كتب د / حسن اللبان
واصل الدولار رحلة صعوده تدريجيًا أمام الجنيه المصري، بعد استئناف العمل بالبنوك عقب عطلة عيد الأضحى بداية من الإثنين الماضي، وهو ما أرجعه خبراء إلى التوترات الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وتراكم الطلب على الدولار بسبب طول فترة إجازة عيد الأضحى، في الوقت نفسه أشار الخبراء إلى منافسة البنوك على جذب مدخرات “المليونيرات” عبر طرح شهادات ادخار مرتفعة العائد بحد أدنى مليون جنيه، وذلك لجمع جزء من حصيلة تنازل المصريين عن الدولار.
وارتفع متوسط سعر الدولار في البنك المركزي إلى 48.28 جنيه للشراء، و48.38 جنيه للبيع بختام تعاملات الأسبوع مقارنة بسعر 47.52 جنيه للشراء، 47.65 جنيه للبيع في آخر تعاملات قبل إجازة عيد الفطر.
وأرجع الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح، سبب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه في البنوك المصرية بعد إجازة عيد الفطر، إلى 3 عوامل؛ الأول التوترات السياسية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط قبل استئناف العمل بالبنوك، مما أدى إلى تزايد الإقبال على الاستثمار بالدولار باعتباره مخزن للقيمة وذلك حال تأثر مصر بالأوضاع السياسية في المنطقة، وامتداد الحرب في غزة إلى دول أخرى مجاورة، مشيرًا في هذا الصدد إلى ارتفاع أسعار الذهب عالميًا لمستويات قياسية تزامنًا مع الأحداث، باعتبارهما من الملاذات الأمنة للمستثمرين في أوقات الأزمات.
وارتفعت أسعار الذهب في مصر خلال الأيام الماضية، متأثرة بزيادة سعر الذهب العالمي وسجل عيار 21، وهو الأكثر مبيعًا محليًا، أكثر من 3260 جنيه (76.35 دولار) للجرام الواحد، وفق تطبيقات بيع الذهب.
وأضاف أبو الفتوح، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية أن العامل الثاني وراء زيادة سعر الدولار وهو تراكم الطلب عليه لتلبية احتياجات الاستيراد نتيجة طول فترة إجازة عيد الفطر، مما أدى إلى زيادة فارق سعر الدولار أمام الجنيه في السوق الموازية بحوالي جنيه عن السعر الرسمي، والعامل الثالث وهو زيادة سعر الدولار عالميًا نتيجة الأوضاع السياسية.
وعلق البنك المركزي المصري، العمل بالبنوك لمدة 6 أيام خلال الفترة من 9 إلى 14 أبريل الجاري، بسبب إجازة عيد الفطر.
وأشار هاني أبو الفتوح، إلى طرح بنوك محلية شهادات ادخار بعائد مرتفع بحد أدنى لا يقل عن مليون جنيه، مستهدفة جمع سيولة من حصيلة تنازل المصريين عن الدولار، لافتًا إلى أن أكبر 3 شركات صرافة مملوكة للبنوك الحكومية الكبرى الثلاثة وهي التي تحصل على حصة كبيرة من تنازل المصريين عن الدولار، مما دفع بنوك إلى شهادات ادخار بفائدة مرتفعة، غير أنها تواجه تحديًا بعد انخفاض العائد على أذون الخزانة الحكومية بسبب ارتفاع الطلب عليها.
وطرحت بنوك عاملة بالسوق المصري شهادات ادخار بعائد يتراوح بين 22-25.5% حسب المدة، وبحد أدنى من 1-5 مليون جنيه لكل شهادة.
من جانبه فسر رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية السابق ماجد فهمي، أسباب ارتفاع الدولار أمام الجنيه المصري، إلى عاملين؛ الأول ارتفاع سعر الدولار عالميًا أمام العملات الأجنبية ومنها الجنيه المصري بسبب تزايد الإقبال عليه نتيجة التوترات الجيوسياسية، والثانية ارتفاع الطلب على الدولار في السوق المحلي، متوقعًا أن تشهد الفترة المقبلة تذبذبًا في سعر صرف الدولار أمام الجنيه، ولكن الأهم من ذلك استقرار سوق الصرف، وعدم وجودين سعرين من خلال زيادة حصيلة البلاد الدولارية.
وينتظر أن تستقبل مصر حصيلة دولارية ضخمة قد تصل إلى 22 مليار دولار خلال الشهور القليلة المقبلة وذلك من الشريحة الثانية لصفقة تطوير مشروع رأس الحكمة، والبالغة 20 مليار دولار، ومبلغ 1.07 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي، والشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 820 مليون دولار.
أضاف “فهمي”، في تصريحات خاصة لـ“CNN بالعربية”، أن منافسة البنوك العاملة بالسوق المصرية على طرح شهادات ادخار مرتفعة العائد وذلك لتحقيق هدفين؛ الأول سحب السيولة من السوق؛ للسيطرة على التضخم عبر تحقيق التوازن بين العرض والطلب على السلع، والثاني تعويض المواطنين عن انخفاض قيمة مدخراتهم بعد ارتفاع معدل التضخم، مشيرًا إلى ضرورة استمرار العمل على تطبيق إصلاحات هيكلية لتحسين أداء الاقتصاد المصري، وتحسين مناخ الاستثمار لتحقيق معدلات نمو اقتصادية، وزيادة إيرادات الدولة.
وسبق أن رفع البنك المركزي المصري يوم 6 مارس الماضي، أسعار الفائدة 600 نقطة أساس ليصل سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب.
وحول استهداف الحكومة المصرية تحقيق 4% معدل نمو اقتصادي خلال العام المالي المقبل، قال ماجد فهمي، إن العالم كله يشهد تباطؤ اقتصادي وليس مصر وحدها، نتيجة التوترات السياسية عالميًا، مشيرا إلى دور مشروعات البنية التحتية التي نفذتها الحكومة كان سببًا وراء ارتفاع معدل النمو الاقتصادي، ومع عزم الدولة خفض معدل الإنفاق الاستثماري العام قد نشهد تباطؤ في معدل النمو الاقتصادي، ونتمنى أن يقابله زيادة في استثمارات القطاع الخاص بالقطاعات الإنتاجية.
وتستهدف مصر تحقيق معدل نمو اقتصادي 4% خلال العام المالي المقبل 2024/2025 مقابل 4.1% مستهدفة خلال العام المالي الحالي-وفقًا لتقرير صادر عن وزارة المالية- تأتي هذه التوقعات أعلى من توقعات صندوق النقد الدولي الذي حدد 4.4%، والبنك الدولي بنسبة 4.2%.