عاجل

تعرف على الأطعمة أن تساعد على تنظيف الكبد وتحسين وظيفته
آلاف المتظاهرين يستعدون لمسيرة في العاصمة الأمريكية دعما لحقوق الفلسطينيين والمطالبة بالوقف الفوري للحرب الإسرائيلية في غزة
الاحتلال ألقى 77 ألف طن متفجرات على قطاع غزة
# ولِسه الحزن بــ يجيني ….. شعر
تعليمات جديدة بالجيزة بشأن امتحانات الشهادة الإعدادية
القاهرة.. يتحذير من التهاون في الرقابة على الأسواق
شون محافظة البحيرة تستقبل 197 ألف طن قمح
توخيل يعلن رحيله عن تدريب بايرن ميونخ
رسمياً..آرني سلوت مدرب ليفربول خلفاً ليورجن كلوب
صلاح: كلوب ساعدني وطورني وسنتواصل مدى الحياة
قائمة بيراميدز لمواجهة الإسماعيلي
توتنهام يعرض 30مليون يورو لضم عمر مرموش
عبد الغفار: معهد القلب قدم الخدمة الطبية لـ 232 ألفًا و341 مواطنًا
الإنتاج الحربي تستقبل ممثل شركة “FAMSUN” الصينية لبحث تعزيز التصنيع المشترك
# حكاية زعل كمال الشناوي من أنور وجدي

# حكاية فيلم … شباب أمرأة

بقلم د / حسن اللبان

شباب امرأة
في مطلع التسعينيات كان يذاع على القناة الأولى المصرية برنامج (لسه فاكر)، واستضاف وقتها الفنان شكري سرحان والمخرج صلاح أبو سيف لاستعادة ذكرياتهما عن فيلم (شباب امرأة) والذي عُرض عام 1956.
وقتها أكد شكري على أن الفيلم قد مثل له نقلة نوعية في تاريخه المهني بينما حكى أبو سيف بجرأة إلى أن قصة فيلم شباب امرأة مستوحاة من حياته الشخصية، حين سافر لدراسة السينما في فرنسا وكان عمره عشرين سنة وسكن في بنسيون، لتلقي مالكته ذات الخمسين عامًا شباكها عليه، وكان بينهما علاقة لم ينقذه منها إلا قيام الحرب العالمية فاضطر للعودة إلى مصر وهكذا تخلص من سيطرتها.
ولا يعد صلاح أبو سيف مخرجًا فحسب، وإنما شارك في كتابة الكثير من أفلامه وأنتج بعضها، وكان تأثره بالسينما الإيطالية وموجتها الجديدة واضحًا في أفلامه؛ إذا كان يميل إلى اختيار أبطال أفلامه كعمال أو فلاحين أو بسطاء مستعرضًا همومهم وعوالمهم بعد أن امتلأت السينما المصرية بأفلام الباشوات وممثلي الطبقة البرجوازية؛ مما جعله المخرج المفضل لنظام يوليو ونجح في تقديم أفلام تحولت بالتدريج إلى علامات مؤثرة في تاريخ مصر الفني، ومنها شباب امرأة.
وشارك الفيلم في المسابقة الرسمية في مهرجان كان السينمائي عام 1956 بترشيح من الأديب يحيى حقي وخاض معركة لإقناع السلطات بأن الفيلم لا يسيء إلى سمعة مصر ومقاومًا يوسف شاهين الذي هاجم الفيلم حتى يرفضوه ويستبدلوه بفيلمه صراع في الميناء لكن باءت هذه الجهود بالفشل وشارك شباب امرأة بكان تحت اسم مصاصة الدماء. مدة الفيلم 123 دقيقة ومن إنتاج وحيد فريد وقصة أمين يوسف غراب، وحوار السيد بدير، وسيناريو أمين يوسف غراب وصلاح أبو سيف. وهو من فئة الدراما، إخراج صلاح أبو سيف، وبطولة شادية وتحية كاريوكا وشكري سرحان وعبد الوارث عسر وسراج منير وفردوس محمد.
واجه الفيلم بعض الصعوبات في التوزيع الخارجي والتسويق بسبب أن البطلين (شكري سرحان وتحية كاريوكا) لم يكونا بطلين جذابين لشباك التذاكر آنذاك، واشترط التوزيع وجود النجمة شادية، فاضطر صلاح أبو سيف للتعاقد معها وأعطاها الأجر الأكبر وحاول تضخيم دورها بعض الشيء بزرع ثلاث أغنيات وبعض المشاهد التي لا تؤثر في الأحداث ووضع اسمها في بداية الفيلم، على الرغم من كون شباب امرأة بطولة مطلقة وكاسحة لتحية كاريوكا، لكن هذه مقاييس السينما!
من المدهش في قصة شباب امرأة أنها تحولت إلى رواية مكتوبة بعد عرض الفيلم، أي أن الفيلم ليس مأخوذًا عن رواية كما هو مشهور، بل على العكس كتب أمين يوسف غراب روايته بعد انتهاء الفيلم أي أن رواية شباب امرأة مأخوذة عن الفيلم.
سأحاول التركيز في هذه المقالة على بناء الشخصيتين الرئيسيتين (شفاعات أو تحية كاريوكا، وإمام بلتاجي حسانين أو شكري سرحان) من الناحية النفسية والدرامية.
إذا اتفقنا على مبدأ أن البطل هو ما يندفع إليه المتفرج ويحب الدفاع عنه وينفعل فرحًا وحزنًا من أجله فلا بد أن إمام هو البطل، فهو قروي وصغير السن ويترك قريته وأمه وعائلته لأول مرة في حياته لينتقل إلى العاصمة بكل جبروتها، أما شفاعات فهي معلمة وصاحبة سرجة وثرية ولا تتمتع بالخجل أو الحياء.
سأنقل إليكم جانبًا مما يفعله كاتب السيناريو، أو ما يفترض به فعله.
إنه يقوم بكتابة ما يسمي بـ(وصف الشخصية) من الناحية الجسمانية والنفسية ويكتب عنها تاريخًا –قد لا نراه- ويكتب دوافعها وكل شيء. إذا أردت أن تمارس هذا التمرين اختر شخصًا تعرفه وطبق عليه هذه المواصفات.
مثلاً.. انظر إلى أبيك أو أخيك أو صديقك أو جارك أو… اكتب عن حبيبتك. اكتب اسمها وعمرها وأين تسكن وماذا درست ولماذا وأين ومتى؟ اكتب كذلك مواصفاتها الخارجية إن كانت طويلة أو متوسطة أو قصيرة، لون بشرتها ومستوى جمالها وتفاصيل جسدها وطريقة مشيتها… دع لنفسك العنان حتى تنتهي لتنتقل إلى ذكر مواصفاتها النفسية وعندما تتمكن من ذلك وعندما تصل تحديدًا إلى دوافع الشخصية الغريزية قد تنجح ببعض التعديلات إلى تحويلها إلى شخصية درامية تصلح للتمثيل بفيلم.
ليس تحت يديّ سيناريو الأفلام التي أكتب عنها، على الأقل حتى الآن، لذلك سأعتبر أن النسخة النهائية هي التي رأيناها معًا على الشاشة، حتى وأنا أعلم أن التوزيع تدخل وأن الممثل تدخل وأن المخرج تدخل لتحويل أو تعديل بعض المشاهد.
صلاح أبو سيف في هذا الفيلم أعطانا الكثير من ذكرياته وربما كان ذلك من أسباب نجاحه، ولقد ولدت في القرية المواجهة لقريته. أنا ولدت في قرية زاوية المصلوب وهو ولد في قرية الحومة، والقريتان يفصلهما الطريق الأسفلتي فقط، وننتمي جميعًا إلى مركز الواسطى بمحافظة بني سويف.
مات والد صلاح أبو سيف مبكرًا وتركه لأمه، ومن هنا يبدأ شباب امرأة بعدد من المشاهد تعكس لنا حياة الريف البسيطة وكفاح الأم الفقيرة من أجل تعليم ابنها الوحيد إمام فهي تبيع بقرتها الوحيدة لتعطي ابنها مصاريف السنة الدراسية الأولى.
هنا يأتي أول تعارض بين السيناريو والشاشة في وصف البطل؛ فإمام أنهى البكالوريا (الثانوية العامة) ويستعد للانتقال إلى القاهرة ليلتحق بالفرقة الأولى بكلية دار العلوم، أي أن مواصفاته (شاب، قروي، متعلم، وحيد، فقير، وعنده 17 سنة) طبعًا شاهدنا في أفلام أوروبا آنذاك والأفلام الأمريكية بعد ذلك مئات الأفلام التي توظف الممثل بحسب سنه في السيناريو المكتوب، أما في مصر فما زلنا نرتكب هذه المخزيات حيث ترسخت عندنا صورة الطالب الجامعي أو الثانوي طويل وعريض وكامل الرجولة، مثل عبد الحليم حافظ في (الخطايا)، عمر الشريف في (في بيتنا رجل)، كمال الشانوي في (الرجل الذي فقد ظله)، عادل إمام في (حتى لا يطير الدخان)، محمد هنيدي في (يا أنا يا خالتي) وربما نحاول في أفلامنا الأحدث أن نتخلص من هذه السخافات.
بعد ذلك ينتقل إمام للسكن في حجرة فقيرة داخل سرجة المعلمة شفاعات ليتم بينهما تعارف صراعي محبب إلى قلبي. البطلان على عداوة أو صراع، ثم يحدث موقف يعجز البطل أو البطلة عن مواجهته وحده، ثم يقوم البطل أو البطلة الأخرى بحل الموقف فتتغير نظرة الآخر ناحيته أو ناحيتها، ثم يقع البطلان في الحب.
وفي شباب امرأة يحدث الآتي:
1- تصمم شفاعات على طرد الطالب إمام –قبل أن تراه- لأنه فقير ولن ينتظم في دفع الإيجار (العداوة أو الصراع).
2- حجر السرجة والذي يجره بغل أعمى يدهس العامل ويعجزون جميعًا عن إنقاذ العامل من أسفل الحجر (موقف تعجز البطلة عن مواجهتها وحدها.
3- يظهر إمام بشبابه ليزيح الحجر وينقذ العامل (تغير نظرة البطلة تجاه البطل).
4-لتقرر شفاعات أن تحاصر إمام ولا تطرده من الحجرة التي تملكها (بداية العلاقة بين البطلين).
قبل الاسترسال في الأحداث يجب أن أشير إلى الحوار بالفيلم ذكر أكثر من مرة أن إمام بلتاجي في عُمر ابن شفاعات، بينما في الواقع فإن وقت عرض شباب امرأة كانت تحية في عمر 41 سنة بينما شكري في عمر 31 سنة! وبدا تأثير السن واضحًا مما أعطى الفيلم بعدًا غير منطقي، لكن هل هذه مشكلة السيناريو؟؟
لا بالطبع لأن الحوار والسيناريو أوضح بما لا يدع مجالاً للشك أن إمام ساذج وصغير السن وفي سن يماثل سن ابن شفاعات لو كان لها أبناء. إذن لماذا أثير هذه النقطة وأنا دائمًا أكتب في هذه المقالات عن السيناريو؟
الإجابة لأن السيناريو يجب أن يتدخل ويكون في خدمة الفيلم ككل، بحيث يقدم ما يريد أن يقدمه، في قالب فني يجعله أنجح وأقرب للتصديق، خاصة مع مدرسة صلاح الإخراجية الميالة للطبيعية أو عكس الواقع.
الكاتب يأتي لمقابلة المخرج ويسأل:
-ها.. مين الممثل اللي هيلعب دور إمام؟
=شكري سرحان. والممثلة اللي قدامه هتبقى تحية.
-يا خرابي! شكري. ده تلاتين سنة وبشنب وطول بعرض. وتحية ما تنفعش تكون قد أمه. إزاي هتقدم شكري ولد في أول جامعة.
=هنعمل إيه بقى، ما نقدرش نجيب ولد عنده 17 سنة ونخليه بطل قدام تحية، لا الناس هتقبل ولا التوزيع.
-شكري هايل وكل حاجة بس مش مناسب للدور.
=والله لو عندك حل قولي بدل ما أنت قاعد تصرخ وخلاص.
هنا على المؤلف أن يقدم اقتراحاته (من خلال التعديل على السيناريو والشخصية) ليجعل الفيلم أكثر قبولاً وبالتالي تزيد فرص نجاحاته، ولو أني المؤلف كنت سأقول الآتي:
-تحية في سنها ومواصفاتها الطبيعية فهي نموذج لنقل المكتوب إلى الشاشة.. طول بعرض بحلاوة بلسان معلمة بسن مناسبة. المشكلة في شكري. وبدلاً من الاستغناء عن شكري وهذا لن أقبل به (لأن شكري هو الأقدر على تجسيد إمام بلتاجي) فإن العقبة هي سنه ومهنته. سأحوله من طالب في عمر 17 إلى موظف حديث التخرج.
يسأل المخرج:
-يعني إيه؟ كده الفيلم هيبوظ.
أجيب بثقة:
-لا لأن فكرة الفيلم هي سيطرة شفاعات على شاب أصغر منها وساذج فيمكن لإمام أن يكون موظف حديث التخرج ومنقول حديثًا دون أن يضر ذلك بالأحداث في حين نذكر أن شفاعات أكبر منه بكثير ولا نذكر أنها مثل أمه.
=لكن وصف الشخصية سيختلف. لو أنه في عمر 24 مثلاً يجب أن يكون متزوجًا ومعه أطفال، لا تنس أنه من الريف.
-إذن نبالغ في فقره أو مسئولياته بحيث لا يقدر على الزواج وهذا من أسباب نزوحه إلى العاصمة.
هذه التفاصيل البسيطة جدًا هي ما تجعل الأفلام مختلفة!
واستكمالاً للأحداث نرى إمام في مجموعة من المشاهد يزور أقاربه بمصر (الشرنوبي إسماعيل وابنته سلوى وابنه فتحي وزوجته) وكلهم مناسبون ومتناسبون وإن كنت أرى ككاتب سيناريو أن حذفهم بالكامل لم يكن ليضر بالفيلم كثيرًا!
لكن إمام وسلوى على علاقة حب قديمة (حب الطفولة) وهنا نستشف الصراع القادم:
إمام (الباحث عن بدايات طريقه ووجوده) سيقع بين جبروت شفاعات وبراءة سلوى، الشهوة المطلقة والبراءة المطلقة. نجيب محفوظ نفسه (والذي عمل على سيناريو شباب امرأة ورفض أمين يوسف غراب وضع اسمه على التتر) كرر هذه التيمة بنضج أكبر وتناول مختلف في فيلم الطريق. حين مثلت شخصية كريمة شهوة الدنيا وشخصية إلهام المعرفة أو الخير.
هنا ننتقل إلى البعد الأعمق في الشخصيات، البعد النفسي:
شفاعات أرملة وكبيرة في السن ولا تمارس الجنس، وجارها شاب وصغير السن وقوي وموفور الصحة ولا يمارس الجنس. هنا أوجد المؤلف غريزة الجنس بسهولة وهي من أقوى الغرائز التي تحرك الشخصيات في أي فيلم.
ونجح السيناريو في التصاعد بعلاقة شفاعات وإمام بحيث لا نراها بدأت وتعمقت فجأة، فهما يتشاجران دائمًا وينتهي الأمر بنهاية تبرز فحولة إمام وهزيمة شفاعات -التي لا يهزمها أحد- أمام هذه الفحولة، وبصفة عامة فإن اللغة السينمائية تميل إلى اعتبار الشجار بين البطلة والبطلة باعتباره انجذابًا جنسيًا.
بعد ذلك تعتبر شفاعات جارها إمام هدفًا فتحاصره بالكذب واستدرار العطف والتباكي، شفاعات امرأة نرجسية وسيكوباثية وإمام هو ضحيتها.
الآن نعرف من علم النفس ملاحظات مهمة وعلى رأسها أن كون إمام قرويًا وساذجًا وفقيرًا لا يكفي ليستسلم لإغراءات وسيطرة شفاعات، فهو يستطيع الفرار مباشرة لأقاربه بالقاهرة. إذن إذا أتيحت لي فرصة إعادة الفيلم فيجب أن أعدل شخصية إمام وبالتحديد علاقته بأمه.
يجب أن تكون علاقة إمام بأمه متوترة أو معدومة، أو يمكن أن تكون أمه متوفاة وله زوجة أب تعامله بجفاء؛ لأن إمام يجب أن يجد في شفاعات ما لم يجده وما لن يجده في سلوى، وأقصد بذلك الحنان والخبرة المقاربتين لحنان وخبرة الأم. لا يمكن لشفاعات الاستحواذ على إمام إلا إذا كان إمام معتل النفس بالأساس. الخوف من الهجر أو الإحساس المبالغ فيه بالاستحقاق أو العطش إلى الاهتمام. ضعف في البطل يقابله اقتناص من البطلة.
لكن في الفيلم تمارس شفاعات كل حيل النرجسيات على إمام فهي تحاصره عاطفيًا وماديًا وتعطيه الانطباع بأنه متحكم في كل شيء، تطعمه وتذهب معه للسينما ولا تكلفه مالاً وتستغل فقره.
ذكرتني شفاعات بامرأة سمعت عنها من أحد الأصدقاء. كانت مطلقة ولها أبناء وكانت تخفي هذا الأمر، وتستهدف ضحاياها من الشباب صغير السن فتغدق عليهم بالمال والجنس، وفي المقابل تجني إحساسها بأن العمر لم يفت وأنها لا تزال صغيرة وأنها لم تعد جدة لأحفاد!
من هنا أجاد السيناريو في بناء شخصية شفاعات وكذلك في اختيار العنوان (شباب امرأة) فشفاعات تستعيد حيويتها وشبابها من حبها للشباب الصغير وكلما كان أصغر وأقوى وأفقر وغير متحقق كان هدفًا مثاليًا.
يحاول إمام الاحتماء بالمسجد (رمز الدين) تارة وبأقاربه تارة أخرى إلا أن شفاعات تنجح في السيطرة عليه وتمارس معه الجنس لأول مرة ليدخل إمام في حالة من العمى تشبه عمى البغل الذي يجر حجر السرجة ليحقق لشفاعات ما تقتات عليه.
تتمادى شفاعات فتدخل به إلى عالم الماديات (التدخين والخمر والطعام الذي كان محرومًا منه والملابس والهدايا)، وفي المقابل فإنه يبدأ في إهمال دروسه والصلاة وزيارة سلوى وصحته.
أما عم حسبو (العاشق القديم لشفاعات) فقد علم بالمصادفة بسر العلاقة السرية بين شفاعات وإمام ويحاول طوال الوقت إبعاد إمام عن طريق شفاعات حتى لا يكرر مأساته.
ينقطع إمام عن كتابة الخطابات لأمه وعن الانتظام بالدراسة فيهدد بالفصل وكمحاولة إنقاذ يحكي حسبو لإمام إنه كان في الماضي شابًا وأحب شفاعات وهجر زوجته وأولاده الصغار واختلس من أجلها ودخل السجن، وبعد قضاء المدة هرب من زوجته وأطفاله حتى لا يلحق بهم العار.
يبدأ إمام فعلاً في محاولة الهروب من شفاعات، ويحاول تعويض ما فاته من دروس ويعود لمقابلة سلوى لتنشأ بينهما علاقة عاطفية على استحياء دون أن يدرك خطورة شفاعات.
تذهب شفاعات إليه في الجامعة وتطارده إلى أن تستعيد جسده ويعود من جديد لدوامتها. ويظل الكر والفر بينهما حتى يصل إليه والد سلوى وينقله ليعيش معه وتحت رعايته حتى يستعيد صحته التي أرهقها الجنس والسهر والخمر وتلبية رغبات شفاعات.
أما المرأة النرجسية السيكوباثية شفاعات وعندما تتأكد من ضياع فريستها (يجمع إمام أغراضه ليرحل من غرفته بجوارها إلى بيت الشرنوبي) فإنها تسعى لتدميره فتدس جزءًا من مصاغها في ثيابه وتبلغ عنه البوليس الذي يفتش حجرته الجديدة ويجد المصاغ. يهرب إمام ويلجأ إليها لتتنازل عن البلاغ فتهينه بأفضالها المادية عليه، وتخيره:
إما الفضيحة والسجن وضياع المستقبل، أو الزواج منها بمؤخر صداق كبير لا يقدر عليه.
وبالتزامن مع هذا الحدث تصل أمه من القرية وعمه لزيارته، ويصل أقاربه وعندما يلحون عليه في الانتقال إلى بيت آخر والهروب من شباك شفاعات تنشب مشاجرة تقتل فيها شفاعات على يد حسبو وهو يصرخ في هستيريا أنه خلص العالم من شرها.
السيناريو والحوار أجادا رسم شخصية شفاعات تمامًا وكان ينقصه فقط أن يوضح لنا دوافع شفاعات من عين أخرى؛ فهي وحيدة والكل طامع في ثرائها ومحرومة من الجنس لكن هذا نعرفه من حكيها وكان لا بد أن يحكي شخص غريب عنها، بحلوها ومرها لأن النرجسيات هن ضحايا بدورهن وكان لا بد أن نعرف قصتها المخبأة، وإن كانت أفلامنا خاصة في ذلك الوقت تميل إلى القولبة. الشر المطلق والخير المطلق.
لكني افتقدت عالم شخصية إمام. الدراسة في كلية دار العلوم وردود أفعال زملائه على علاقة بين سيدة كبيرة وثرية وعنيفة بطالب، كما أننا لم نسمع إمام يصارح أحدًا بحقيقة مشاعره وهل كان يحبها أم كان مجبورًا عليه.
لقد اهتم الفيلم بشفاعات على حساب إمام بلتاجي حسانين فهو غر وساذج وصغير السن وأعمى لدرجة أن الفيلم شابه بينه وبين بغل السرجة كثيرًا لدرجة الملل، وشابه بينه وبين الخروف الذي تسحبه صاحبته بحبل، ربما قلة الحيلة هذه ما غفرت له أمام الجمهور فتفاعل معه وأحبه وأحب معه شكري سرحان وصلاح أبو سيف فانطلقا لصنع أفلام لا تنسى.

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
booked.net
موقع الرسالة العربية