بقلم / عبد الحليم سعيد
** رفح مدينه حدوديه قديمه يقسمها خط الحدود بين مصر وفلسطين الى قسمين : قسم فلسطيني وقسم مصري يفصلهما شارع ؛ في السنوات الاخيره تم نقل رفح المصريه الى مسافه ابعد عن خط الحدود لاسباب امنيه …
** الحدود البريه والمعابر بين الدول المتجاوره لها نظام دولي ، معروف : في حاله معبر رفح مثلا : الجانب المصري من المعبر له بوابته ومنشأته وخدماته ومرافقه ؛ و الجانب الفلسطيني له بوابته ومنشاته وخدماته ومرافقه ؛ بين البوابتين مسافه عازله ، دوليه ، تحكمها قوانين دوليه ونظم اشراف ومراقبه تحترمها الدول المتجاوره ، واي عدوان على هذه المنطقه او ادخال جيوش فيها يعني ببساطه اعلان الحرب على الجانب الاخر ، ولذلك فان هذه المنطقه العازله مهمه جدا لانها تفصل الجانبين عن بعضهما بمسافه كافيه مما يقلل من الاحتكاك وحوادث الحدود التي قد تؤدي الى الحروب ؛ وهو نظام دولي معروف في العالم منذ قرون عديده …
طول المسافه بين البوابه المصريه في معبر رفح ، والبوابه الفلسطينيه 14 كيلو متر تخترق هذه المنطقه الدوليه العازله ، بخرقها الطريق بين البوابتين ، وهي ليست منطقه انشطه ولا منطقه تخزين … ** عندما احتلت اسرائيل الجانب الفلسطيني من معبر رفح اوقفت مصر على الفور مرور الشاحنات من بوابه رفح المصريه لانها لن تصل الى الفلسطينيين في غزه وستتحكم فيها قوات الاحتلال وهذا غير مقبول منطقيا لان القوات التي تقتل اهل غزه بالقنابل او بالتجويع لا يمكن ان تكون هي المسؤوله عن توزيع المعونات التي تحيي اهل غزه وتحميهم من القتل ، ولذلك اوقفت مصر عبور الشاحنات حتى يعود المعبر الى السلطه الفلسطينيه ومنظمات الاغاثه المحليه والدوليه ؛ وكذبت مصر بشده المناوره الاسرائيليه التي تقول ان مصر هي التي تمنع المعونات ، او تقول انه تم الاتفاق والترتيب مع مصر على مرور المعونات ، وهذا كذب ؛ مصر يقظه جدا وتعرف ان اسرائيل تريد ان تخلق لها دورا في معبر رفح على الجانب الفلسطيني وهذا ليس من حقها ولابد ان يعود المعبر الى السلطه الفلسطينيه المشرفه القانونيه عليه…
** لاول مره بعد كامب ديفيد و اتفاقيه السلام تستخدم مصر ورقة التهديد بالغاء او تجميد معاهده السلام .. وهدم ،،مقولة،، ان حرب 73 هي اخر الحروب بين مصر واسرائيل …
** الحرب على غزه ليست ردا على اعتداء حماس : في7/10/23 _ كما يردد البعض _ و ليس هو المبرر لوجود حاملات طائرات امريكيه وبوارج بريطانيه وتدخلهما المباشر في الحرب ،؛ الامر كان مخطط سابق التجهيز تستغل فيه اسرائيل أي عملية لحماس أو غيرها من فصائل المقاومه للقيام بعمليه عسكريه كبيره مباغته وسريعه تحت الحمايه الامريكيه والبريطانيه لطرد اهل غزه الى سيناء _وطرد اهل الضفه الى الاردن في مرحله تاليه_ وجاءت عمليه حماس الكبيره لتكون اكبر واحسن فرصه للتنفيذ ؛ ووضع الجميع امام الامر الواقع …
** لم تكن عملية اسرائيل في رفح بالتحديد بهدف مطاردة المقاومه _ هذا سبب ظاهري _ الهدف الرئيسي هو : مصر ؛ هو ان تلعب اسرائيل مع مصر لعبة ،،حافة الهاويه ،، من خلال ايجاد قوات اسرائيليه على خط الحدود مباشرة مع مصر : اولا لتغلق المعبر الرئيسي الذي يمول اهل غزه بالمؤن والادويه التي تبقيهم على قيد الحياه وتعطل تنفيذ المشروع الاسرائيلي للقضاء عليهم اما بالقنابل واما بالجوع .. وثانيا لتناوش مصر على خط الحدود عن طريق _ اخطاء _ تبرر لها الاحتكاك او الاستفزاز لمصر بارتكاب عمليات عسكريه جزئيه على انها اخطاء غير مقصوده ، ثم تعتذر عنها وتعلن انها ستحاكم من تسبب فيها ؛ والهدف هو شغل مصر بنفسها لتبتعد عن القضيه الفلسطينيه وتتركها لاسرائيل وامريكا ومن والاهم ؛ لان مصر كانت تاريخيا هي الصخره التي تحطمت عليها كل مشروعات امريكا واسرائيل في المنطقه .. وثالثا ان لدى الاسرائيليين احساس بالندم الشديد على انهم تركوا سيناء ؛ وتخطط لاستغلال اي فرصه في اي وقت للعوده الى سيناء مهما كان التمن : فمن مصلحتها ان تعطل مشروعات التنميه الكبيره المتنوعه في سيناء لتبقى قليله السكان حتى يسهل عليهم اجتياحها في اي وقت ؛ وان تعطل مشروع القطار السريع الذي الذي يجري تنفيذه بين العريش وطابا لانه ينافس المشروع الاسرائيلي الخليجي المقترح للقطار السريع بين الخليج وتل ابيب لنقل منتجات الهند والصين عبر دول الخليج الى تل ابيب والبحر المتوسط واوروبا ؛ وضرب دور مصر وقناة السويس من جهه اخرى …
** اسرائيل تحاول جعل رفح هي ،،حافة الهاويه ،، لاستدراج مصر لتكون جزء من المشكله ؛ ومصر ترد بجعل رفح هي ،،حافه الهاويه،، لاسرائيل بتهديدها بالغاء اتفاقيه السلام وبقاء مصر جزء أساسي في حل المشكله …
** اذا كان دخول اسرائيل الى رفح هو رساله تقول لمصر ،،نحن هنا،، ؛ فان الرساله المصريه الصامده ، الثابته ، اليقظه، تقول لاسرائيل ،، ونحن هنا وجاهزون للتحدي …
**مصر جاده ، وواعيه ، وخبرتها طويله في ادارة حدودها منذ الاف السنين منذ ايام الهكسوس والى حرب غزه الحاليه … مصر تدير التحديات _في كل الاتجاهات _ ببراعه وحكمه ورشد وخبره عاليه وصبر يفسد على اسرائيل خططها، وخطواتها …
** أهم ما يضايق اسرائيل ومن وراءها ، ويفسد عليهم تدبيرهم هو : الموقف الشعبي المصري الصامد ، المتماسك ، المتفهم للالاعيب الاسرائيليه ، المحصن تاريخبا ضدها ، ،والذي يذهل الجميع بتماسك وصلابة الجبهه الشعبيه مع الرسميه ؛ وثبات أهل غزه وفلسطين على أرضهم ؛ هذا الثبات الذي اصبح مضرب المثل في العالم كله…
** والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون ؛
. وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلب ينقلبون ، ان شاء الله …
حفظ الله مصر وحفظ فلسطين والمنطقه من كل شر وسوء في هذا المنعطف التاريخي الكبير الذي له ما بعده …