كتب د / حسن اللبان
تحولت مصر من مُصدِّر رئيسي للغاز الطبيعي إلى مستورد له، في ظل تزايد الاستهلاك، وتراجع الإنتاج المحلي، ما أدى إلى ظهور أزمة انقطاع الكهرباء في الفترة الأخيرة. وتحتاج مصر إلى الغاز الذي يستخدم في تشغيل أغلب محطات توليد الكهرباء، وذلك بعد سنوات كان يتدفق خلالها الغاز المصري إلى إسرائيل، ثم إلى أوروبا.
وبدأت مصر استيراد الغاز من إسرائيل للمرة الأولى في يناير/كانون الثاني 2020، في إطار صفقة قيمتها 15 مليار دولار، وُقعت في فبراير/شباط 2018 بين شركتي “نوبل إينرجي”، التي استحوذت عليها شيفرون في 2020، وشركة “ديليك دريلينغ” من جانب، وشركة “دولفينوس” القابضة المصرية من الجانب الآخر.
وكشفت إسرائيل الشهر الماضي أنها تدرس “مد خط أنابيب بري جديد” لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي لمصر، في ظل انخفاض المعروض من الغاز على المستوى العالمي.
ويبلغ استهلاك مصر من الغاز الطبيعي نحو 6.8 مليار قدم مكعب من الغاز، بينما يبلغ الإنتاج المحلي نحو 5 مليارات قدم مكعب.
وعقب بدء الإنتاج المحلي من حقل ظُهر المصري في ديسمبر/كانون الأول 2017، وهو من أكبر اكتشافات الغاز في حوض البحر المتوسط في الفترة الأخيرة، دخلت مصر منطقة الاكتفاء الذاتي بعد أن وصل إنتاج ذلك الحقل إلى نحو ثلاثة مليارات قدم مكعب من الغاز يومياً. وأشارت تقديرات حكومية رسمية أن احتياطي الغاز في ذلك الحقل يبلغ 30 تريليون قدم مكعب.
ثم تراجع حجم إنتاج الغاز من حقل ظهر إلى نحو ملياري قدم مكعب يوميا في 2023، ما دفع الحكومة إلى تطبيق خطة أطلقت عليها اسم “تخفيف الأحمال”، والتي تقصد بها قطع الكهرباء عن مناطق مختلفة في عموم البلاد لفترة تتراوح ما بين ساعة وثلاث ساعات يوميا.
وقال حسام فرحات عبد العزيز، أستاذ هندسة النفط وخبير الطاقة، لبي بي سي عربي: “في أوقات ذروة الإنتاج من حقل ظهر، بلغت مستويات الضخ ثلاثة مليارات قدم مكعب في الفترة من 2018 إلى 2021، بينما كانت باقي حقول الغاز في مصر في الدلتا ومنطقة البرلس تنتج كميات كبيرة أيضا وصلت بالإنتاج إلى نحو 7.2 مليار قدم مكعب، وهو ما كان يغطي احتياجات البلاد بالكامل في تلك الفترة”.
وأضاف عبد العزيز أنه مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، كان لدى مصر ميزة تنافسية لا تتوافر لأي من دول البحر الأبيض المتوسط، تتمثل في محطتين لإسالة الغاز الطبيعي، علاوة على إنتاج كميات ضحمة من حقل ظهر، واعتمدت مصر على ذلك لتصدير الغاز إلى أوروبا، التي كانت تعاني من عجز في إمدادات الطاقة في مارس/آذار 2022.