كتبت / منال خطاب
يعد التقبيل وسيلة متعددة الاستخدامات اعتمدها البشر عبر الحضارات والمجتمعات لإظهار المودة والحميمية والترابط الاجتماعي.
ولأكثر من 4500 عام، ساهمت الأعراف الثقافية عبر الحضارات في تشكيل كيفية التعبير عن العاطفة، محددة من يمكنه التقبيل وأين، ومتى، وبأي طريقة، وحتى عدد القبلات.
دراسة: أول قبلة مسجلة للبشرية كانت في منطقة عربية
وتشير دراسة سابقة إلى أن بلاد ما بين النهرين كانت من أقدم الأماكن المعروفة حيث كانت القبلات “ممارسة راسخة”.
وتكشف آلاف الألواح الطينية التي تعود إلى الثقافات البشرية المبكرة التي عاشت بين نهري دجلة والفرات في العراق وسوريا في العصر الحديث، أن التقبيل كان يعتبر جزءا من العلاقة الحميمة الرومانسية خلال تلك الأوقات.
ومع ذلك، فإن كيفية بدء جنسنا البشري في التواصل بهذه الطريقة ما يزال موضوعا للنقاش.
وافترض العلماء بعض النظريات التي يمكن أن تشرح سبب تطوير البشر للتقبيل، وتشير إحداها إلى أن الأمر يعود إلى أن التقبيل قد نشأ من سلوكيات الرعاية التي يمارسها مقدمو الرعاية، مثل الآباء، عند إطعام الأطفال. مثلا، في بعض الثقافات، يقوم الأهل بمضغ الطعام ثم إطعامه لأطفالهم. ويُعتقد أن هذا النوع من السلوك يعكس الرعاية والعاطفة، ما قد يؤدي إلى تطور التقبيل كوسيلة للتعبير عن المشاعر.
وتفترض نظرية أخرى أن التقبيل قد تطور كوسيلة لاختبار توافق الشركاء المحتملين، حيث يقوم الأفراد بتبادل القبلات كطريقة لتذوق بعضهم بعضا وتحديد مدى صحتهم أو ملاءمتهم كرفاق.
وفي الدراسة الجديدة التي قادها أدريانو لاميرا من قسم علم النفس بجامعة وارويك، قام العلماء بمراجعة شاملة للفرضيات الموجودة حول أصول التقبيل، للتحقيق في الأصول التطورية لهذا السلوك الحميمي. كما نظر التحليل في أوجه التشابه في عالم الحيوان في السلوك المماثل في الشكل والوظيفة للتقبيل البشري.
وتشير دراسة لاميرا إلى أن البشر الأوائل تبنوا هذه العادة من سلوك القردة العليا (أو كما تسمى البشرانيات أو الشبيه بالإنسان). ففي القردة، يعمل “التقبيل” كمرحلة أخيرة من طقوس الاستمالة، حيث يستخدم القرد شفتيه لتنظيف الفراء من المواد غير المرغوب فيها (مثل الأوساخ أو الكائنات الصغيرة) وإزالة الطفيليات على جلد قرد آخر. ويُعتقد أن هذا السلوك لعب دورا حاسما في الحفاظ على النظافة وتعزيز الروابط الاجتماعية داخل مجموعات القردة العليا.
ويخدم هذا التلامس الفموي غرضا وظيفيا، حيث يساعد على تنظيف الحيوانات بعضها بعضا، وبالتأكيد ليس رومانسيا مثل ما كان يعتقد سابقا.
وتشير الدراسة إلى أن البشر طوروا التقبيل للغرض ذاته، إلا أنه مع التطور في ظل غياب شعر الجسم، أصبح التنظيف المكثف أقل ضرورة، ما أدى إلى بقاء فعل التقبيل كوسيلة للتعبير عن المشاعر.
ومع ذلك، ما تزال كيفية تطور التقبيل ليصبح سلوكا ذو طبيعة جنسية موضوعا للنقاش، حيث يعد هذا الجانب “أكثر غموضا” ويتطلب مزيدا من البحث لفهم هذا الارتباط.