51 عاما على “العبور” إلى النصر!

في الساعة 14:05 من 6 أكتوبر 1973، نفذ الجيشان المصري والسوري هجمات مفاجئة منسقة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان.

كانت هذه الحرب ردا عمليا على نكسة عام 1967 التي استولى خلالها الإسرائيليون في حرب الأيام الستة على شبه جزيرة سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية والضفة الغربية والقدس الشرقية. عبور الجيش المصري الجريء والبارع لقناة السويس أعاد الكرامة إلى أهلها.

في تلك الساعات التاريخية انطلقت الطائرات السورية إلى مهاجمة المواقع العسكرية الإسرائيلية في الجولان، وفي نفس الوقت عبر الآلاف من الجنود المصريين على قوارب مطاطية مياه قناة السوس تحت غطاء جوي ومدفعي.

استعد الجيشان المصري والسوري للمعركة حينها بشكل متكامل، وتمكنت أنظمة الدفاع الجوي الجديدة والمتطورة من وقف سلاح الجو الإسرائيلي.

على طول الضفة الشرقية للقناة كان يقف حينها خط بارليف الإسرائيلي باعتباره سدا منيعا. هذا الخط كان عبارة عن حاجز رملي يبلغ ارتفاعه ستين قدما. الجيش الإسرائيلي اعتقد أن اختراقه سيستغرق من المصريين ما لا يقل عن 24 ساعة، وسيحتاج إلى أعمال تفجير لإحداث ثغرات فيه. المصريون شقوا طريقهم بطريقة مبتكرة باستخدام خراطيم المياه عالية الضغط، وتمكنوا من اجتياز خط بارليف في أقل من 5 ساعات.

العبور في 3 ساعات:

عن هذا الأمر كتب في وقت لاحق السفير السوفيتي في مصر، فلاديمير فينوغرادوف، تعليقا قال فيه: “لم يتوقع السادات أن تتمكن القوات المصرية من عبور قناة السويس في ثلاث ساعات، وليس في ثلاثة أيام، كما هو مخطط لها… تبين أن كل شيء أبسط بكثير وأكثر نجاحا، مع خسائر أقل بكثير. تبين أن الجيش (المصري) جاهز بمساعدة الاتحاد السوفيتي. كان السلاح رائعا”.

في تلك اللحظات الأولى من المعركة، كان أفراد كتائب سلاح الهندسة العسكرية المصرية يقومون بتجميع الجسور العائمة لنقل المعدات الثقيلة فوق الماء، فيما اندفعت وحدات القوات الخاصة المصرية المجهزة بأحدث الأسلحة السوفيتية المضادة للدبابات إلى الصحراء للتصدي للدبابات والمدرعات الإسرائيلية.

بحلول 7 أكتوبر، عبر أكثر من 100000 جندي و1000 دبابة القناة. بغض النظر عما جرى بعد ذلك، يعتبر الخبراء العسكريون الدوليون أن عبور قناة السويس الملحمي كان عملا جريئا وملحميا فاجأ تماما الإسرائيليين، وكان ضربة موجعة لكبرياء الجيش الذي صور ولا يزال على أنه لا تقهر.

بحيرة طبريا كانت في مرمى البصر:

كان الموقف حرجا للغاية بالنسبة للجيش الإسرائيلي. تمكن الجيش المصري من العبور وتحطيم التحصينات الإسرائيلية، فيما شكل هجوم الجيش السوري على مرتفعات الجولان الخطر الأكبر.

المساحات الواسعة في سيناء كانت أعطت إسرائيل الوقت لمحاولة صد الهجوم المصري، فيما لم يكن لديها عمق استراتيجي في جبهة الشمال. بعد يوم من القتال، وصلت طلائع وحدات الجيش السوري إلى نهر الأردن، وكانت تشاهد بحيرة طبريا، وكانت حيفا على بعد ساعات قليلة. على جبل الشيخ في الجولان فاجأت قوات الإنزال السورية القوات الإسرائيلية المتمركزة هناك.

بعض التقارير أشارت إلى هذا الوضع الخطير بالقول إن رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير، كانت مستعدة حينها حتى لاستخدام السلاح النووي.

توقيت المعركة ومغافلة الخصم:

نجح المصريون والسوريون في خداع الإسرائيليين وأخذهم على حين غرة. تم اختيار يوم السادس من أكتوبر وهو عطلة يوم الغفران في إسرائيل. كما أوهم المصريون الاستخبارات الإسرائيلية بأن الأمور عادية من خلال تسريبات بمنح تصريحات للضباط المصريين بأداء فريضة الحج.

علاوة على ذلك، صدق الإسرائيليون أن الجيش المصري سيجري تدريبات روتينية خلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر 1973.

لجنة التحقيق الرسمي الإسرائيلية بعد تلك الحرب برئاسة شمعون أغرانات، ألقت بالمسؤولية على القيادة العسكرية الإسرائيلية لأنها كانت تتوهم أن مصر لن تقدم على الدخول في حرب ضد إسرائيل قبل أن تمتلك قوية جوية كافية للوصول إلى العمق الإسرائيلي.

كان القدة العسكريون الإسرائيليون منتشين بما حققوه في الحروب السابقة، وغارقين في أوهام التفوق الساحق ويستهينون بخصومهم حتى أن رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال ديفيد إليعازر قال لضباطه: “سيكون لدينا مائة دبابة ضد ثمانمائة (سورية). يجب أن يكون ذلك كافيا”.

الجنرال إليعازر بعد تلك الحرب التي توصف بأنها أكبر مواجهة عسكرية في الصراع العربي الإسرائيلي، فقد منصبه إضافة إلى خمسة آخرين من كبار القادة العسكريين الإسرائيليين.

في المجمل، شارك في حرب أكتوبر 1973، أكثر من 1.4 مليون جندي وضابط، وأكثر من 5300 دبابة، وما يزيد عن 7000 ناقلة جند مدرعة، وحوالي 2700 مدفع، وأكثر من 900 طائرة نفاثة و140 طائرة هليكوبتر. تلك الحرب الاستثنائية في نتائجها كانت الرابعة والأخيرة بين الطرفين