يجري البنك المركزي المصري حصرا لطلبات الاعتمادات المستندية لتمويل استيراد 13 سلعة غير أساسية، مما يمهد الطريق لتعليق قيود استيراد هذه السلع، وفق مصرفيون اشترطوا عدم ذكر اسمهم.

وربط المصرفيون سبب إجراءات البنك المركزي بتعليق صندوق النقد الدولي في مراجعته الأخيرة بضرورة تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار من القيود، إضافة إلى وجود وفرة دولارية لتغطية طلبات استيراد هذه السلع.

وواجهت مصر أزمة نقص في النقد الأجنبي بدأت في مارس/ آذار 2022 بعد اندلاع الحرب الأوكرانية وموجة التضخم العالمي مما أثر على تراجع حصيلة البلاد الدولارية نتيجة خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة وارتفاع فاتورة الاستيراد.

وواجه البنك المركزي المصري وقتها الأزمة بتقييد استيراد 13 سلعة غير أساسية شملت السيارات كاملة الصنع، والموبايلات وكمالياتها، والنباتات والبذور الغذائية، والفواكه الطازجة، والكاكاو، والمجوهرات واللؤلؤ والتلفزيونات والأجهزة الكهربائية، والملابس الجاهزة، ولعب الأطفال، والإطارات المستعملة وأي شىء مستعمل، والمفروشات والأثاث، والمعدات الثقيلة (لوادر، بلدوزرات، أوناش)، إلا بموافقة مسبقة من البنك.

وقال الخبير المصرفي طارق حلمي إن البنك المركزي وضع قيود استيرادية في مارس 2022 كانت أبرزها تطبيق العمل بالاعتمادات المستندية لاستيراد السلع بدلا من مستندات التحصيل، بهدف الحفاظ على موارده الدولارية، إلا أن هذه القرارات تسببت في تراكم البضائع في الموانئ المصرية، واستمر الوضع لعدة أشهر حتى ألغى البنك معظم القيود تدريجيا بعد توافر الموارد الدولارية.

وحصلت مصر على تدفقات دولارية ضخمة خلال الشهور القليلة الماضية أبرزها من توقيع صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة مقابل 24 مليار دولار عوائد مباشر، و11 مليار دولار من تنازل الإمارات عن ودائعها في البنك المركزي المصري، إضافة إلى الحصول على مساعدات ومنح من عدة دول عربية وأوروبية، وكذلك استكمال صرف باقي شرائح قرض صندوق النقد الدولي.

وأضاف حلمي، في تصريحات لـCNN بالعربية، أن “البنك المركزي يسعى إلى إلغاء كل قيود الاستيراد من خلال إلغاء شرط موافقته على استيراد السلع غير الأساسية، في ظل وجود وفرة دولارية ظهرت في ارتفاع حجم الاحتياطي النقدي للبلاد لأعلى مستوى في تاريخه، وتحسن مؤشرات ميزان المدفوعات مما يمهد لإلغاء كل قيود الاستيراد على السلع لتوفيرها للمواطنين”.

وارتفع الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر للشهر الـ23 على التوالي ليسجل 46.48 مليار دولار بنهاية يوليو/ تموز الماضي، وهو أعلى مستوى في تاريخه، كما حقق ميزان المدفوعات فائضًا بلغ 4.1 مليار دولار خلال الفترة من يوليو إلى مارس من السنة المالية 2023/2024.

وأشار طارق حلمي إلى أن البنك يجري حصرا لطلبات الاعتمادات المستندية لتمويل استيراد السلع غير الأساسية لتحديد حجم هذه الطلبات، وتحديد قدرته على تلبية هذه الطلبات دون أن يؤدي لنقص جديد في الدولار بالأسواق، ودون أن يؤثر على تلبية طلبات السلع الأساسية، مضيفا أن أزمة نقص النقد الأجنبي لم يتم حلها بشكل جذري في ظل وجود عجز في الميزان التجاري، وتأثر بعض موارد البلاد من الدولار سلبا وأبرزها إيرادات قناة السويس.

وتراجعت إيرادات القناة إلى 7.2 مليار دولار خلال السنة المالية 2023/2024 من 9.4 مليار دولار خلال العام السابق له بنسبة انخفاض 23.4%، لتأثرها بهجمات الحوثيين على السفن المارة من البحر الأحمر.

ولفت الخبير المصرفي إلى أن إجراءات البنك المركزي بتخفيف قيود الاستيراد “تتماشى مع توصيات صندوق النقد الدولي في مراجعته الأخيرة بضرورة تطبيق نظام سعر صرف حر دون قيود، وهو ما يعمل عليه البنك إلا أن الأمر يتطلب ضرورة تعليق قيود الاستيراد تدريجيًا حتى لا يؤدي لنقص في الدولار بالسوق الرسمي وعودة السوق الموازية مرة ثانية”، وذكر أن البنك المركزي يدير هذا الملف بـ”احتراف لضمان وفرة الدولار دون نقص”.