عاجل

سرق منها القرط والغويشة.. تفاصيل يوم كامل اختطفت فيه ليلى طاهر
خادمة فلبينية تسرق مجوهرات بسمة وهبة.. نيابة أكتوبر تستعجل التحريات
فيديو عفوي يجمع تامر حسني ورنا رئيس.. الجمهور في حالة من الذهول!
الحكم بالسجن على الشيخ محمد أبو بكر وتعويض مالي لميار الببلاوي
الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 12 موقعًا لحزب الله
الرئيس الإسرائيلي: نحن فشلنا في الحرب على الرغم من الإنجازات المحققة
الجامعة العربية تطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لوقف العدوان الإسرائيلي
اختتام فعاليات التدريب العسكري المشترك (السهم الثاقب 2024)، بين مصر والسعودية
تأثير الإنترنت على الصحة العقلية لكبار السن
إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
نتنياهو يعقد مشاورات بشأن وقف إطلاق النار مع حزب الله في لبنان
تل أبيب تتعرض للقصف للمرة الثالثة خلال أقل من ساعة والخامسة خلال اليوم
مصر تتوج بذهبية بطولة العالم للكاراتيه بإسبانيا
نجم ليفربول محمد صلاح ينافس نفسه
غلق دفعة جديدة من شركات ومكاتب السياحة في مصر

# أخلاق الفنان .. في الميزان !

بقلم استاذ دكتورة / إلهام حمدان

لم يكن الشاعر نرجسيًا حين قال عن نفسه : إنني أري ماترَون .. لكنكم لاترَون ماأري ! ولم تدفعه “الأنا” أو النفس الأمارة بالسوء إلى هذا القول الصادق؛ إلا لأنه يري روحه المتفردة في مرآة ذاته؛ ويشعرباختلافه عن الآخرين شفافيةً وصفاءً ونقاءً ومنحه الله مالم يمنحه للآخرين، ولاعجب في ذلك فقد كانت القبائل العربية تقيم الأفراح والليالي الملاح أربعين ليلة للاحتفاء بميلاد شاعرمن ابنائها !

وللحق أقول : إن تلك المسألة ليست قاصرة على من تقمصته ملائكة الشعر فحسب؛ ولكنها تمتد إلى كل من تلونت جدران روحه بمفاهيم الذائقة الجمالية في شتى مجالات الفنون كالكتابة الأدبية الروائية والقصصية والموسيقا والغناء والرسم والفن التشكيلي والنحت على الحجر والخشب، فكل هؤلاء بلا شك يصنعون البهجة في أركان حياتنا، ويمسحون الدموع في مآقينا، ويحركون مكامن الشجن في وجداننا لنشعر بحب الحياة التي تمنح وتؤصِّل الصفاء في نفوسنا ولكل من حولنا، لأن الفن يسمو بالروح ويهذِّب الأخلاق، فالإحساس العفوي الصادق بالفن يؤثر بالضرورة على السلوك الإنساني ويرتقي به إلى أعلى درجات السمو في التعامل والمعاملات بين البشر بعضهم البعض؛ فيصبح الجمال والأخلاق كأنهما وجهي عملة واحدة، وأيقونة تكاد تصل إلى درجة التقديس عند النشء والأجيال الصاعدة؛ فيتخذون من سيرة مشاهير الفنانين وسلوكياتهم ـ كلٌ في مجاله ـ مثلاً أعلى وقدوة يُحتذى بها في مسيرتهم الحياتية .

إن العلاقة بين الفن والأخلاق والسلوكيات الحميدة؛ لابد أن تكون علاقة وطيدة كالحبل السُّري بين الأم وجنينها الذي تمنحه نبضات الحياة في أحشائها، فالأمل والأمنيات أن نجد “الفن” هو الذي يمسك بمقود الحياة على الأرض لتهذيب الواقع المُعاش في المجتمع وليس لتقليده أو النقل حرفيًا عنه؛ من أجل أن يحوذ الرضا من فئة أو شريحة معينة لاتمثل سوى قاع الحواري والشوارع الخلفية، فإذا ماقام الفن بهذا الدور التقليدي؛ فقل على الفن والمجتمع والأخلاق وبأعلى الصوت : على الدنيا السلام !

وقد ينبري البعض ـ من وجهة نظرهم ـ بالتساؤل المشروع : ما كُنه تلك العلاقة الوطيدة بين الفن والأخلاق وبين من يعملون به من الفنانين؛ وبخاصة من المطربين الذين يواجهون الجمهور كل ليلة بالحفلات العامة أو على خشبة المسرح أو شاشة السينما؟ فالمقصود ليس المعنى الحرفي للأخلاق، فلم أطلب أن يخرج الفنان أو المطرب على الجمهور وهو يمسك بـ “مسبحة” بين يديه مثلاً؛ فالعُرف السائد في المجتمع هو الذي يجب أن يحكم تلك اللقاءات الجماهيرية؛ لأن القيم الأخلاقية متغيرة ومتنوعة ومختلفة بحسب كل مجتمع وتركيبته وطريقة ممارستة لسلوكياته، فالذي يحدث في المجتمعات الأوربية والأمريكية بالذات؛ لايمكن أن يحدث داخل قاعات الفنون بالمجتمعات العربية المحافظة، وإلا كان تقليدًا ممسوخًا ومستهجنًا، قد يقبله البعض من الشباب اللاواعي ولكن ترفضه ـ حتمًا ـ الأغلبية الواعية برسالة الفن الها دف وعلاقته بمكارم الأخلاق .

ونتفق جميعًا أن الفن رسالة سامية؛ والفنان الملتزم هو حامل مباديء تلك الرسالة وخير موصِّل لها ولبنودها الراقية؛ ولهذا تظل تصرفاته وسلوكياته دائمًا تحت أنظار جماهيره وعاشقي فنه، فإذا ماخرج عما هو مألوف في مضامين التواضع دون غرورأو تعالٍ على تلك الجماهير، فإنها تقوم بإسقاطه من حساباتها إلى غير رجعة . وكم من فنانين حازوا الكثير من الشهرة والمجد؛ لكنهم ضاعوا في زوايا النسيان جرَّاء ممارسة داء التعالي والغرور الذي يصيب ضعاف النفوس البشرية في كل زمانٍ ومكان .

إن مواد الميثاق الأخلاقي لاتحتاج إلى صحائف مكتوبة في متن دستور الوطن؛ ولا إلى الإعلان عن عقوبات مغلظة لمن يخرج عن إطارها؛ ولا تحتاج ولا تحتكم إلا إلى يقظة الضمير الإنساني الذي تعنيه مصلحة الوطن والمواطن، هذا الضميرالذي يظهر واضحًا وجليًا ابتداء من الاختيار الراقي لكلمات العمل الذي يخرج به الفنان إلى ساحة الجماهير في الحفلات العامة أوالأعمال المسرحية والسينمائية، دون اللجوء إلى ممارسة الإسقاطات الحركيَّة الفجَّة التي تنسف مقاصد اللفظ والدلالة المتعارف عليها؛ وتعطي المستمع أو المشاهد مايشي بعكس الاتجاه على طول الخط ، فالجماهير الواعية تعرف جيدًا كيف تضع الفنان بأخلاقياته وسلوكياته في الميزان .

وأحسبني لن أبتعد كثيرًا عن هذا الموضوع؛ إذا ماألقيت بمسئولية تدشين مباديء السلوكيات الأخلاقية السويَّة على عاتق أجهزة الإعلام المتمثل في المادة الصحافية المقروءة والإذاعية المسموعة والتليفزيونية المرئية، فمن خلال تلك المواد التي لابد أن يتوخى مقدميها أن تكون رفيعة المستوي لفظيًا وحركيًا؛ ووجوب التزام من يظهرون فيها ـ كضيوف ـ أدبيًا بمدى انعكاسات الصوت والصورة على المتلقي الذي يتابعهم عبرها؛ لتكتمل دائرة الضوء في سماء الفن والفنانين بكل التلقائية والعفوية المطلوبة، دون اللجوء إلى محاولة التشدق بترديد نظريات علم الجمال عند علماء الغرب، فنحن من كتبنا السطر الأول في كتاب التاريخ عن الذائقة الجمالية وتأثيرها الإيجابي على مفاهيم الأخلاق في حياة الشعوب .

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
booked.net
موقع الرسالة العربية