كتبت / سلوى لطفي
لفت “الطحان” انتباه جميع الحضور بالحفل بعدما ردد الكلمة التي ظل يرددها حتى اختفى أثره من حفلات أم كلثوم، لا للكلمة التي ظل يرددها في كل حفلاتها وإنما لزيه وهيئته التي تشي بأنه تاجرًا أو فلاحًا بسيطًا “قعدت جنبه أكتر من مرة في الصف الأول بعد ما كان الشاعر أحمد رامي ما يقدرش يكمل الوصلة التالتة من الحفل ويديني تذكرته، وكنت عارف أنه اسمه حافظ الطحان وإنه تاجر
تمتع الطحان بميزة خاصة لدى الست من بين جميع جمهورها الذين باتوا يعرفون التاجر العاشق لفنها “كان مشهور بأنه السمّيع الأول لأنه حضر حفلاتها من التلاتنيات لحد الستينات”، لكن لم تتح لـ”صالح” الفرصة لفتح حديث معه داخل الحفلة ” كان بيفضل سارح في الغنى ويدندن ويردد كأنه مش معانا”، حتى ينتهي الحفل، فيهرول في أذيالها ليصافحها كعادته، فما أن يفعل “كنت بحسه كأنه حقق أكبر إنجازاته في الحياة”.
لم تكن علاقة “حافظ الطحان” بـ “أم كلثوم” تقتصر على المسرح والحفلات، وإنما توطدت أواصرها حتى باتت تزور زوجته في بيتها، فترد شقيقة “أم كلثوم” وبناتها الزيارة في بيت “باب الشعرية” “لسه فاكرة زينب هانم الدسوقي لما كانت تيجي بيت الست.. كانت شيك وعندها ذوق في اللبس والكلام، وملامحها كأنها أجنبية، عشان كدة كنا بندلعها ونقولها يا سكر”، تحكي “نادية الكاشف” ابنة شقيقة أم كلثوم لـ”مباشر بلس”.
ما زالت “نادية الكاشف” تتذكر زوجة “حافظ” بمزيد من التأثر، لرقتها وعذوبة حديثها، وتعاملها الحاني مع الأطفال، نظرًا لأنها لم تنجب أطفالًا حتى وفاتها “كانت ست طيبة أوي”، لا تختلف كثيرًا عن زوجها الذي أحب “أم كلثوم” فقدرته حق قدره “كانت الست دايمًا تناديه بالحاج حافظ، ولما يكون مزاجها حلو تقوله حافظ بس”.
وصلت أصداء تلك العلاقة إلى الصحافة، فاستعانت مجلة “الكواكب” به أثناء إعدادها ملفًا خاصًا عن أم كلثوم في نوفمبر 1962،؛ إذ أطلقت عليه “سمّيع الصف الأول”، الذي يواظب على حضور حفلات الست تاركًا وكالة الغلال الخاصة به والقابعة في بين السورين، لتحدث بعض المواقف التي ظلت مسار تندر بين الحضور، ففي إحدى الاستراحات بين الوصلات الغنائية لأم كلثوم هب لسؤالها عن الأغنية التالية، فردت بصوت عالٍ “يا ظالمني يا حاج حافظ” فيسأل مندهشًا “ظالمك في إيه يا ست هانم”، ليضج المسرح كله بالضحك، وفقًا للصحفي الراحل “سيد فرغلي”.
م يمتنع تاجر الغلال عن حفلات “أم كلثوم” إلاّ بعد توقفها عن عمل حفلاتها في مصر، عقب حدوث نكسة 1967؛ لقيامها بعمل حفلات غنائية في الخارج، لتخصيص إيرادها للجيش المصري للمساهمة في إعادة بنائه “لكنه كان بيروح يودعها في المطار”، حتى داعبته “كوكب الشرق” أثناء وقوفه بين سورين بساحة المطار القديم للتلويح لها قائلة “أنت جاي من بين سورين واقف بين سورين”،