كتبت / منال خطاب
حوار فلسفى بين د.مصطفى محمود والسندريلا سعاد حسني
الحوار كان عام ١٩٦٥
بدأ مصطفى محمود قائلا:
مين فينا حيسأل الأول؟
وأجابت سعاد:
– اتفضل اسأل انت الأول.
وبدأ مصطفى محمود يوجه الأسئلة لسعاد.
قوليلى سنك كام سنة؟
– 22 سنة.
وبعد عشر سنين حاتقولى 22 سنة برضه.
– “تضحك” لا.. حاقول 25 بس.
الواحد دايماً له ساعات يتنازل عن حاجات فى حياته، فى لحظة جايز يفرط فى فلوسه.. جايز يتنازل عن كبريائه.. جايز يضحى براحته، ولكن فيه حاجة عند كل واحد منا تبقى غالية جدا لدرجة لا يمكن يتنازل عنها مهما حصل.. إيه الحاجة دى عندك؟
– الحاجة دى هى “اقتناعى”، عمرى ما اقتنعت بشىء وتراجعت عنه مهما حصل.
جواب ذكى عشرة على عشرة.. طيب قوليلى يا سعاد لو حصل إنك عرفت إن القيامة حاتقوم بعد 24 ساعة تعملى إيه فى الـ24 ساعة؟
– سؤال يحير.
طيب أنا عايز أحيرك؟
– ده حا يحتاج لتفكير.
فكرى.
– متهيألى اكتب فلوسى لماما وإخواتى، .. لكن صحيح ده كل الناس حتموت.. يعنى مفيش فايدة، مش حيلحقوا يصرفوا الفلوس.. سؤال يحير.. أقولك “ضاحكة” أصلى.
دى تبقى صلاة اضطرارية زى الإيمان الاضطرارى؟
– مش عارفة بقى.
غلب حمارك؟
– لا ما غلبش.. بس هو السؤال عاوز تفكير.. إدينى مهلة.
يعنى ملحق؟
– أيوه.
طيب السؤال الرابع على بال ما تفكرى؟
– إفرضى إنهم قالولك إنك لا بد تتحولى لحيوان تختارى أى حيوان؟
– “ضاحكة” أبقى “طاووس”.
– عشان جميل ومتباهى.
طيب سؤال نمرة خمسة.. إفرضى قالوا لك إن القتل بقى مباح ومشروع وحلال.. تفتكرى تقتلى مين؟
– إزاى يعنى؟
يعنى إيه الشىء اللى لو عمله فيكى راجل تتمنى تقتليه.
“ضاحكة” لو خدعنى “مترددة” لا.. برضه حرام.. لا.. مش ممكن أقتل حد، ما قدرش أقتل حد.
مهما حصل؟
– مهما حصل.
سؤال أخير.. تفتكرى حاييجى يوم تضحى بالفن عشان راجل؟
– لا.. مش حايحصل.
يعنى مش حتتجوزى؟
– ليه يا أخى.. يمكن ألاقى الراجل الطيب اللى يرضى يخلينى أمثل.
ممكن يقول كده وبعدين يرجع فى كلامه، شىء مش مضمون؟
– يبقى يفتح الله مش حاتجوز.
ولو اتجوزتى هتتجوزى مين؟
– أتجوز حبيبى.
مين حبيبك؟
– إللى باحبه.
طيب أنا خلصت أسئلتى، وجه دورك.. إسألى.
إيه هو المستحيل فى حياتك؟
– المستحيل فى حياتى وحياة كل الناس هو بلوغ المنى وتحقيق المثاليات.. الواحد دايما بيحقق حاجة ويعجز عن حاجة. والاستحالة الثانية إن الإنسان يهرب من نفسه، من حقيقته، ويمكن ده إللى قصدت أقوله فى قصة “المستحيل”.
على فكرة إيه رأيك فى فيلم “المستحيل”؟
– بداية تطور فى السينما المصرية، وخطوة للأمام بدون شك.
يعنى رأيك إنه خالى من العيوب؟
– لا طبعاً، هو العيب الرئيسى فيه بطء الإيقاع، وده ناشىء من طبيعة الفيلم، لأنه فيلم تأمل وتفكير مش فيلم حواديت، وفى الحقيقة إن هذا البطء يشترك فيه السيناريو والقصة والإخراج والتصوير.
طيب أنا سمعت عن مشروع جديد بتعمله للسينما؟
– هو فيه مشروع فعلا باجتمع له بين وقت وآخر مع المخرج كمال الشيخ.
يعنى فيلم جديد.
– لا ده سر، خبر لم تكتمل عناصره.
دى إجابة صحفية ولا إيه؟
– “ضحك”.
ولكن تفتكر إيه مشكلة الفيلم المصرى؟
– مشكلة الفيلم المصرى الوحيدة هى السيناريو، لأن عندك كفاءات فى التمثيل والإخراج والتصوير، ومتقدمين فى كل المجالات دى ماعدا السيناريو.
ليه؟
– لأن السيناريو فن جديد فى حاجة إلى خبرة ومران، بالإضافة إلى الدراسة، والموجود حاليا مجرد اجتهادات.
إيه الشىء اللى بيعجبك فى المرأة؟
– الأنوثة عندى مش مقاسات صدر وأرداف ووسط، أبداً، الأنوثة صفات وخلايا نفسية، الأنوثة هى الأمومة والرحمة والحنان والتعاطف، دى هى الأنوثة إللى ممكن تبنى بيت.. مش الشكل أبداً.
وإيه اللى مش بيعجبك فى المرأة؟
– إن عقليتها محدودة دايما، بتفكر فى حدود أولادها ومعاشها وملبسها وأكلها ومصالحها المادية، ما بتقدرش تفكر فى معنويات ومجردات زى القضايا الفلسفية والمصالح الوطنية والمشاكل السياسية.
وده تفتكر راجع لإيه؟
– يمكن السبب لأنها قعدت لأجيال طويلة محبوسة فى البيت.
“تضحك” يعنى انتو السبب؟
– أجدادنا والله العظيم مش إحنا.. لكن للأسف إحنا إللى بندفع الثمن.
لو سألتك تقيمنى كفنانة تقول إيه؟
– أنت وجهك بيعطى إحساس بالبراءة والطفولة والمرح، ويمكن ده إللى جعل المخرجين يختاروكى دايما لأدوار بنت “الستاشر” المرحة.. وكانت النتيجة إنك اتخصصت فى الأدوار الخفيفة، وده كان فيه ظلم كبير لمواهبك، لأنى أعتقد إن عندك طاقة ممثلة كاملة، ممكن تمثلى دور كبير فيه عمق، مش مجرد أدوار تسلية!
• وسادت لحظة سكون وعادت سعاد تسأل: تعتقد إن الإنسان حر.. يعنى مخير ولا مسير؟
– أعتقد إن الإنسان حر فى حدود حريته، محدود بحريات الآخرين وظروف المجتمع والبيئة إللى بيعيش فيها، لكن دايما عنده قدرة إنه يغير الظروف دى، صحيح قدرة محدودة، لكن قدرة على أى حال.
ده معناه إننا مسيرون.. مثلا الموت لوحده بيدل على إن الإنسان مسير وإنه مالوش أى حرية.
– الإنسان بيموت صحيح، لكن بين ميلاده وموته بيصنع الحضارة.
كلام معقول.. طيب كنت عايزة أسألك.. ما هو العالم الذى تريد أن تعيش فيه؟
– عالم يخلو من الكراهية.
طيب والعالم الذى تريد أن تطرقه بقلمك؟
– عالم المجردات، وقد بدأت فعلا أطرقه مثلا فى “قصة العنكبوت”، و”الخروج من التابوت”.
وابتسم مصطفى قائلا: لكن أنا ملاحظ إن أسئلتك مثقفة أوى.
“تضحك” صحيح.
وهنا ينتهى الحوار.