كتب د / حسن اللبان
موجة انتقادات لاذعة وواسعة واجهتها جامعة الأزهر بعد اتجاهها لتعريب بعض العلوم الطبية، ما دفع الجامعة لاتخاذ خطوات إلى الوراء والتأكيد على أن القرار “كان مجرد اقتراح قيد الدراسة”.
وانطلقت موجة من الجدل عقب الكشف عن قرار لرئيس جامعة الأزهر الدكتور سلامة داود، ينص على تشكيل لجنة علمية من كلية الطب بالقاهرة، لتعريب المقررات الدراسية لطلاب وطالبات قسم الطب النفسي بكليات الطب بالجامعة.
وانتقد القرار أطباء وأكاديميون ونقابيون وإعلاميون، فضلا عن موجة تفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي، وأكدوا أن علوم الطب لا يمكن دراستها بغير الإنجليزية لفهم الإسهامات العالمية في هذا المجال وتماشيا مع التوجه العالمي وخوفا من العزلة، كما أن جميع المحاولات لتدريسها بلغات أخرى خاصة العربية فشلت.
وقال الدكتور أحمد زارع، المتحدث باسم جامعة الأزهر، إن ما جرى هو “مجرد اقتراح”، وأن الجامعة تجري “دراسة علمية متأنية” في إمكانية تعريب العلوم التطبيقية ومدة قابلية ذلك للتطبيق، مع الأخذ في الاعتبار جميع الأبعاد الأكاديمية والتقنية والتطبيقية لضمان تطبيق أفضل المعايير.
وأكد في تصريحات تلفزيونية بقناة “الحدث اليوم”، أن ما تتخذه الجامعة لا يخرج عن “السياسة التعليمية المصرية” وفي إطار الفكر الأزهري الوسطي الذي ينفتح على جميع الثقافات.
وأضاف زارع أن “هذه العلوم كانت عربية في الأصل ولابد من استحضار عظمة العرب ولغتهم”، مشيرا إلى ضرورة إحداث طفرة في هذه العلوم باللغة العربية.
ورغم تداول قرار رئيس الجامعة إعلاميا، قال المتحدث إنه لا يوجد قرار حتى الآن بالبدء في تعريب العلوم الطبية، وأنه يجري دراسة متأنية ومناقشات مع الخبراء المتخصصين داخل وخارج الجامعة، وبعد ذلك سيتم رفع القرارات الناتجة عن هذه المناقشات إلى الجهات العليا.
وفي وقت سابق، قال عضو مجلس نقابة الأطباء المصرية الدكتور إبراهيم الزيات، إن تجارب مماثلة لم تحقق نجاحا في العديد من الدول، وأن التعليم يجب أن يكون بلغة صاحب العلم، مشيرا إلى ضرورة البدء بتعزيز الإنتاج العلمي والبحثي ليصبح هناك تغييرا حقيقيا في علوم الطب يقود الآخرين.
فيما قال نقيب أطباء الأسنان الدكتور إيهاب هيكل إن تعريب مناهج الطب يمنع الخريج من مواكبة أحدث الدراسات والتطورات في مجال الطب بسبب حاجز اللغة.
كما أبدى الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، معارضته للقرار، وقال إن اتجاها مماثلا في وقت سابق، جعل القسم في عزله مع أقرانه في الجامعات الأخرى وداخل كلية الطب في جامعة الأزهر ذاتها، بسبب تدريس المناهج للطلاب الأزهريين بالعربية بينما الجميع خارجها يتعاملون بالإنجليزية.
وأضاف أنه في حالة تعريب المناهج سيواجه القسم عدة مشاكل في إعداد الأبحاث التي ستتطلب الترجمة عن المصادر التي ستكون جميعها بالإنجليزية وما سيواكب ذلك من صعوبات وأخطاء، وفي النهاية سيتجاهل الجميع هذه الأبحاث باللغة العربية.