حوار / محمد رضا
فى كل مرة تتواصل مع الدكتور أشرف صبحى، وزير الشباب والرياضة، لإجراء حوار معه، تجده دائما «سابق بخطوة»، بمعنى أنه جاهز دائما بالأرقام والملفات للحديث بكل شفافية ووضوح عن أحوال قطاعى الشباب والرياضة.
الوزير الشاب صاحب الخبرات العملية والبصمة غير المسبوقة، يسير بخطى ثابتة ونحو النجاح من خلال الدراسة الجادة والمراجعة الشاملة من كافة الجوانب لكل الأمور، وذلك من خلال الاستعانة بالمتخصصين والدارسين، وتحليل المواقف إلى أن يتوصل لحلول.
الحديث مع الدكتور أشرف صبحى، حافل بالجديد والمثير، لاسيما فى ظل الإنجازات الكبيرة بقطاعى الشباب والرياضة، ومن هنا تجد مكتبه دائما حافلا باللقاءات مع مسئولى الاتحادات والأندية واللجنة الأوليمبية، والأبطال والبطلات، لبحث ودراسة ما يدور على الساحة وإيجاد الحلول لأى أزمات، خاصة أنه دائما ما يسعى ومعه كتيبة المساعدين والمستشارين إلى التفوق والإنجاز فى ظل رؤية ودعم القيادة السياسية التى لا تمل من المتابعة لأبطال المحروسة على مستوى اللعبات الفردية والجماعية، وتوفر كل شيء من أجل عزف السلام الجمهورى المصرى فى المحافل الدولية، وإلى نص الحوار.
بداية د. أشرف كيف ترى المشهد الرياضى مع بشائر العام الجديد؟
فى الحقيقة علينا أن نعترف بأن القيادة السياسية فى مصر تولى اهتمامًا كبيرًا بملف الرياضة، وهذا الدعم الكبير يسهم فى تطوير هذا المجال، بخلاف جهودها فى مواجهة التحديات، وسعيها إلى أن تصبح الرياضة أسلوب حياة لكل المصريين، وهذا هدفنا منذ عام 2019، بأن تتحول مصر إلى مركز عالمى لاستضافة البطولات الدولية، بجانب طموحنا لاستضافة نسخة من كأس العالم أو دورة الألعاب الأوليمبية، خاصة أن لدينا الآن أكبر مدينة أوليمبية ونحن نعمل بالفعل على تحقيق هذا الحلم.
وواصل حديثه قائلا، إن مصر تمتلك اليوم بنية تحتية رياضية متكاملة، من طرق ومواصلات حديثة وفنادق وملاعب بمواصفات عالمية، ما يعزز من قدرتها على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى، والوضع الحالى مختلف تمامًا عما كان عليه خلال ملف استضافة كأس العالم 2010.
كيف ترى تكريم الاتحاد الإفريقى لكرة القدم «كاف» للرئيس السيسى ومنحه جائزة التميز؟
دعنى أقل لك إننى شعرت بالفخر لكونى مصريا فى هذه المناسبة، التى عكست مدى تقدير القارة لمصر ممثلة فى الرئيس، ولعلى لا أذيع سرا أننى التقيت نجم السنغال الأسبق الحاج ضيوف وحملنى رسالة للقيادة السياسية فحواها أنه من محبى الرئيس السيسى، وأن الكل يشكره على دعمه الكرة الإفريقية وللبنية الأساسية، وهذا ما قاله أيضا لى رئيس الاتحاد الإفريقى موتسيبى مباشرة.
وماذاعن جوائز (كاف) هذا العام وترشيحات الكرة المصرية فيها؟.
لا شك أن كل هذه الترشيحات من مصر أمر مشرف لنا جميعا، ونعتز به، وحصول الأهلى على جائزة أفضل نادٍ شيء مفرح وتكريم كبير له ولمصر.
بمناسبة الأهلى لمسنا حزنك الشديد بعد خسارته أمام باتشوكا المكسيكى فى الإنتركونتننتال.. أليس كذلك؟
بالطبع لأن أى انجاز رياضى للأندية أو المنتخب يحسب لمصر وبالتالى لوزارة الشباب والرياضة التى أتولى مسئوليتها، لاسيما أن الأهلى كان الأفضل والأقرب لحسم المباراة، إلى أن جاءت ركلات الترجيح التى لعب فيها التوفيق والحظ دورا كبيرا لتحرمه من لقب مستحق، وللعلم أيضا فإننى رتبت أمورى على حضور النهائى أمام ريال مدريد الإسبانى، ولكن الظروف كلها اختلفت بعد الخسارة.
دعنا ننتقل إلى المشهد الانتخابى فى الاتحادات .. هل أنت راض عنها .. وهل تحقق المأمول فى إبعاد الاتحادات الفاشلة فى دورة باريس؟
بالتأكيد .. فإن المشهد الرياضى تغير تماما بنسبة تزيد على 80%، وظهرت وجوه جديدة بين الـ 27 اتحادا أوليمبيا، وخرجت أسماء ظلت سنوات طويلة تدير المنظومة وهو أبلغ رد على نتائجها فى باريس وبعد فشلها فى تحقيق المأمول منها، بالإضافة إلى أن إجراءات الحوكمة المالية التى طبقتها الوزارة مؤخرا على الاتحادات أعادت الكثير من الأمور إلى نصابها الصحيح.
البعض يرى أنه على الرغم من المجهود الكبير المبذول والامكانات المالية الهائلة .. فلم يتحقق سقف الطموح فى باريس .. مارأيك؟
صمت وزير الشباب والرياضة برهة قصيرة وقال، إن الأرقام دائما أفضل رد من الكلام المرسل، أولا حصدنا ثلاث ميداليات متنوعة ذهبية وفضية وبرونزية، وحصلنا على المركز الرابع والخامس فى كل من السلاح والمصارعة، بخلاف كرة القدم التى تأهلت للمرة الأولى من ستينيات القرن الماضى إلى دور الأربعة وحققت نتائج رائعة على حساب منتخبات لها اسمها وتاريخها مثل إسبانيا الحاصلة على اللقب، بالإضافة إلى ظهور جيل صاعد واعد شاب قادر على المنافسة فى الأوليمبياد المقبلة بعد منافسته بقوة فى باريس بشهادة الجميع، وللعلم مصر حققت ربع ميدالياتها الأوليمبية على مدار التاريخ خلال دورتى طوكيو وباريس.
وواصل صبحى حديثه: لا أخفيك سرا أن المنافسة فى باريس كانت أكثر شراسة وضراوة عن دورة طوكيو سواء داخل الملاعب أو خارجها، وأعنى خارجها بالحملة النفسية والذهنية التى تعرضت لها البعثة على وسائل التواصل الاجتماعى والهجوم غير المبرر على اللاعبين واللاعبات حتى قبل انطلاق المنافسات، وهو الأمر بالتأكيد الذى أثر على تركيزهم وحالتهم النفسية ولو بشكل نسبى.
هل معنى ذلك أننا استفدنا من بعض الهفوات التى أثرت على نتائجنا فى الأوليمبياد؟
بالتأكيد .. ودعنى أصارحك بأن وجود وجوه جديدة فى الاتحادات والإجراءات التى اتخذتها الوزارة من الناحية المالية خطوة نحو الطريق الصحيح، وبلا شك فإن الجميع يلمس الطفرة التى شهدتها اللعبات الفردية التى لم تعد يطلق عليها اللعبات الشهيدة مثلما كان الأمر قديما، فنجومها باتوا ملء السمع والبصر سواء إعلاميا أو جماهيريا، وتحققت لهم رعاية غير مسبوقة وفرت لهم ظروفا مالية واجتماعية أفضل، ومن هنا أصبحت مصر قاسما مشتركا بشكل دائما فى المنافسة على البطولات ليست القارية فقط بل الدولية والعالمية والأوليمبية، بالإضافة إلى وجود تمثيل دولى لنا فى الكثير من الاتحادات الدولية، بعد ما كان الموضوع مقتصرًا على الدكتور حسن مصطفى، الآن هناك القائم برئاسة اتحاد السلاح مصرى ونائب رئيس الاتحاد الدولى للخماسى الحديث مصرى وعضو المكتب التنفيذى وعضو الاتحاد الدولى للجمباز من مصر أيضا وغيرهم الكثيرون».
وأضاف: «فى الوقت الحالى نجهز لدورة الألعاب الإفريقية التى نستضيفها فى 2027 مع الاتحاد الإفريقى صاحب الحقوق واتحاد اللجان الأوليمبية الإفريقية واتحادية الكونفيدراليات الرياضية الإفريقية «الأوكسا»، التى ستقام فى المدينة الأوليمبية الجديدة بالعاصمة الإدارية».
وتابع: «نجهز أيضًا لمشاركة أبطالنا فى بطولات العالم وعدد من البطولات الخارجية بجانب عدد من الملفات المهمة».
وماذا عن خطط الوزارة خلال الفترة المقبلة للانطلاق بقوة أكبر سواء على مستوى المنشآت أوالنتائج؟
أولا يجب أن نعلم أنه لا يوجد منشأ رياضى فى مصر ليس أفضل من المنشآت التى نراها فى الخارج، وقد نظمنا 440 بطولة عالمية وإفريقية فى مصر ووضعنا نموذجًا جديدًا منذ كأس الأمم الإفريقية 2019 حتى الآن».
هل هناك معايير معينة للوزارة تعتمد عليها فى خططها للرياضة المصرية؟
خطط الوزارة تعتمد على معايير واضحة مثل أداء المنتخب الوطنى فى كأس الأمم الإفريقية والتأهل لكأس العالم، بالإضافة إلى عدد الميداليات الأوليمبية المحققة، والخطة مقسمة إلى ثلاث مراحل: أوليمبياد طوكيو 2020، أوليمبياد باريس 2024، وصولًا إلى أوليمبياد 2028، بهدف تمهيد الطريق لأوليمبياد 2032، ولا جدال فى أن التخطيط المالى لكل مرحلة يتناسب مع الأهداف المحددة، مع محاسبة دقيقة لكل المسئولين عن إدارة المال العام لضمان تحقيق النتائج المرجوة.
كرة القدم تظل دائما محور اهتمام وفرحة الجماهير .. كيف ترى وتتوقع المشهد فى 2025؟
أعتقد أن الفترة الماضية كانت من أسعد الأوقات التى مرت علينا، بفرحة جميع الجماهير المصرية، جربت استاد القاهرة وهو ممتلئ بالجماهير، والتباين الكبير بين إحساس الخروج غير سعداء وإحساس الفرحة وهو ما تحقق فى تتويج الزمالك بالكونفدرالية والأهلى بلقب دورى أبطال إفريقيا، إلى جانب انعكاساته على دور الجماهير والدخول الرسمى بهذه الأعداد الكبيرة، فعرف المدرج اللون الأبيض بالكامل فى الكونفيدرالية واللون الأحمر فى الأبطال مع وجود مؤازرة متبادلة بين جماهير الفريقين، وهو ما نتمنى تكراره هذا العام إن شاء الله بتتويج الأندية المصرية باللقبين وبالتالى المنافسة على لقب سوبر القارة.
وأضاف: «نسعى إلى استكمال دور الجماهير فى إشعال حماس اللاعبين وتغيير أجواء المباراة فهم اللاعب رقم 1 و12، إلى جانب سلوكيات الجماهير الرائعة، وأتمنى بعد أن أسعدنا القطبان أن تكتمل فرحتنا بتأهل المنتخب للمونديال، والمنافسة على لقب كأس الأمم الإفريقية المقبلة فى المغرب بعد أن تأهلنا لها عن جدارة واستحقاق بصدارة المجموعة.
ما تعليقك على توهج وأرقام نجم مصر وليفربول محمد صلاح القياسية فى الدورى الإنجليزي؟
محمد صلاح نموذج قوى لكل أسرة تمتلك طفلا بعدما أصبح ضمن أفضل 3 لاعبين فى العالم، فهو كيان اجتماعى ورياضى واقتصادى لمصر، هذه رسالة أؤكدها، بغض النظر عن محمد صلاح والكرة فهو سفير لنا وجميع المحترفين نعاملهم بنفس القدر، وعندما يكون هناك أمر يستوجب تدخل الوزير المسئول لا أتوانى.
كيف ترى ملف المحترفين خاصة فى ظل المقارنة المستمرة مع المغرب؟
عدد المحترفين له عدة عوامل، فالمغرب العربى يمتلك جاليات كبيرة فى أوروبا، وهو ما يؤثر على عدد المحترفين، نحن طبيعتنا كمصريين نفضل العودة السريعة إلى الوطن، ورأيى الشخصى لا بد أن يكون هناك توازن بين قوة الدورى المحلى والمحترفين لتفادى ما حدث للمنتخب الإنجليزى خلال فترات طويلة، النموذج الألمانى يعجبنى لأنه يمزج بين جودة محترفين مع الحفاظ على عدد مميز من المحليين، واتحاد الكرة عليه متابعة العناصر المتاحة فى الخارج ونحن أنتجنا الكثير من المشروعات لتوسيع قاعدة الاحتراف، إلى جانب دعم جهود عدد من الأكاديميات وشركات التسويق.
ما تقييمك لمشاركة مراكز الشباب فى أنشطة الاتحادات الرياضية؟
لقد طورنا مراكز الشباب بطفرة إنشائية واقتصادية كبيرة وصلت الى أكثر من 5000 مركز شباب وملاعب وحمامات سباحة فى الريف والقرى، وتحول الحلم من مشاهدة الملاعب وحمامات السباحة فى التليفزيون إلى واقع ملموس فى القرى والريف، وهذا الأمر انعكس أيضا على الموارد المالية التى وصلت فى بعض المراكز إلى 3 و4 ملايين فى السنة، بالإضافة إلى دورى مراكز الشباب، والراعى الخاص به هو راعى البطولات الإفريقية وهو ما أهل المراكز للمنافسة على البطولات الجماعية، وطبقا لقانون الرياضة، المراكز لا تنتخب فى الجمعيات العمومية نظرا للانعكاس السلبى خلال أوقات سابقة، فهى تشارك وتنافس فقط، ولها دور كبير فى تقديم المواهب وتحقيق نتائج مميزة.
وماذا عن التطوير الإنشائى فى القطاعات المختلفة؟
لكى يحدث تطوير فى القطاعات الرياضية بحجم ما يتم فى الجمهورية الجديدة والدولة المصرية، لابد أن يكون العمل متزنا ومتوازيا فى ملفات مختلفة، المنشآت يجب أن تطور بشكل راق، إلى جانب ثقافة الممارسة الرياضية ولا تقتصر على البطولة بل تمتد للصحة وأسلوب الحياة.. لنا مخططات فى هذا الشأن سواء بالميزانيات العادية لنا أو حق الانتفاع، وهو ما يؤدى إلى تسريع دورة العمل للمستهدفات.
وقال «فى 6 سنين وصلنا إلى حجم استثمارات إنشائية حكومية بنحو 30 مليار جنيه، إلى جانب 11 مليار جنيه من القطاع الخاص، وهو ما انعكس بتوسيع قاعدة الممارسة، والمستهدف، خلال الفترة المقبلة هو التقليل من الحمل الحكومى، ودخول القطاع الخاص أدى لهذه النتيجة.. عدم وجود صالات رياضة خلال سنوات ماضية أدى إلى فقدان عامل مناخ المنافسة للاعبين عند خوض المنافسات فى الخارج، الآن نمتلك نفس قدرات الخارج وأفضل.
مبادرات شبابية كثيرة وناجحة طرحتها الوزارة خلال توليكم المسئولية.. ما أبرز شيء يتم التركيز عليه من خلالها حاليا؟
بالتأكيد، هو الوعى وضرورة الالمام بما يحاك ضد مصر من مؤامرات لاسقاطها مثل بعض الدول المحيطة بنا، وما تفعله الدولة والقيادة السياسية للوقوف ضد هذه المخططات، لاسيما أن مصر تمثل حائط الصد للمنطقة العربية كلها.
وكيف يتم بث هذه الرسائل المهمة لشبابنا فى تلك المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة العربية؟
لدينا طرق عديدة للتواصل مع الجيل الجديد سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعى أو الندوات والمؤتمرات المكثفة والاستعانة بالخبراء سواء فى الدين أو السياسة والاقتصاد لتعريفهم بما تتعرض له مصر من تحديات، وجهود الدولة لحل الأزمات الاقتصادية والحفاظ على الأمن والامان والاستقرار الذى يمثل حجر الزاوية فى بناء الأمة والنهوض بها.
وماذا عن المشروعات الشبابية التى تحرص الوزارة دائما على تقديمها لتوفير فرص عمل جديدة ومتجددة ؟
فى الحقيقة لدينا تواصل دائم مع شركات القطاع الخاص لتوفير فرص عمل كثيرة، ونجحنا بالفعل فى ذلك، بخلاف الفرص الاستثمارية الأخرى فى مراكز الشباب على مستوى الجمهورية من خلال أسلوب حق الانتفاع والذى حقق مكاسب مادية كبيرة على مدار السنوات الماضية.