بقلم د / حسن اللبان
جدلية العلاقة بين الواقع والأدب لها استمرارية طويلة ، كيف يتكون الواقع بين معالم الأدب وتتم الانطلاقة من خلاله لصنع الاندهاش تجاه العالم عند المتلقي وخلق سيرورة متحركة للمشاعر الإنسانية تجعلها تفيض وتنضح و تتسامى وتموت ، كيف يتم إحالة مشاهد الواقع إلى ثيمات وانعكاسات جمالية ؟. الواقع في الأدب يتم صقله وإعداده و نزع طبيعته عنه ليبدو متجانسا ومتماسكا على الرغم من هذا التميع في الجو العام وشحنه بالمدلولات التي قد تكون ألوان
أو علامات أو مناظر طبيعية أو صور تذكارية أو قطع لعب مرمية فهنا ينبثق الحس الدلالي المتجدد بالشيء الذي يمكن أن يصبح مفهوم أو فكرة وهنا نستذكر قول لأرسطو : “نشأة الأشياء مردها إلى الفن أو الطبيعة و الحظ أو التلقائية ” .
كيف تظهر الشخصية في اللعبة السردية أو الروائية أو المسرحية لتكشف عن كينونتها وتفرض واقعة وجودها وحدسها وصراعها الداخلي ، وتبلغ حد شفافية الذات أو الانتصار المزعوم أو الهزيمة المأساوية أو التلاشي وسط
ازدحام تأثيرات الشخصيات الأخرى ، كيف تجعل التراجيديا والكوميديا الشخصية تترنح بين المنظومة الأخلاقية المعدلة
حسب معايير الربح والخسارة ماديا أو عاطفيا أواجتماعيا
فهذه هي الواقعية التي تمنحها الشخصيات لنفسها وليس التي تمنحها لها القراء ، والتي تجعلهم أن يكونوا أو لايكونوا بمحض إرادتهم وليس إيجادهم بشكل قسري أو إقحامي ضمن العمل من قبل الكاتب لأنها عملية انسيابية و اندماجية
تنتج عن الرباط المحسوس بين الشخصيات وعلاقاتها . الواقع في الأدب يجعلنا نكتشف بأن واقعنا مجزأ من الواقع
الأبدي والواقع الحقيقي والواقع الإبداعي والواقع الحميم والواقع المرئي العنيف الذي يصل إليه إدراكنا فقط .