كتبت / منال خطاب
تحدثنا في (الستة مقالات) السابقة عن (ستة) من الفنانين الخالدين الذين كتب لخمسة منهم فقط أن يلحنوا (لأم كلثوم) أعظم مطربة في القرن العشرين :
(زكريا و القصيجي و السنباطي و الموجي و بليغ) و حرم السادس(فريد) رغم موهبته الفياضة !
و الآن حان الختام مع مسك الختام !
(محمد عبدالوهاب )
موسيقار كل الأجيال السابقين و اللاحقين !
نحن الآن في ليلة
(السادس من فبراير )عام (١٩٦٤) و هي ليلة دخلت تاريخ مصر بعد أن أقفرت تماما شوارعها من المارين !
الذين تعلقت قلوبهم حول المذياع متلهفين !
علي أهم و أعظم عمل غنائي في القرن العشرين !
و ليس الهدف اليوم هو مقارنة (عبدالوهاب) بالملحنين الستة العظام السابقين !
لأن جملة موسيقية واحدة منهم تعدل إنتاجنا الموسيقي آخر عشر سنوات من زمننا الضنين !
و لكن الهدف تسجيل نتيجة أصعب إختبار لهم و هو التلحين (لأم كلثوم) المطربة التي هي مثل (عبدالوهاب) لم و لن يأت مثلهما في الأولين و الآخرين !
ظهرت نتيجة (الإختبار الكلثومي) الصعب جداً في (أول ربع ساعة) إذ أنه قرب انتهاء عزف مقدمة (انت عمري) تصاعد التصفيق الجنوني للجمهور و ظهرت النتيجة مبكراً !
فإلتقط (عبدالوهاب) الواقف في الكواليس انفاسه لاول مره ورجع الي منزله ناجحاً متفرداُ راضياً مرضياً لماذا !؟
لانها كانت المره (الاولي) و(الوحيدة)في تاريخها كله التي يصفق فيها الجمهور لاستعادة عزف (المقدمه الوهابيه المذهله) وليس لتحية ثومه قبل غنائها كما تعودت !
وتلك المقدمه الجديدة الفريدة تصل مدة عزفها إلي مايقرب من ربع الساعه واستعادها الجمهور (ثلاث مرات) اي ان (ثومه) جلست علي كرسيها الشهير مايقرب من (ساعه )حتي يستعيد الجمهور تحفة عبدالوهاب الموسيقيه !
تأخر ذلك اللقاء للاسف عشرات السنين رغم أنه كان حلماً للملايين ! وصل كلا من (أم كلثوم ) و (عبدالوهاب) القمه وتربعا عليها سنوات طويله قبل ان يلحن لها رغم أنها غنت لثلاثة من الشباب أيامها
(الطويل و الموجي و بليغ )
بعد الثلاثة الكبار
(زكريا و القصبجي و السنباطي)
و لكن خوف كل منهما من الآخر و من المقارنة بين صوتها الجبار و موسيقاه الأسطورية المذهلة كان هو السبب !
ولكن (ثومه) إستفادت من تلحينه لها فبالارقام تضاعفت مبيعات اسطوانات ثومه بعد مرحلة
(انت عمري) !
و لم يأت ذلك من فراغ فقد أدخل (عبدالوهاب) لأول علي أغاني (ثومة) فكرة متطورة جداً و هي :
(المقطوعات الموسيقية البحتة) كمقدمات و فواصل بين الكوبليهات !
بالإضافة إلي أحدث المقامات و الإيقاعات و الآلات !
و بالطبع جمل موسيقية و لحنية تعتبر أهم كنز موسيقي غنائي في تاريخ الغناء في الشرق علي مدي القرن العشرين و ما بعده .
مما كان السبب في وصول ثومه الي (خمسة اجيال) علي الاقل ممن تفتحت اسماعهم في اواخر (الستينيات ) !
والي الان الذين عرفوها من خلال
(انت عمري)اولا !
كان(زكريا احمد)عظيما في ألحانه ولكن من منطلق التطوير فان لحن مثل
(هوصحيح الهوي غلاب) علي روعته في (الستينيات) لم يحدث به تطوير عن الحانه العظيمه قبلها بسنوات مثل
(انا في انتظارك) او (اهل الهوي) !
(إنظر المقال رقم ١)
و كان (القصبجي) ايضا رائعا ولكن منذ لحنه الرائع(رق الحبيب) سنة (1945) نضب معينه للاسف واقتصر عمله علي عزف العود في فرقة ام كلثوم حتي توفي عام (1966). (أنظر المقال رقم ٢) .
وأبدع العملاق (السنباطي ) في الحانه لثومه كما ابدع لغيرها ولكن نشعر جميعا انه خلق (لام كلثوم) وحدها وان الحانه العظيمه لغيرها لا تقارن بروائعه الكلثوميه .
(إنظر المقال رقم ٣) .
و بالرغم من ان (الموجي) مع (كمال الطويل)كان احد فرسي التطوير مع رفيق عمرهم (حليم) حتي انهم فاجئوا استاذهم(عبدالوهاب) نفسه في
الخمسينيات لكن إخلاص (الموجي ) و تفرغه لصديقه و رفيقه (حليم ) و مشروعه الغنائي الخالد كانت اقوي بكثير من تفرغه و إبداعه (لأم كلثوم) .
(إنظر المقال رقم ٥) .
أما (فريد الأطرش) رغم إبداعه فلم يلحن لها رغم أن ذلك كان من أحلامه (إنظر المقال رقم ٤)
الوحيد الذي نجح مع ثومه نجاحا ساحقا مثل استاذه(عبدالوهاب) كان العبقري (بليغ حمدي) ولكن الفرق الكبير بينهما ان (عبدالوهاب) كان قد وصل الي قمته سنوات عديده قبل تلحينه لثومه !
اما (بليغ) فكما افادها ومد عمرها الفني اجيالا كثيره
فقد استفاد هو ايضا لان قمة المطربات غنت له وهو شاب في العشرينيات بمبادره رائعه من الراحل العظيم (محمد فوزي) الذي قدمه لثومه ايمانا بعبقريته وايثارا له علي نفسه( إنظر المقال رقم ٦) .
و بعد (إنت عمري) أبدع لها (عبدالوهاب) درراً خالدة في سنوات قليلة و كأنهما يعوضان مافاتهما بدأت برائعة
(إنت الحب) لرفيق عمريهما (رامي)
و قصيدة (علي باب مصر )
الشهيرة (أنا الشعب أنا الشعب)
(كامل الشناوي)
و (أمل حياتي) لنفس مؤلف
(إنت عمري) (أحمد شفيق كامل )
و (فكروني) (عبدالوهاب محمد)
و (أصبح عندي الآن بندقية) نزار قباني .
و (هذة ليلتي) (جورج جرداق)
و (دارت الأيام) (مأمون الشناوي)
و(أغداً ألقاك) (الهادي آدم)
و أخيراً و ليس آخراً (ليلة حب)
(أحمد شفيق كامل )
وهكذا نري ان لقاء القمتين (ثومه) و(عبدالوهاب ) الذي تأخر كثيراً كان بحق (لقاء السحاب) !
الذي مد في عمر (أم كلثوم ) الفني عدة أجيال !
واثبت فيه (عبدالوهاب) كعادته انه اعظم موسيقار في كل الاجيال !