كتبت / منال خطاب
وقف الخلق ينظرون جميعا كيف ابني قواعد الفن وحدي !
حين تحل ذكري كوكب الشرق الخالدة :
(أم كلثوم) .
في فبراير من كل عام نقف مشدوهين أمام إنجاز فاق الخيال و الأحلام !
منحها الله صوتاً معجزاً لم يحظ به جميع مطربي و مطربات القرن العشرين باستثناء واحد فقط هو (محمد عبدالوهاب) .
فكليهما وحدهما امتدت مساحة صوتهما لتغطي عدد
(إثنين اوكتاف) باعتبار أن كل أوكتاف هو المسافة بين درجة (دو) في البيانو مروراً بثمانية أصابع إلي درجة (دو ) التي تليها !
في حين إقتصر حظ جميع السابقين و اللاحقين لهما علي أوكتاف واحد فقط !
و لكن هل تكفي الموهبة فقط !؟
سيذكر لها التاريخ أنها شكلت و(عبدالوهاب) عمودين تأسس عليهما وحدهما أعظم بناء للموسيقي و الغناء في القرن العشرين و ماتلاه !
و يكفي أن نذكر أنها بدأت معه في عصر (هات الإزازة و اقعد لا عبني) و سلما راية الفن برائعتهما الخالدة (أغداً ألقاك) !
بعد أن تجاوز عمر كليهما سبعين عاماً !فكيف كان ذلك !؟
إحترمت نفسها و قدرت فنها فكانت في حياتها الشخصية مثل راهبة في محراب فنها !
و قدرت فنها و جمهورها فكرست حياتها لهما ترتقي بالمشاعر و الأحاسيس و تنتقي الكلمات للشعراء :
(شوقي) و(حافظ) و (رامي ) و (بيرم )و (الخيام) و (الشناوي) و تقتطف من ألحان العظماء :
(زكريا) و (القصبجي) و (السنباطي) و (الموجي) و (الطويل) و (مكاوي) !
و إنظر إلي أية حفلة غنائية لها كملكة متوجة خلفها في
(البدل الأوبرالية) عظماء من نوعية(القصبجي) و (الحفناوي) و (صالح) و (فاروق سلامة) و (خورشيد ) و (هاني مهني) بعد أن منحهم استاذهم (عبدالوهاب) اللقب الغالي (عازفين) بدلا من لقب (الآلاتية) المهين !
و أنظر إلي جمهورها من الباشوات و الهوانم المحترمين !
لتعرف كيف إرتقت بنا جميعاً و بفنها إلي أعلي عليين !
لقد لعبت (أم كلثوم) مع رفيق دربها (عبدالوهاب) في القرن العشرين دوراً استثنائياً (مزدوجاً) لا يقوم به إلا الأفذاذ النادرين !
أولاً في (تأسيس) فن الغناء في القرن العشرين و ماتلاه ثم في (تطويره) و تجديده .
و لكن (عبدالوهاب) سبقها في التجديد بسنين !
و قد يكون ذلك من الأسباب التي أخرت لقائهما الفني الذي إنتظره الملايين .
إذ خشيت من طغيان موسيقاه الجبارة علي صوتها و هو ماحدث فعلا بلقائهما في (إنت عمري)
أو (لقاء السحاب) !
و لكن سوف يذكر لها التاريخ أنها إتجهت إلي التجديد الموسيقي في العقدين الأخيرين من عمرها الفني خاصة بعد أن أثر الزمن تأثيره المحتوم في صوتها الجميل فلجأت إلي الشاب العبقري (بليغ حمدي) و من بعده رفيق دربها (عبدالوهاب) فمنحاها هذان العبقريان عمراً فنياً فوق عمرها لعشرات السنين !
سلام عليك في الخالدين
ياكوكب الشرق الجميل !
الذي أضاء أيامنا
(كشمس الأصيل) !
و عشنا معك السعادة
(كل ليلة وكل يوم) عندما
(يرق الحبيب) !
و عرفنا معك (الحب كله)
و أسرار (أهل الهوي) !
حتي (مرت الأيام) فصرنا
نبكي معك علي (ذكريات)
و (أطلال) الزمن الجميل !