كتب / رضا اللبان
قصة اعجبتني
يُحكى أنَّ شاباً بدوياً كان🍀
توصيه أمه دائماً أن لا يصاحب ( أبو نيتين ) النية فى اللغة تعنى القصد والإرادة
فقال : كيف أعرف أن له نيتين يا أمى
قالت : هو سيخبرك بأن له نيتين من تلقاء نفسه وبلسانه ,
ماتت أمه فحزن كثيراً وبقى فى البيت وحيداً
وبعدها فكر بأن يبيع البيت ويرحل عن الديرة
فاشترى بعيرا وسلاحاً وأخذ باقى المال وسافر
وفى الطريق لقى رجل مصاب مكسور الساق
يكاد يموت من العطش فنزل من البعير وأسقاه الماء
وفك عمامته وربط ساق الرجل وحمله على البعير وسار
وفى أثناء الطريق أخذا يتبادلان أطراف الحديث
فسأله الشاب : ما أصابك وكيف أتيت إلى هنا
فقال : كنا فى غزوة وأنهزمنا وأصبت فى ساقى وهرب عنى أصدقائى فأخذ الرجل المكسور يسأل الشاب عن حاله
فأخبره وقال أمى : كانت توصينى دائماً ان لا أصاحب أبو نيتين
فقال الرجل : أنا لى نيتين
فضحك الشاب وسارا معاً
ووصلوا إلى بئر ، فقال المكسور دعنى أنزل وأجلب الماء
فقال الشاب : لا أنت مريض أنا سأنزل فربط الحبل فى عنق البعير ونزل البئر فملأ القربة ونزل فى الثانية لسقى البعير
فلما وصل ركوة البئر (الركوة صخرة بأسفل البئر بجانب الماء)
قطع الحبل “أبو نيتين” ورماه على الرجل
فقال الرجل : يافلان الحبل
فقال : أنا أخبرتك من البداية أن لى نيتين
فقال : البعير والسلاح والمال لك
لكن أخرجنى من البئر
قال : لتقتلنى
قال : لك الله وأمانه ما أقتلك
قال : لا
ومشى أبو نيتين وبقى الرجل بالبئر
وهو يتفكر فى مقولة أُُمه أن لا يعاشر أبو نيتين
فلما حل الظلام وانتصف الليل فإذا بطيور تحط على طرف البئر فأخذت تتحدث مع بعضها فإذا هذين الغرابين من الجن!
فقال الأول : فلان هل تعرف بنت الشيخ فلان
قال : نعم
قال : تذكر تلك البنت الجميلة
التى تقدم لخطبتها ألاف الرجال ورفضتهم
قال : نعم أذكرها
قال : عملت لها سحر عظيم
فأصبحت كالمجنونة تقطع ثيابها وتصيح
ولم يتقدم لخطبتها أحد وفك هذا السحر جداً بسيط
قال : كيف
قال : يقرأون الفاتحة سبع مرات فى ماء ويسقونها البنت فتشفى باذن الله
قال الغراب الثانى :
أنت لم تصنع شيء ياصديقى
هل تذكر مدينة الشيخ حارب المشهورة بالخضرة والمزارع
والماء؟
قال : نعم
قال : صنعت لها سحر عظيم
فجففت ماء الآبار وهى الآن خاوية على عروشها لا يسكنها أحد
قال : كيف؟
قال : سددت الماء بمجمع العيون فى البئر الذى يقع تحت الجبل وهو مجمع العيون فأصبح جافا من عملى
وفك السحر جداً بسيط
فقال : كيف؟
قال : يقرأون خواتيم سورة البقرة والمعوذات فى ماء ويصبونه على منبع الماء فينفك السحر ويعود يتدفق الماء
الرجل فى أسفل البئر يسمع كلام الجن
وهى إشارة على أن الجن لا يرون بالظلام ولا يعلمون الغيب
طلع الصباح فطارت الطيور فمرت قافلة بالبئر
فنزلوا الدلو بالبئر فأخذ الرجل الدلو فقطعه
قالو ربما جيلان البئر قطعت الحبل فنزلوا الدلو الثانى فقطعه
والثالث فقطعه
قال كبير القافلة : والله ان البئر فيها بلاء من ينزل فتشجع أشجعهم قال : أنا انزل فلما وصل ركوة البئر فإذا الرجل
فقال : بسم الله أنت جن أم انس
فقال : يا أخى أنا انس وقصتى كذا وكذا
فقال : لماذا قطعت الدلو ؟
قال : لو تعلقت بالدلو ورأيتمونى
لخفتم وتركتم الحبل فسقطت فمت
وأنا امتح لكم الماء ( أمتح أى يخرج الماء بواسطة الدلو من البئر )
فخرج الرجل وقال لهم قصته
قالوا : إلى أين انت ذاهب ؟ قال : إلى مدينة الشيخ حارب
مدينة البنت المسحورة
فقالوا : نحن فى طريقنا إليها فلما وصلو كان من يستقبل الضيوف هو شيخ القبيلة ، فلما جلسوا عنده وأكرمهم
سمع الرجل صياح بالبيت
قال : يا شيخ ما الأمر ؟
قال : هذى بنتى مريضة أصابها بلاء من 4 سنوات
ولم أجد حكيم ولا طبيب إلا وأتيته بها ولكن دون فائدة
قال : ما الذى تعطينى اَإن جعلت بنتك تتشافى؟
قال : لك ماتريد .
فقال : تزوجنى بنتك وتعطينى مال
فقال : أبشر لكن هل تقدر ؟
قال : هاتوا لى ماء
وكانت البنت تصرخ وتمزق ثيابها فقرأ به ورش عليها وأسقاها
ففاقت وأخذت تتستر ودخلت عند النساء فشفيت
فقال أبوها : أطلب
فقال : مال وتزوجنى إياها
فقال : ولك منى بيت بجوارى أيضاً
قال : لا
أريد طريق المدينة التى جف ماؤها
قال الشيخ حارب : ماذا تريد من بلد ميت ليس فيه ماء ؟
قال : لى حاجة هناك ، المهم تجهز وأخذ زوجته معه ورحل
فلما وصل المدينة فإذا ليس فيها إلا 3 بيوت والبقية هجروها
ويأتون بالماء من مسافات بعيدة فذهب إلى بيت الشيخ فى المدينة وقال : ماذا أصاب هذه الديرة
قال : كانت هذه الديرة غنية بالماء والخيرات ومن 4 سنين أصابها قحط وجفت مياه الآبار وهى كما ترى
فقال : ما لى إذا أرجعت ماء الآبار ؟
فقال : لك ماتريد لكن هل تقدر ؟
فقال : أريد مزرعة ومال وبيت
فقال : لك ذلك
فقال : اين البئر الرئيسة (مجمع العيون) ؟
فقال : هنا
قال : هاتو لى ماء فقرأ به وصبه على منبع الماء
فانفجر الماء كالنافورة وعاد الخير
وأخذ مزرعته وعاش مكرم معزز عند الشيخ وأهل المدينة
وفى يوم من الأيام جاء الرجل ضيف !!!
فإذا هذا أبو نيتين فعرفه الرجل
وقال : فلان هل تذكرنى ؟
فقال أبو نيتين : لا
قال : أنا ابو نية الذى تركته فى البئر
قال : كيف أصبحت كما أرى ؟
قال القصة كذا وكذا
فخرج أبو نيتين
فقال الرجل : إلى اين ؟ قال : إلى البئر
قال : يارجل أنتظر وفى الصباح رباح
قال : والله ما أبيت إلا فالبئر الليلة
فذهب أبو نيتين فلما وصل ركوة البئر
وجاء آخر الليل فإذا بالغرابين يحطان على البئر
لأنهم يجتمعون عند هذه البئر كل نهاية عام هجرى
فأخذوا يتحدثون
قال الأول : فلان هل تدرى ماذا حل ببنت الشيخ حارب ؟
قال : ماذا؟
قال : انفك السحر عنها !!!
قال الآخر : وأنا أيضاً المدينة التى كنت أحبس الماء عنها
رجع الماء لها وانفك السحر
قال : والله يافلان
بظنى عندما كنا نتحدث فى تلك السنة أن شخصاً ما كان فى البئر
قال : ما رأيك ان ندفن هذه البئر المشؤمة ؟
ففوراً دفنوا البئر فوق رأس ابونيتين …
وهكذا كانت نهاية ” أبونيتين ”
وعلى نياتكم ترزقون
قصة من التراث الشعبى روعة 🍀