بقلم الكاتبة الجزائرية / يامنة بن راضي
قبل قرون خلت تحالف الأعداء لضرب الدولة الإسلامية الوليدة، وطمع الحاقدون لنسف مجدها المتلألأ توا، حينذاك برز رجال يتنفسون شجاعة وضعوا حياتهم على أكفانهم في سبيل الذوذ عن حياض دولة الإسلام وحماية حدودها وأهلها والمستضعفين من البشر في أقطار أخرى من الأرض، ولمع اسم ” خالد ابن الوليد” الذي كان بدوره جيشا لوحده يقاتل ببسالة ويفاوض بعزة منقطعة النظير، مسطرا بذلك تاريخها زاخرا بالبطولات التي لا تفتأ تستفز ذاكرتنا بين الحين والآخر ..ونحن نعيش عصر الهوان بامتياز فليتنا نمتلك بعض شجاعة ابن الوليد و نحظى بسيفه المسلول لنسترد به بعض كرامتنا المستباحة ..
ولئن فتحت دوامة الهوان التي تغرق فيها أمتنا الباب على مصراعية لتذيقها مزيدا من الإستسلام المر لغرب يتدفق حقدا ويضرم نار حقده بلا توقف، مدمرا دولا و مستعبدا أخرى، جاعلا إياها كالجارية المطيعة رهن إشارة مصالحه و وأحلامه ونزواته الخبيثة ، فإن هذه الأمة التي تختبيء خلف شماعة المغلوب على أمرها، وكأنها تنتظر عصا موسى لعلها تنقذها من فرعون العصر وهامانه أمريكا و أوروبا وخلانهم من بني صهيون المجرمين ، لم ولن تستفيق من غفلتها ما لم تؤمن أن لا أثر لعصى موسى وأن زمن المعجزات قد ولى ..فمتى نحطم أغلال الذل وننفض عنا غبار العجز والإنكسار حتى يقبل ابن الوليد تأجيرنا سيفه؟..
أمطر العرب قديما أرض البشرية بطولة وشهامة في ظلام الجاهلية وعند انبعاث شعاع نور الإسلام،إذ تحفل كتب التاريخ والسير بكثير من الشخصيات كانت مضربا للأمثال في النخوة و والشجاعة ك ” خالد ابن الوليد ” الذي قال عند احتضاره:” لقد شهدت مائة زحف وما في بدني موضع إلا وبه ضربة سيف او طعنة رمح أو رمية سهم ..ثم ها أنا أموت على فراشي كما تموت العير فلا نامت أعين الجبناء” ، ولأن هذا القائد العظيم كان أسطورة حقيقية في ساحات الوغى يهدي المسلمين الذين كانوا يتنافسون على الإقدام للقاء العدو ويغبطون بعضهم على الظفر بالشهادة حينها انتصارات تلو الأخرى ويرغم أنوف أعداءهم التراب، فلا ريب أنه كان سيرفض رفضا قاطعا طلب أيقونة شعراء الشام” نزار قباني” عندما خاطبة ذات إحباط ” ألا سيف تؤجره يا ابن الوليد ..فكل سيوفنا أصبحت خشبا بعد أن راعه ضياع الأمة وهوانها وعجزها عن استرداد حقوقها المغتصبة …
فلا جرم إذن ان ابن الوليد سيمانع وهو في لحده أن يمنح سيفه المميز لجيل من الضعفاء لم يكن خير خلف لخير سلف، جيل أمات فيه النخوة يترنح بين الشك والجبن و اللهو فشتان بين الثرى والثريا…
ويأتي العدوان الصهيوني الهمجي على أهلنا في غزة في أرضنا الفلسطينية المقدسة ليضع الأمة كلها على المحك، كيف لا وهي تشاهد كيف تمارس العصابات الصهيونية المتوحشة إبادة جماعية يندى لها جبين الإنسانية في حق بنو قومنا من سكان غزة الصامدة في ظل إبادة روحية وأخلاقية يشهدها العالم برمته وبدعم امريكي مطلق ورضا غربي ماكر، ولو أننا امتلكنا ولو النزر اليسير من شجاعة ابن الوليد و ارتدينا رداء الإباء الذي كان يرتديه لما تجرأ علينا هذا الكيان الإرهابي القذر كل هذه الجرأة، ولما استمر طغيانه المروع و مذابحه التي يشيب لها الولدان ولما استمرت مراوغة حلفاءه من الأمريكان والأوروبيين ..لا مجال للشك فإن جرح غزة في فلسطين المحتلة أصبح يحرج كبرياءنا العربي إحراجا لا منتهى لمداه ..
أخيرا …يبدو أن حرب الفرد العربي والمسلم ستطول كما ترى ” غادة السمان” ، وذلك ريثما يستعيد رقعة ذاته ونفسه أولا ثم يستعيد أرضه وتاريخه وجغرافيته وهكذا .