كتب د / حسن اللبان
بعد مرور أقل من أسبوع على قرار البنك المركزي المصري بتطبيق آلية سعر صرف مرن، اتجهت البنوك العاملة في السوق المحلية لتدبير النقد الأجنبي اللازم لاستيراد السلع الاستراتيجية ومستلزمات الإنتاج والأدوية، وكذلك المنتجات تامة الصنع-وفقًا لمستوردين.
كما أصدرت بعض البنوك قرارات برفع حدود بطاقات الائتمان في التعاملات الدولية، في الوقت نفسه تراجع سعر الدولار أمام الجنيه تحت مستوى 49 جنيهًا لأول مرة منذ “التعويم”.
وسبق أن قرر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، زيادة سعر الفائدة 600 نقطة أساس للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، وفي نفس اليوم، قرر السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق، مما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار لمستويات تجاوزت 50 جنيهًا، ثم أعلنت الحكومة المصرية عن توصلها لاتفاق مع صندوق النقد الدولي لزيادة قيمة قرض الصندوق إلى 8 مليارات دولار.
وقال الخبير المصرفي محمد بدرة، إن قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، أثمر عن تقريب الفجوة في سعر الدولار بين السوق الرسمي والموازي إلى جنيه واحد فقط بدلًا من 30-40 جنيها في السابق، مما سيؤدي للقضاء على السوق “السوداء” تدريجيًا، وعودة التعامل في القنوات الرسمية، مضيفًا أن البنك المركزي يضع حد سقف سعريا للدولار بألا يتجاوز 50 جنيهًا، ويتدخل بـ”ذكاء” لطرح سيولة دولارية في البنوك حتى لا يتجاوز الدولار هذا السعر.
وفي مؤتمر صحفي عقده، الأربعاء الماضي، أكد محافظ البنك المركزي المصري حسن عبدالله، أن البنك لم يعد يستهدف سعر صرف محدد للجنيه، وأنه سيترك تحديده لآليات السوق، على أن يتدخل فقط إذا لاحظ حركة سريعة وغير منطقية.
وأضاف بدرة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية: “كما انعكس قرار تحرير سعر الصرف على توفير سيولة من النقد الأجنبي اللازم لفتح اعتمادات مستندية لاستيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج للمصانع، والسلع الأساسية”، كما أن هناك عددا من البنوك اتخذت قرارات برفع حدود استخدام البطاقات الائتمانية في التعاملات الدولية سواء في حد السحب النقدي أو المشتريات من الخارج.
ورفع عدد من البنوك العاملة في السوق المصري حدود السحب النقدي والمشتريات الخاصة ببطاقات الائتمان خارج مصر، وأبرزها الأهلي، ومصر، وبنك قطر الوطني الأهلي، والعربي الإفريقي الدولي، والبنك التجاري الدولي (CIB)، ورفع الأخير هذا الحد مرتين خلال 4 أيام منذ قرار تحرير سعر الصرف، الأربعاء الماضي.
وأشار محمد بدرة، إلى زيادة حجم تدفقات تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الأيام الماضية من خلال شركات الصرافة، وذلك بعد تقريب الفجوة بين سعر الدولار في السوق الرسمي والموازية، متوقعًا أن تعاود تحويلات المصريين بالخارج إلى معدلاتها الطبيعية متجاوزة 31 مليار دولار سنويًا، وأن يستمر الدولار في تراجعه أمام الجنيه المصري ليصل إلى 42 جنيهًا، ويستكمل الانخفاض إلى مستوى 38 جنيهًا خلال نهاية العام.
وتراجعت تحويلات المصريين بالخارج من 31.6 مليار دولار في عام 2022 إلى 22 مليار دولار العام الماضي بسبب الفجوة بين سعري الصرف الرسمي والسوق الموازية-وفقًا لتصريحات رسمية لوزيرة الهجرة، سها جندي- فيما أكدت إحدى شركات الصرافة، أن هناك ارتفاعًا ملحوظًا في عدد التحويلات المالية من المصريين المقيمين بالإمارات إلى مصر منذ إصدار قرار تحرير سعر الصرف.
ويرى الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح، أن البنك المركزي يطبق آلية تحرير سعر صرف مرن دون تدخل لوضع حد سقف سعري عند 50 جنيهًا، غير أنه لفت إلى أن محافظ البنك المركزي سبق أن أكد تدخل البنك المركزي، في حالة وجود تذبذبات غير منطقية في سعر الصرف، وهو أمر مطبق في كل البنوك المركزية حول العالم.
وانخفض سعر صرف الدولار، الثلاثاء، تحت مستوى 49 جنيهًا لأول مرة منذ قرار تحرير سعر الصرف ليصل متوسط سعر الدولار إلى 48.73 جنيه للشراء، 48.83جنيه للبيع، في البنك المركزي المصري.
وأوضح أبو الفتوح، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن البنك المركزي المصري حين يتدخل لتحقيق استقرار في سعر صرف الدولار أمام الجنيه يكون من خلال ضخ سيولة للبنوك العاملة بالسوق المحلي لتلبية الطلب، خاصة بعد ارتفاع عجز صافي الأصول الأجنبية للبنوك المصرية لمستوى تاريخي، مضيفًا أن بعض البنوك المحلية بدأت ترفع حدود بطاقات الائتمان في التعاملات الدولية لعملائها بعد تحسن السيولة النقدية لديها.
وارتفع عجز صافي الأصول الأجنبية للبنوك المصرية إلى 27.294 مليار دولار بنهاية شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2023 بزيادة 1.1% عن الشهر السابق له- وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري