بقلم دكتورة / أمل مصطفى
هل وقفت أمام المرآة في يوما ما لتتحدث مع نفسك حول مشكلة تعرضت لها؟ وهل يأخذك الخيال لتفتح حديثا طويلا مع نفسك كصديق قديم تروي له أزماتك بصراحة من دون خوف ثم تنتبه إلى أنك ابتعدت عن الواقع للحظات ؟
نحن هنا لا نتحدث عن الحوار الداخلي الذي يدور برأسك، وإنما المقصود الحديث مع نفسك بصوت عال. فإطمئن، فأنت لست وحدك، الجميع تقريبا يختلون بأنفسهم ويتحدثون معها وكأن شخصين يدور بينهما نقاش طويل.
يخوض الشخص في كثير من الأحيان في أحاديث عميقة ويتبادل الأفكار المختلفة مع نفسه وليس فقط مع الآخرين، ولا تقتصر هذه الأحاديث على مجرّد أسئلة بديهية بل قد تشتمل على حوارات يطرح الشخص فيها الأسئلة ويصل إلى إجابات، ويُشار إلى أنّ هذا السلوك يُعدّ سلوكاً صحيّاً جداً،
ويتأثّر حديث النفس باللاواعي، ويكشف عن أفكار الشخص، ومعتقداته، وآرائه، و يعكس الصورة التي يرسمها الشخص لنفسه والتي تكون نتاج خبراته وتجاربه الحياتية وتفاعل صفاته الشخصية مع المحيط الخارجي من أسرة ومجتمع.
يبقى حديث النفس سريّاً يسمعه الشخص وحده ولا يبوح به علناً أو بصوت مرتفع، فهو أفكار صامتة يهمس بها الشخص لنفسه، وهذه الأفكار ما هي إلّا نتاج تفاعل العقل مع الأحداث اليومية التي يمرّ بها الشخص، وهو ما يختلف عن الحوارات التي ينخرط بها الأشخاص الذين يُعانون من مشاكل نفسية ، والتي تكون مسموعةً للآخرين وكأنّ الشخص يتحدّث لشخص آخر معه في نفس المكان،
وسواء كان الشخص يعيش وحيداً أو يُشارك آخرين مكان السكن فإنّه رفيق نفسه دائماً..
لذا عليه الحرص على اتّباع أسلوب مهذّب في الحديث معها، إذ لا يُعّد ذلك من علامات الجنون إنّما يدل على صحة نفسية سليمة.
لا يُشترط أن يكون هناك هدف محدّد من الحديث مع النفس، فقد يستمر الشخص في الحديث مع نفسه لوقتٍ طويلٍ دون الوصول إلى غاية محددة
انّ التحاور مع النفس يُقرّب الشخص من ذاته ويُعمّق معرفته بها، وعليه يكون بمقدوره التعامل مع نفسه زمع الآخرين بشكل أفضل..
*فوائد حديث النفس وآثاره الإيجابية في جوانب كثيرة من حياة الإنسان خلال كافة المراحل الحياتية :
فحديث النفس ينقل الشخص بين الماضي والمستقبل ممّا يمنحه رؤيةً أوضح تُمكّنه من التخطيط لمستقبل أفضل، ويُساعده على مواجهة صعوبات الحياة من خلال تعزيز اليقظة والتركيز، والتحكّم بالمشاعر، وحلّ المشكلات العالقة، وتحفيزه على المواجهة والصمود، والتعلّم من الأخطاء وتجنّبها.
ومن المهم ممارسة التفكير الإيجابي للحصول على حياة صحية، حيث أكّدت العديد من الأبحاث على أنّ التفكير الإيجابي ينعكس إيجاباً على الشخص من حيث خفض معدلات الاكتئاب، وتقليل الشعور بالتوتر، وزيادة مقاومة الامراض، وتحسين صحة القلب والأوعية الدموية، وزيادة القدرة على التكيّف مع الظروف الصعبة، ممّا يُقلّل الضغط النفسي الذي يؤثّر سلباً على الصحة الجسدية والنفسية.
فدائما عند التحدث مع نفسك كن ايجابيا محفزا واطرد الافكار السلبيه جانبا وقم بالاطراء والاثناء لنفسك عند اداء جهد وعمل فلا تنتظر كلمات الشكر والتشجيع من احد
ان التحدث مع النفس اشبه ما يكون وكاننا نضع ثقتنا بأنفسنا واننا نحظي بنوع من الاستقلال الذاتي ، والاشخاص الذين يتحدثون مع انفسهم هم اكثر فاعليه وانتاجيه ويمكنهم الاعتماد علي انفسهم لحل مشاكلهم وتحديد ما يحتاجونه بالفعل
فدعونا نختلي بانفسنا قليلا لنتحدث اليها ونناقشها ونحلل معها ما يصعب علينا ادراكه وفهمه بإيجابيه مثمره تدفعنا لتخطي تحديات ومصاعب ومشكلات الحياة .