العالم بعد طوفان الاقصى

بقلم / عبد الحليم سعيد

الحروب والعمليات العسكريه الواسعه لا تقاس عاده باحداثها : لا بالاقتحام ولا بالتراجع ، ولا بعدد الضحايا من هنا وهناك ، ولا بحجم الدمار الذي تخلفه : وانما تقاس بمدى تحقيقها للاهداف التي قامت الحرب من اجلها ؛ فالحرب ليست هدفا وانما هي وسيلة ضغط لتحقيق الاهداف التي ستحسمها مفاوضات ما بعد الحرب …
★القاء نظره سريعه على مؤشرات حوالي ست اسابيع من الحرب تبرز نتائج كثيره متباينه على الاطراف المشاركه فيها : بشكل مباشر او غير مباشر : ما كسبته وما خسرته:
★اولا دولة الاحتلال :
★ كان هدفها السريع هو الرد بقوه على عمليه طوفان الاقصى ، ولكنهم بسرعه اكتشفوا انها فرصه لاخراج خطه ،،مجهزه ،، من الادراج متفق عليها مسبقا مع امريكا وبريطانيا وفرنسا ودول اوروبيه اخرى تقضي الخطه بهجوم عسكري كاسح وسربع لا يرحم ، على كل قطاع غزه يدمر كل شيء بطريقه ترعب الناس و تدفعهم الى الهجره الى سيناء ، ثم يتم اغلاق الحدود ومنعهم من العوده الى الأبد ..هذا سيغضب مصر كثيرا ولكن ببعض مليارات الدولارات ستهدا وترضى خصوصا في ظروفها الاقتصاديه الصعبه ، وان هذه الترضيه ستدفعها بعض دول الخليج كمساعده في انهاء المشكله .. وفعلا حضرت حاملات الطائرات والبوارج وبدأ بسرعه جسر جوي ينقل الذخائر من الغرب الى دولة الاحتلال … كان هذا هو الهدف الحاسم الذي يتحدثون عنه كبدايه لتشكيل اسرائيل الكبرى : فهل تحقق ؟ لم يتحقق ولن يتحقق فقد كان صمود الفلسطينيين في غزه والضفه وصمود مصر واعتبار الامر خط احمر ، والدعوه السريعه لمؤتمر دولي في مصر ليؤكد هذا الموقف ، كل هذا أدى الى تراجع المحاولات الاسرائيليه عن هذا الهدف و و و ،،تأجيله،، و بعد افتضاح أمره ورفض العالم …
انتقل العدو الى هدف بديل وهو تدمير المقاومه ، وقد استعصى عليه تماما بل بدا وكأنه يحارب طواحين الهواء كما يقولون : خسائره كبيره بينما المقاومه صامده وبقوه …
انتقل العدو الى هدف بديل ثالث وهو تدمير البنيه الاساسيه والصحيه وقتل الاطفال والنساء وتصعيب موقف اعاده البناء حتى تصبح غزه خرابا يصعب معه عودتها الى ما كانت عليه مما يسهل ادارتها
… ثم انتقل العدو الى بديل رابع وهو ان لا يكون لحماس اي دور في مستقبل غزه :
* فهل تحقق هدف واحد من هذه الاهداف ؟ لم يتحقق وليس في الافق ما يوحي بانه سيتحقق ، لذلك يركز العدو الان وبقوه على بديل باقي وعو ضروره تحرير الاسرى لدى المقاومه في مقابل تحرير كل السجناء الفلسطينيين وسجناء لبنان وحزب الله سواء في غزه او في الضفه ؛ من السجون الاسرائيليه لمجرد ان يرجع العدو من العمليات بشيء يحفظ له بعض ماء الوجه بعد كل هذه الخسائر …
في المقابل حركت العمليه شعور الكراهيه الشديد في العالم ضد اليهود واسرائيل وحركت في العالم الاسلامي بقوه الرفض الشديد للعداء اليهودي للاسلام والذي وضعوا من أجله الخطط بتقسيم دول المنطقه ودول العالم الاسلامي من المغرب الى اندونيسيا الى دويلات صغيره تصبح كلها تحت اراده دوله اسرائيل الكبرى ومن خلفها امها الحنون امريكا ، مما حرك حاله من الوعي الشديد والغضب الشديد والتحفز الشديد لدي المسلمين يفسد عليهم خططهم التي وضعوها من عشرات السنين بل ويهدد بتخويلها الى خرب دبنيه تأكل أخضر
الاعداء ويابسهم
…
لم تسفر العمليه عن اي مكاسب بل كانت خسائر العدو جسيمه للحاضر والمستقبل ؛ وعلى الحكومه وعلى قيادات الجيش وعلى اهتزاز السمعه المزعومه بانه جيش لا يقهر ؛ وعلى منظومه الامن الاسرائيلي وكيف انها منظومه هشه للغايه افقدت الاسرائيليين انفسهم الثقه فيها …
★ المقاومه في غزه ؛ وصمود الشعب المذهل؛ اصبح موضوع العالم .. هذا الصمود الجبار امام قتلة الاطفال يمثل بطوله للمقاومه ، وعار على دولة الاحتلال و من يدعمونها هدف كبير أخر تحقق … احياء القضيه ودفعها الى اعلى قضايا العالم اهميه هدف تحقق ، الارباك الشديد للعدو وفتح الجبهات الداخليه على نفسها هدف تحقق ، انهيار الاحساس بالامان لدى العدو بعد ان كان يتباهى به ا هدف تحقق … قوة موقف المقاومه والقضيه في أي مفاوضات هدف تحقق … احراج العدو امام العالم وكشف نظرياته على حقيقتها وفضح خططه وسقوط افنعته هدف تحقق … النموذج الرائع الذي قدمته العمليه للاجيال في العالم وهو ان المقاومه والاراده المخلصه ولو باقل الاسلحه تستطيع ان تنتصر على اشد الجوش قوه ؛وكما حدث في فيتنام وفي افغانستان والصومال ولبنان من قبل يتكرر الان وبقوه رغم زياده قوه الجيوش والمخابرات ، هدف كبير تحقق ،
كل هذه الاهداف تحققت بنسبه كامله ، ومنها ما يتحقق بالتدريج مع الوقت …
★ دول الجوار خصوصا مصر اكتسبت دورا فاعلا في التهدئه من ناحيه ، وخلق وسائل اتصال فاعله بين الاطراف من ناحيه ، ومع العالم للحصول على موقف موحد من ناحية اخرى … اصبحت مصر مركز الامداد الرئيسي للمعونات الى غزه … اصبحت مصر وقطر اطراف فاعله في التاثير على الاحداث ومحاوله ضبط ايقاعها … كلها اهداف تحققت …
كان الاصرار المصري على رفض فكرة التهجير وانضمام الاردن والسلطه الفلسطينيه بقوه له ودعوة مصر لمؤتمر دولي حضره اكثر من 30 دوله وخمس منظمات عالميه في اقل من 48 ساعه ليخلق افقا عالميا لرفض فكره التهجير وتصفيه القضيه و نجح بقوه في هذه المهمه هدف تخقق … موقف مصر وقرارات المؤتمر ثم القرارات العربيه تقول للعدو ان الحلم الذي تخططون له من سنين وسنين لن يكون ولن يتحقق …
★المحيط العربي والاسلامي شهد نشاطا شعبيا وصحوه لم تكن على البال ، بعد ان كان فد تم تجهيزه من عقود طويله لنوم عميق للراي العام لتمهيد الطريق امام خطط اسرائيل وامريكا لتمزيق العالم الاسلامي والمنطقه الى دويلات كثيره تعجز عن التفكير في المقاومه ويصبح لاسرائيل الكبرى القوه العظمى بعد ان تمتد اولا من النيل الى الفرات ثم بعد ذلك من المغرب الى ايران وباكستان ودول وسط وجنوب اسيا الاسلاميه … هذا حلم موجود في الكتب والمخططات الاسرائيليه والامريكيه وينتظر الفرصه لتحقيقه ، ولكن اصبح وعي المنطقه والسكان به كبيرا وتحفزهم لمقاومته يدمر الحلم قبل ان يتحقق …
★المحيط العالمي بشكل عام اسقط الاقنعه تماما عن وجوه بعض الدول التي تتحدث عن القانون الدولي وحقوق الانسان والقيم والاخلاق وهي كاذبه ، وكشف انها مجرد أقنعه تخدع الشعوب لتنقض عليها دون الحاجه الى تدخل عسكري … سقطت اقنعه عدد من المنظمات الدوليه ، ولابد للعالم ان يفكر بشكل جديد في منظومه عالميه جديده تحقق العدل والمصالح المشتركه للجميع …
★ نجاح مذهل حققته ،،طوفان الاقصى ،، وبدايه جديده للقضيه والمنطقه والمحيط الاسلامي والمحيط الدولي والمنظمات الدوليه … لم يكن يحدث دون هذا الزلزال الكبير الذي له ما بعده ، و نكسه بكل المقاييس للخطه الاسرائيليه/ الغربيه لاعادة استعمار العالم الاسلامي ، لها ايضا ما بعدها …
لن يكون العالم بعد طوفان الاقصى هو ما كان عليه قبلها
★خالص العزاء للشهداء ، والشفاء العاجل للمصابين ، وعوض الله الصامدين من اهل غزه عما فقدوه : الشهداء في الجنه يشفعون لابائهم وامهاتهم الذين لم يلحقوا بهم ، والصامدون يكفيهم ما ادخلوه الى الاسلام من اعداد جديده كبيره في العالم وما غرسوه في نفوس كل الشعوب من قيم نسيتها الشعوب ، ويكفيهم انهم طهروا انفسهم وبلدهم من دنس الحقته بهم او حاولت بعض المنظمات الاجنبيه لتخرجهم عن دينهم واخلاقهم وقيمهم وفطرتهم ، كلها اهداف نبيله تهون دونها أي تضحيات …
★اسعد الله اوقاتكم بكل خير .