لانشغالها بالبيت والأولاد
أهملت الزوج الحالم، والطامع في الاحتواء .الي إن دخلت تلك السيدة التي دق لها قلبي لأول مرة خطفتني نعم احساسي بها كنت أريد أن اصرخ واقول لها أنت أميرتى الجميلة ونبض قلبى أين كنتِ ؟ أنتظرتك في ربيع أيامي، وكان الوعد أن تأتي ورحلَ الربيعُ ،وجاءَ الخريفُ وتمنيتُ اللقاءَ.
و لولا وجود ابنتها الشابة معها، وتعرفني جيدا وتعرف وقاري وعقلي ربما فقدته حين التقيت بحبيبتي التي رسمت صورتها علي قلبي وحلم الصبا .وكتبت لها العلاج وانا سارح في روح أخذتني لعالم ساحر . وكنت كلما قابلت ابنتها أسالها عن امها وكانت تلمح الدهشة في عيني من انبهاري بها، ورقتها، وكنت أقف أقص على زميلاتها كم أن لها أماً ملاكاً في صورة بشر لدرجة أن عيني كانت تلمع بالكلام عنها، وعندما أرجع منزلي أشعر أني كنت في حلم جميل لا أسمع إلاصوتها وهمساتها وأري نظرة عين حالمةً باكيةً
وتمرُ الأيامُ وبالرغم من حصولي علي رقم هاتفها إلا أني كنت أخجل أم أسأل عن مريضتي لأن من أول لحظة شعرتُ بها حبيبتي، ومرَّ قرابةُ العامِ، وفي كل لحظة لا أري إلا عينيها الجميلتين، وفي يومٍ اتصلتُ وردتْ بلْ روحي رُدَّتْ لي، وقلت لها أحببت أن أطمئن عليكِ وشكرتني بشدة، واستأذنتها أتصل وتمنحني فرصةً أتعرفُ عليها ونلتقي عن قرب
وجدتني مشدوداً لصوتها، ورقتها واكتشفت أني أضعت أشياءً جميلةً في الحياة مقابل المجد العلمي، والأدبي، وهي كانت شخصية ثرية تبهر عقلك قبل عينك، وبيننا أحاديثٌ طويلة في الفن، والأدب، وشعرت أمامها بشيءٍ غريبٍ ربما النداهةُ شدتني إليها، ويوم نهاية الأسبوع اتصلت وقلت لها تيجي معايا؟ سكتت لحظات، وقالت أين يادكتور؟ وكأنها أرادت أن أفوق من حلمي قلت نسافر إلى مكانٍ هادىء، وسالتُها هل تقصي كلامنا لابنتك!؟ وبكل هدوءٍ قالت لي طبعاً نعم أنا لا أخفي شيئاً عن اولادي هم أصدقائي، وقطعة مني
ولماذا أخفي ؟ أنا لا أفعل شيئاً أستحي منه، وإذا بي أقول لها، وهل عندما نتزوج سوف يعرفون؟ وبكل ثقة أجابت نعم أنا لا أعمل شيئاً في الخفاء مرت لحظات كأنها دهر، ولأول مرةٍ أشعرُ رغم كوني الرجل اكتشف أنا الأضعف. أمام امرأه مختلفة تشدك بصدقها، وعفويتها .
وأغلقت المحادثةَ بحُجَّةِ انشغالي ولكن الحقيقة أنا شعرتُ رغم أني رجلٌ صاحب تجارب إلا أني أمام حالة مختلفة من النقاء، والوضوح ربما وجدت صعوبة في التعامل معها، وربما خبث الرجل لم يفلح مع الصفاء، والنقاء لا أعلم ماذا حدث لي؟ أنهيتُ الحوارَ علي أمل في التواصل مرةً أخرى، واستمريت في غيابي عنها شهوراً طويلة، ولم تحاول أن تتصل بي، وعلمت أنها تملك من الكبرياء، والعناد ماجعلها مختلفة فعلاً، وصدق حدسي ضعفتُ كل قواي، وانهارت حصونَ مقاومتي رغم عدم اكتراثها كل تلك المدة وجدت نفسي أتصل بها بعد غياب طويل، وإذا بها ترد بكل أدب، ورقي لم توبخ، أو تعاتبني كما توقعت كم كانت ذات طراز مختلف أنثي غير كل النساء التي مررن بي في رحلة حياتي قلت لها أرجوكِ امنحيني فرصة التلاقي بعد أن عرضتُ عليها كثيراً من العروض المبهرة، والتي لايمكن أن ترفضها أنثي بعد رحلة معاناتها، وحرمانها من الحب، وأقسمت عليها أن نتقابل في فندق مشهور نأخذ الشاي .ونتكلم أمام النيل .كم هي كلمة بالف معني “تيجي معايا” وشعرت بدقات قلبها متسارعة حسيت بالمعاناة وصعوبة أخذ القرار وحزنها من صوتها . وسألت نفسي ولومتها لماذا ارهقها ؟هي انثي عاشت علي الوفاء والإخلاص لأمومتها فقط نسيت حقها في الحياة والحب .
أعطت لأولادِها عمرها، وشبابها تمنيت أن “تيجي معايا” ونكمل رحلة عمرنا معاً أكملها وأكتمل بها فهي هدية الرحمن بعد عذاب الحياة وتمنيتُ وجودها لي املاً . وتصورتُ أنها ستفرحُ بعرضي أو تعتبره فرصة عمرها، ولكن كان قرار الموافقة بمثابة جب سحيق أوشفا حفرة ستقع فيها، ورغم كل الإغراء مني إلا أنها قابلته بالصمت، ولا أي اندهاش أو سعادة وذهبتُ إلى الفندق حسب الموعد المحدد، وانتظرتها وأنا أتسائل ..
هل ستقبل وتيجي معايا ؟
*******************
