الكورونا…ولعنة المعذبين
هاهو الزمن يستدير دورته الغريبة والمفاجئة ويبعثر القداسة عن النفس البشرية الغربية ويستقر في مرافىء للحقيقية الضائعة ” ما أضعفك أيها الإنسان أينما كنت”، فتتداول الأيام عكسيا وعلى حين غرة جائحة كورونا تبطش بالجميع تنهش الأجساد في أوروبا و أمريكا وتكون أهراما من الجثث في تلك البلاد المتحضرة وضاقت عليهم الأرض بما رحبت حتى لدفن موتاهم، وهم الذين ارتكبوا الكثير من الآثام في حق شعوب المعمورة منشرحي الصدر وتحت ذرائع واهية مزيفة، بل وساهموا في هلاك البشر في أفريقيا وآسيا وفي مدننا العربية العربية العريقة في حومة الفناء بشرائعهم الظالمة وسياساتهم العنصرية الملوثة بالحقد والأنانية التي خولت لهم نهب ثرواتهم وخبز وفرح أطفالهم وحولت أراضيهم سعيرا يتلظى، غير آبهين بأنات الموجوعين ولا بنشيج بكاء الثكالى والأرامل فهل هي لعنة جحافل البؤساء وهل تنتقم كورونا للمعذبين فوق أديم هذه الأرض ؟.
إنه لخطب جلل ما تعيشه البشرية اليوم بسبب كورونا الفيروس الخفي القاتل الذي حول حياة الأوروبيين والأمريكيين إلى كابوس مرعب يزحف بسرعة شيطانية ويفترس أجسادهم البيضاء في أيام معدودات، وباتوا في أمر مريج يتخبطون هنا ويترنحون هناك يبغون الخلاص والعلاج والحياة فقط، نعم الحياة التي حولها دجاجلة وسماسرة السياسة عندهم إلى أشلاء آدمية في الكثير من مكان في العالم وجعلوا شعوبا أخرى ميتة مع وقف التنفيذ ولا نصير لهؤلاء البؤساء ..إدلهم الخطب إذن وفي عتمة من الليل ينعقد غمام العذاب فوق أراضيهم وفي ديارهم لتصطلي شعوبهم الغارقة في حياة الرفاهية بنار الوباء ويخطف الموت الآلاف منهم، ولأول مرة ومنذ عقود طويلة يساوي الموت العادي والمجاني بين البشر جميعا وتتحطم قاعدة: فلتعش شعوب أمريكا وأوروبا وليذهب الجميع إلى الجحيم .
حنانيكم حنانيكم ..ليس عبث القدر ولا سخريته كما يقال بل هي حكمته البالغة بعد أن بلغ الضيم ذروته وارتوت الأرض بدماء الأبرياء العزل وتنهدت ردهات العذاب تحاججهم في آلام المحرومين وأحلام البسطاء في اليمن التعيس وفي سوريا الشريدة وفي فلسطين المغتصبة وفي العراق البائس وفي ليبيا الملغمة بالموت والخراب وايضا في مدن القهر والجوع في مالي والصومال وفي قرى وحواري الظلم والموت العبثي في آسيا ..والمذهل أن قاصمة الظهر هذه أسقطت الأقنعة البراقة لهذه البلاد الغربية وكشفت زيف حضارتها في انحرافها عن بوصلة القيم والأخلاق ومبادىء الإنسانية التي طالما سعت ولكل الوسائل إلى تسويقها للآخرين وكأنها عراب الخير والفضيلة في الكون .
ليس القصد الشماتة طبعا ولكن أخذ العبرة فهل يمكن أن نعتبر كورونا درسا إنسانيا وأخلاقيا حتى تغتسل الدول العظمى المتغطرسة من أدران خطاياها ونحن نرفع الرايات البيضاء للرحمة الإلهية الواسعة لجميع البشر …
الكاتبة الجزائرية يامنه بن راضى