عرض : على عبد الحميد
” جمال حمدان خبيئة مصر ” كتاب صدر حديثا عن مركز الحضارة العربية برئاسة المفكر والناشر على عبد الحميد ،الكتاب للزميل : د. السيد رشاد برى الشاعر والباحث والكاتب الصحفى بمؤسسة الأهرام ونائب رئيس تحريرمجلةالأهرام العربى ..والذى يبدأه بتلخيص دال للمشهد المصرى الآن قائلا :(وراءنا “ماض ” نفخر به ..ونحيا “حاضرا” نسعى أن يكون مانبتغيه ..لكن أمامنا ” مستقبل “لابد أن نعبر إليه ..) ، بينما افتحه باهداء موجع للراحل العظيم جمال حمدان هو فى حقيقته اعتذار عن خطيئة أجيال متعاقبة فى حق هذا العبقرى المتفرد ..والذى يقول فيه :” الى د. جمال حمدان ..لقد خذلناك بقدر ما أنصفتك ” الجغرافيا”..وأسأنا الى أنفسنا بتجاهل أفكارك .. بقدر ما خلدك التاريخ .. فسامحنا وأنت فى “عالمك البعيد”..مشيرا إلى أنه ، رغم روحة الجريحة، ظل ، حتى اللحظة الأخيرة ، ممسكا بقلمه .. مقاتلا.. يفجر بكل حرف يكتبه , غضب الوعى والتنوير فى بحيرة أمته الراكدة، حتى لو ارتدت الحروف أحجارا ورصاصات وحرائق إلى صدره.. ادراكا منه أن دوره الحقيقى هو نقل فعل الحركة والحلم إلى الانسان المصرى، من خلال جرأة امتلاك الخروج على الجمود والعدمية، ورفض انطفاء الآمال مهما كانت الإحباطات، والأهم استشراف آفاق المستقبل،.. وكان لابد أن يدفع ثمن سباحته ضد تيارالانهيار السائد , من أجل رفعة وطنه وأمته، ومواجهته ثقافة التفاهات والنفاق والتسلق..ومعارك الفساد والعدمية والأهداف الصغيرة و المصالح الرخيصة..فأصبح ، طوال الرحلة النفيسة ،هدفا لكثير من الأحقاد والمؤامرات التى بدأت بطرده من الجامعة…. واستمرت حتى بعد رحيله بتجاهل آرائه وأفكاره من “صغار” ربما خافوا قامته، أو التنكر لعبقريته من “جاحدين” لم يدركوا خطورة جحودهم على مستقبل هذا الوطن، أو فى أحسن الظروف، “نسيان منجزه ” من ذاكرة جمعية أصبحت “مثقوبة” بفعل عشرات التداعيات السلبية التى عمقت ثقوبها وزادتها اتساعاً و مسخت وشوهت الجوهر الحقيقى للإنسان المصرى وانحرفت بقيمه وسلوكياته.
انها أزمة التفوق والنبوغ والعبقرية حين تصطدم بما حولها من نكران وجحود، في مجتمع مثقل بجبال من القيم السلبية والرديئة والمتخلفة .
ويواصل المؤلف قائلا :إن إحياء ” مشروع جمال حمدان ” فى مصر والعالمين العربى والاسلامى هو الواجب الثقافى (المقدس) الذى غفل عنه الكثيرون – باستثناءات محدودة، محترمة- ربما لمشقته، أو لصعوبة البحث فيه..رغم أنه من أهم المرجعيات الحقيقية لذاتنا الثقافية ،وأبرز مقومات وجودنا الحضارى، وقدرتنا فى المستقبل على مواجهة تداعيات مخططات تجريف هويتنا الثقافية والحضارية التى تتعرض لهجمات شرسة فى ظل ما يسمى بـ “مسخ العولمة” ..ومن الخطورة بمكان أن تنسى الأجيال المعاصرة، أو يتم تغييبها عمداً عن ”مشروع جمال حمدان ” القدوة والنموذج “، فتتخلى الأمة شيئا فشيئا عن موروثها الحضارى وخصوصيتها الثقافية ، أو تتركه يذبل ويندثر مع مرور الوقت ، فتنشأ أجيال متتابعة على فراغ قيمى وحضارى هائل ، تشغله على الفور قيم وتشوهات العولمة الاستهلاكية الشائهة التى تجتاح فى طريقها أى شئ، وكل شئ من أجل هدف واحد هو الهيمنة الثقافية ، وتفتيت أمتنا – راجعوا مخطط الشرق الأوسط الجديد ..
وفى هذا السياق يقدم الملمح الأول ، الذى جاء بعنوان “موقد الضوء .. ملمح انسانى “بلغة أقرب الى الشاعرية ..قراءة فى مسيرة د. جمال حمدان منذ ارهاصات ولادته فى الرابع من فبراير 1928.. حيث حط كسهم بارق فوق فرن ساخن بقرية “ناي” بمحافظة القليوبية فى جنوب دلتا النيل..وحتى رحيله ويا للغرابة محترقا أيضا بنيران البوتجاز فى السابع عشر من إبريل 1993م كما تقول الرواية الرسمية التى كذبها العديد من أشقائه وأصدقائه متهمين الموساد الاسرائيلى بقتله ..فيما يتناول الكاتب فى الملمح الثانى الذى وضع له عنوان ” الفكر الاستراتيجى واستشراف المستقبل،قضية التفكرالاستراتيجى واستشراف المستقبل كأبرز سمات مشروع حمدان،ومع أن ما كتبه” جمال حمدان” قد نال بعد رحيله بعضا من الاهتمام الذي يستحقه، إلا أن المهتمين بفكره، صبوا جهدهم على شرح وتوضيح عبقريته الجغرافية فقط، متجاهلين في ذلك ألمع ما في فكر” حمدان “، وهو قدرته على التفكير الاستراتيجي. ولذا فان” جمال حمدان”، عاني مثل أنداده من كبار المفكرين الاستراتيجيين في العالم، من عدم قدرة المجتمع المحيط بهم على استيعاب ما ينتجونه، إذ أنه غالبا ما يكون رؤية سابقة لعصرها بسنوات وربما عقود، وهنا يصبح عنصر الزمن هو الفيصل للحكم على مدى عبقرية هؤلاء الاستراتيجيين،وإذا ما طبقنا هذا المعيار الزمني على فكر “جمال حمدان”، سنفاجأ بان هذا الاستراتيجي كان يمتلك قدرة ثاقبة على استشراف المستقبل متسلحا في ذلك بفهم عميق لحقائق التاريخ ووعي متميز بوقائع الحاضر، فقد تنبأ بمشاكل المياة بوادى النيل حيث كتب يقول :” مصر اليوم إما أن تحوز القوة أو تنقرض. إما القوة وإما الموت، فإذا لم تصبح مصر قوة عظمى تسود المنطقة فسوف يتداعى عليها الجميع يومـاً ما كالقصعة،كماأدرك جمال حمدان مخاطر الشحّ المائي الناتج عن الاستراتيجية الجديدة لدول منابع النيل ففي مذكِّراته قال : «من المتغيِّرات الخطرة التي تضرب في صميم الوجود المصري، ليس فقط من حيث المكانة لكن المكان نفسه، أنه لأول مرة يظهر لمصر منافسون ومطالبون ومدعون هيدرولوجيـاً (مائيـاً)
تنبؤات وكأنها كانت حين تسطيرها قبل عدة عقود قراءة في كتاب المستقبل. فالجميع يتداعون ضد مصر الآن تمامـاً مثل «القصعة»، في حين حاولت دول حوض وادي النيل فرض الاتفاقية الإطارية الجديدة لحوض النيل، التي وقَّعت عليها الدول المعنية، باستثناء مصر.
ومن استشرافاته للمستقبل في عقد الستينات، وبينما كان الاتحاد السوفيتي في أوج مجده، والزحف الشيوعي الأحمر يثبت أقدامه شمالا وجنوبا، أدرك” جمال حمدان” ببصيرته الثاقبة أن تفكك الكتلة الشرقية واقع لا محالة، وكان ذلك في 1968م، فإذا الذي تنبأ به يتحقق بعد إحدى وعشرين سنة، وبالتحديد في عام 1989، حيث وقع الزلزال الذي هز أركان أوروبا الشرقية، وانتهى الأمر بانهيار أحجار الكتلة الشرقية، وتباعد دولها الأوروبية عن الاتحاد السوفيتي، ثم تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي نفسه عام 1991م.
وفى الوقت الذي رأى فيه بعض المحللين في إقرار قمة بروكسل –” ديسمبر 2003″- تشكيل قوة عسكرية أوروبية منفصلة عن حلف الأطلسى بداية لانهيار التحالف التاريخي بين الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، نجد ان جمال حمدان قد تنبأ بهذا الانفصال منذ نحو 15 عاما، وسيكون الصراع الرهيب بين أمريكا وأوربا الغربية أو اليابان “، مضيفا:” لقد بدأت الحـرب البـاردة بالفعل بين شـاطئي الأطلسي، بين أوروبا وأمريكا، حيث انتقلت الحرب الباردة من الشرق – الغرب، أو الشيوعية- الرأسمالية، إلى داخل الغرب نفسه، وداخل الرأسماليين القدامى خاصة بين فرنسا وألمانيا في جبهة، بريطانيا وأمريكا في الجبهة المضادة.
ومن الرؤى المستقبلية التي طرحها جمال حمدان، وتبدو في طريقها إلى التحقق، تلك النبوءة الخاصة بانهيار الولايات المتحدة، حيث كتب حمدان في بداية التسعينيات يقول: ”لقد صار بين أمريكا والعالم ”تار بايت” أمريكا الآن في حالة ”سعار قوة” سعار سياسي مجنون، شبه جنون القوة، وجنون العظمة، وقد تسجل مزيدًا من الانتصارات العسكرية، في مناطق مختلفة من العالم عبر السنوات المقبلة، ولكن هذا السعار سيكون مقتلها في النهاية”.
ويلفت” حمدان” نظرنا إلى أن “الولايات المتحدة تصارع الآن للبقاء على القمة، ولكن الانحدار لأقدامها سارٍ وصارمٍ والانكشاف العام تم، الانزلاق النهائي قريب جدًا في انتظار أي ضربة من المنافسين الجدد ـ أوروبا، ألمانيا، اليابان”. وتوقع “أن ما كان يقال عن ألمانيا واليابان استراتيجيًا سيقال عن أمريكا قريبًا، ولكن بالمعكوس، فألمانيا واليابان عملاق اقتصادي وقزم سياسي – كما قيل – بينما تتحول أمريكا تدريجيًا إلى عملاق سياسي وقزم اقتصادي” وتلك الرؤية تبدو في طريقها إلى التحقق – ولو ببطء – وتدل على ذلك الآلاف من حالات الإفلاس والركود الذي يعاني من الاقتصاد الأمريكي.
هذه القدرة على استشراف المستقبل تبدو واضحة أيضا، في توقع جمال حمدان لسعي الغرب لخلق صراع مزعوم بين الحضارات من أجل حشد أكبر عدد من الحلفاء ضد العالم الإسلامي، حيث أكد انه “بعد سقوط الشيوعية وزوال الاتحاد السوفيتي، أصبح العالم الإسلامي هو المرشح الجديد كعدو الغرب الجديد. وإلى هنا لا جديد. الجديد هو أن الغرب سوف يستدرج خلفاء الإلحاد والشيوعية إلى صفه ليكوّن جبهة مشتركة ضد العالم الإسلامي والإسلام، باعتبارهما العدو المشترك للاثنين، بل لن يجد الغرب مشقة في هذا، ولن يحتاج الأمر إلى استدراج: سيأتي الشرق الشيوعي القديم ليلقي بنفسه في معسكر الغرب الموحد ضد الإسلام والعالم الإسلامي”، وهو ما تحقق بالفعل، حيث وضع صموئيل هنتنجتون في كتابه “صدام الحضارات” الخطوط الفكرية العريضة لهذا الحلف، فيما يخوض المحافظون الجدد في واشنطن غمار معاركه الفعلية، في إطار ما بات يعرف بالحرب على الإرهاب..
فيما يتناول الملمح الثالث الذى جاء تحت عنوان “الناصرية” .. بوصلة مصر..رؤيته لقضايا محيطه الداخلى متمثلا فى ايمانه بناصرية مصر باعتبارها حاصل جمع التاريخ والجغرافيا، وقاعدة انطلاق مصر للمستقبل ..فالناصرية “بوصلة مصر الطبيعية” مع احتفاظ كل مصري بحقه المطلق في رفض عبد الناصر لأن المصري “ناصري قبل الناصرية وبعدها وبدونها”
و يقول عن الفكر الناصرى: ” لم تكن الناصرية لغزا أو طلسما أو فلسفة غامضة محلقة معقدة.. ولعلها شعار كبير رنان لمبدأ بسيط أولي وهو ” مصر كما ينبغي أن تكون ” مصر المثالية.. فالناصرية ببساطة هي مصر العظمى.. وكل مصري طموح يريد صالح مصر قوية عزيزة غنية مستقلة هو ناصري قبل الناصرية وبعدها، وقد دافع د. جمال حمدان بشدة عن دوائر الاهتمام الناصرى الثلاث، وهى : الدائرة الاولى العالم العربى والدائرة الثانية القارة الافريقية والدائرة الثالثة الأوسع العالم الاسلامى ، وأيدها تماما من منطلق أن الاهتمام بهذه الدوائر ناتج عن فهم كبير مستمد من علم الجغرافيا السياسية .
أما الملمح الرابع الذى حمل اسم ” معادلة القضاء على الصهيونية”..فقد تناول رؤية د. جمال حمدان للعالم الخارجى متمثلة فى استراتيجيته واضحة المعالم لتفنيد وضحد ومقاومة المشروع الصهيوني.. يعد جمال حمدان واحدا من قلة محدودة للغاية من المثقفين الذين نجحوا في حل المعادلة الصعبة المتمثلة في توظيف أبحاثهم ودراساتهم من أجل خدمة قضايا الأمة، حيث خاض من خلال رؤية استراتيجية واضحة المعالم معركة شرسة لتفنيد الأسس الواهية التي قام عليها المشروع الصهيوني في فلسطين.
لقد وضع “حمدان” شروطًا للقضاء على الصهيونية في معادلة مفادها: زوال إسرائيل (الكيان الصهيوني) يساوي(الإجرام الصهيوني ) في( مدى ردِّ الفعل العربي تجاه التحدي الصهيوني).
ويرى أن كامب ديفيد كانت تعني “اطلاق يد اسرائيل في فلسطين مقابل اطلاق يد مصر في سيناء” وأن مصر منذ الاتفاقية “لم تعد مستقلة ذات سيادة وانما هي محمية أمريكية تحت الوصاية الاسرائيلية أو العكس محمية اسرائيلية تحت الوصاية الامريكية”•
لقد مثلت كامب ديفيد صدمة قوية ومهولة لجمال حمدان أثرت عليه بعد ذلك وكان لها كبير الأثر فى كتاباته بعد كامب ديفيد فزاد حنقه على السادات وسياساته مثله مثل العديد من الوطنيين الرافضين لكامب ديفيد امثال سعد الدين الشاذلى ومحمد ابراهيم كامل واسماعيل فهمى المستقيلين احتجاجا على الاتفاقية.. وإذا كان الباحث المصري الدكتور عبد الوهاب المسيري قد نجح من خلال جهد علمي ضخم في تفكيك الأسس الفكرية للصهيونية، فإن جمال حمدان كان سباقا في هدم المقولات الإنثروبولوجية التي تعد أهم أسس المشروع الصهيوني، حيث أثبت ان إسرائيل – كدولة – ظاهرة استعمارية صرفة، قامت على اغتصاب غزاة أجانب لأرض لا علاقة لهم بها دينياً أو تاريخياً أو جنسياً، مشيرا إلى أن هناك “يهوديين” في التاريخ، قدامى ومحدثين، ليس بينهما أية صلة أنثروبولوجية،وبهذا يكون”جمال حمدان” قد استبق الكثيرين من مفكري العالم العربي المحدثين والقدامى في التوصل إلى جوهر فكرة قيام دولة إسرائيل وعنده أن التذرع بقضية عودة الشعب المختار لأرض الموعد لم تكن إلا ذريعة القوى الاستعمارية الرأسمالية في العالم وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية الوريث الاستعمارى للإمبراطوريات الغربية ولاسيما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لإقامة كيان يدافع عن مصالحهم الإمبراطورية كراس حربة تمتد إلى الشرق الأدنى، وهنا كان التلاقي الإيديولوجي بين الاستعمار العالمي والصهيونية العالمية، ولتصبح إسرائيل من بعد ذلك قاعدة متكاملة آمنة عسكريا، ورأس جسر ثابت استراتيجيا ووكيل عام اقتصاديا أو عميل خاص احتكاريا، ” حمدان” نفسه قال: ” إن إسرائيل في كل الأحوال تمثل فاصلا أرضيا يمزق اتصال المنطقة العربية ويخرب تجانسها ويمنع وحدتها، وإسفنجة غير قابلة للتشبع تمتص كل طاقاتها ونزيفا مزمنا في مواردها”.
وفى هذا الاطار حذر د.جمال حمدان من الأطماع الصهيونية فى سيناء، فالذي يسيطر على فلسطين يهدد أي خطوط دفاع عن سيناء. والذي يسيطرعلى خط دفاع سيناء يتحكَّم في سيناء. ومن ثم يكون له وحده الحق في التحكُّم في خط دفاع مصر الأخير، وفي السيطرة على الوادي كله، لذا كان محقّاً في قوله «سيناء قدس الأقداس»، بل هي المعبر لمئات الجيوش عبر التاريخ للقيام بالمعارك منذ تحتمس- الذي عَبَرها محارباً 17 مرة- وحتى الآن..، فالنقب هو «سيناء فلسطين»، وسيناء استراتيجيا من دونها تفقد مصر ، هكذا علّمنا” جمال حمدان”، سرّّ الاستراتيجيات وبقاء الدول العظمى،لأن فرص النصر المصري كانت تزداد، كلما كانت المعركة أبعد من قلب الوطن.. فقديماً وفي المتوسط العام كانت معاركنا في رفح أكثر انتصاراً من معاركنا في بيلوزيوم (بورسعيد الآن). مثلاً انتصر قمبيز في بيلوزيوم، فانفتح الطريق أمامه إلى مصر بلا عوائق.. ،واذا تتبعت وصف “حمدان” لسيناء ستشعر بأن غياب العمران عنها حتى الآن ليس هدرا لإمكانية بقعة من أرض مصر فقط، ولكنه اهمال لقلب مصر النابض، لما تتمتع به من مميزات طبيعية، فلديها أطول ساحل فى البلاد بالنسبة إلى مساحتها فى مصر، وهى اقل صحارينا عزلة لكونها مدخل مصر الشرقى. وفى جيولوجيتها الإقليمية تكاد سيناء «تختزل جيولوجية مصر كلها تقريبا»، وبالرغم من أن سيناء منطقة صحراوية أو شبه صحراوية على أفضل الأحوال.. لكنها أغزر مطرا من الصحراوين الشرقية والغربية.
تلك الثروات الطبيعية تنتظر التخطيط الإستراتيجى الواعى الذى يطلق طاقات التعمير، التى تحتاجها مصر على مستوى الاقتصاد والأمن، فبعد درس العدوان الإسرائيلى فى 1967، أصبح ربط سيناء بالوطن الأم.. بديهية أولية للبقاء، و قبيل رحيله، رسم” حمدان” ملامح حلم التعمير السيناوى، حيث تطلع إلى أن يكون الساحل الشمالى غنيا بالزراعة والغربى نشيطا فى مجال التعدين والشرقى فى مجال الرعى، وان تكون قناة السويس مزدوجة ويتجمع العمران الكثيف حول ضفتيها، وأن تكون هناك سلسلة من الأنفاق تحت القناة تحمل شرايين المواصلات البرية والحديدية..وهكذا يؤكد” د.جمال حمدان ” أنه بما لايدع مجالا للشك أن الرد العملى لتلك الاطماع الاسرائيلية وغيرها فى سيناء يكمن فى كلمة واحدة هى «التعمير».
يذكر أن كتاب جمال حمدان خبيئة مصريعرض حاليا فى جناح الحضارة العربية بمعرض الكتاب – صالة 4جناح c49.